أذكّر قادتنا الميامين في دول مجلس التعاون أن بين ظهرانينا ما يقارب 7 ملايين عامل 95 % منهم عمالة أجنبية أي غير عربية وأن أمن الخليج العربي نتيجة لذلك الخلل السكاني في خطر عظيم. كنا في سابق الأيام نبحث عن عمالة رخيصة الأجر، قليلة المشاكل، عالية الطاعة أما اليوم فالصورة مختلفة. الأجور تفرضها الدول المصدرة للعمالة، وحتى الإجازات وساعات العمل كلها تفرض من الخارج وبإشراف دولي، وأصبحت وزارات العمل في دول المجلس منشغلة بتحسين حالة العمالة الأجنبية على كل الصعد، وأصبحت هذه الدول تسن قوانين لحماية حقوق العمالة الأجنبية ولا اعتراض على ذلك إطلاقا لكن الاعتراض على الوزارات المعنية أنها تناست حقوق المواطن على هذه العمالة، وإن مستها في اللوائح والقوانين التي تصدرها فإنها تكون على استحياء.
إن من مخاطر هذه العمالة غير المؤهلة أنها لا تعرف عادات وتقاليد وقوانين أهل الخليج الأمر الذي يؤدي إلى ارتكاب الجرائم الخشنة إلى جانب السرقات وغير ذلك من الجرائم. لغتنا العربية في تراجع رهيب على كل المستويات لأن اللسان العربي كُسر من أجل أن يفهم العامل ما نريد منه. أعتقد أنني لست في حاجة الآن لسرد أنواع الجرائم المرتكبة هنا في قطر أو في دول المجلس.
(2)
الأمر الآخر الذي أريد تذكير قياداتنا السياسية به هو: أن حرب الخليج الثانية (العراق ــ الكويت) أجفلت عن العراق الشقيق عمالة ماهرة في كل الحقول من عمال بلدية في مستوياتها الدنيا إلى عمالة ماهرة إلى أساتذة جامعات وصحفيين وكتاب ومهندسين ومحاسبين وأطباء وصيادلة وممرضين باختصار ثروة عراقية بشرية أجفلت عن أرض العراق ولم تتلقها دول المجلس فاستفادت منها إيران وتركيا إلى جانب الهجرة إلى أستراليا وكندا أعني كل الدول الغربية وأمريكا ولم نستفد منها نحن العرب.
هل يعلم قادتنا الميامين أن إيران استقطبت كل الكوادر العراقية العاملة في مجال التسلح والطب والهندسة، وكذلك استقطبت العلماء في مجال التسلح والتصنيع عندما انهار الاتحاد السوفيتي وهي اليوم نتيجة عملها ذلك دخلت معراج صناعة السلاح المتقدم وكذلك العمل للحاق بالدول النووية، أما نحن فقد انشغلنا بما لا يجب الانشغال به وخسرنا وربح غيرنا.
(3)
اليوم يا عرب الخليج نرتكب ذات الأخطاء ـــ التي ارتكبناها تجاه اللاجئين العراقيين في الحربين على العراق حرب الحصار وعاصفة الصحراء وحرب احتلال العراق ــــ مع المهاجرين واللاجئين السوريين الذين يعيشون في مخيمات اللجوء في لبنان والأردن وتركيا وأماكن أخرى من العالم. العمالة السورية مشهود لها بالكفاءة والمهارة والجلد وحب العمل في كل الأجواء لماذا وزارات العمل في دول مجلس التعاون لا تقدم على استقطاب تلك القوى السورية التي تعيش في مخيمات اللجوء وأنهم على استعداد للحياة بذات الدخل الذي يحصل عليه العامل الآسيوي ولن يكون من هذه العمالة أي مخاطر على الأمن بكل مفاهيمه.
صحيح أننا في قطر مرينا بتجربة مُرة مع العمالة السورية في فترة من فترات الزمن في الأعوام القليلة الماضية.. تلك السلبيات التي حدثت من تلك العمالة في تلك الفترة يتحمل مسؤوليتها الذين صُرح لهم باستقدام عمالة سورية لم تحدد مهنهم من قبل فلم يحسنوا الاختيار لقد اتجهوا إلى أفراد لا عهد لهم بالمدن ولا بحياتها وعلى ذلك حدث ما حدث.
اليوم الوضع متغير بإمكاننا استقدام العمالة السورية الماهرة بضوابط محددة من مخيمات اللجوء في دول الجوار أو في مناطق النزوح في الداخل السوري إن العون والمساعدة التي تقدمها لهم الجمعيات الخيرية مساعدات مؤقتة يشكرون عليها لأنها تحل حاجة لحظية وما نرغب فيه ونتمناه هو استخدام العمالة السورية للذين يعيشون في مخيمات اللجوء ويملكون مهارات عمل كل في اختصاصه وحسب مؤهلاته.
آخر القول: العمالة العربية إذا حسن اختيارها وإذا عرفوا قواعد الحياة في المجتمعات الخليجية سيكونون عونا لنا لا علينا، فهل سيتحقق الحلم أتمنى ذلك.
محمد صالح المسفر/اللاجئون السوريون ودول مجلس التعاون
11
المقالة السابقة