عروبة الاخباري – كتب سلطان الحطاب – لم يكن لقائي مع اقدم وزير خارجية عربي يوسف بن علوي وزير الخارجية العماني هو الاول وانما التقيته اكثر من مرة كان احداها اجراء مقابلة طويلة معه في برنامج حوار مع كبار الذي بثه التلفزيون الاردني قبل حوال سنة وقد اجريتها في مكتبه ..
اعود لالتقيه الاسبوع الماضي في لقاء لم يكن معدا مسبقا وانما ابديت رغبتي في زيارة مكتبه والاستماع اليه وقد حقق لي هذه الرغبة سفير السلطنة السابق في عمان الشيخ مسلم بن بخيت البرعمي الذي يراس احدى اهم الدوائر في الخارجية العمانية الان ..
كنت اربط بين كلام الوزير بن علوي ورؤيته لقضايا عديدة في المنطقة من بينها الدروس المستخلصة من الربيع العربي والحالة السورية وعلاقات السلطنة بايران وموقعها في مجلس التعاون الخليجي وفهم قادة السلطنة للتعامل مع الشباب والانفتاح الذي تشهده السلطنة في مجال الاستثمارات الكبيرة والسياحة والقفزات الواسعة والنوعية في التنمية العمانية وسياسة التعمين والاعتماد على النفس..
كانت زيارتي للسلطنة للمشاركة في مؤتمر تطوير العلوم الفقهية الذي تستضيفه عمان للمرة الثالثة عشرة وقد كان ذلك فرصة للقاء اكثر من مسؤول عماني وفي مقدمته وزير الخارجية ووزير الاعلام وقد قارنت بين ما قاله الوزير من اجوبة حول الاسئلة التي اثرتها وبين اجاباته قبل حوال سنة وادركت ان عند الرجل رؤية تصدر من مواقف استراتيجية وعملية تنهجها السلطنة وان هوامش الارتجال معدومة والاجتهاد يصب في اطار المصلحة العامة للدولة العمانية والصالح العربي و الاقليم..
لا جديد في قول الوزير ان الشعب السوري يقرر مصيره وان على المجتمع الدولي مساعدته في وقف سفك الدم فقد قال ذلك منذ البداية..
والوزير يرى ان الربيع العربي في مظاهره مدبر و مخطط له في جوانب كثيرة من مجرياته وهناك من عمل على تسيسه في الخارج او بالادق من خطط ودبر وهو رديف الفوضى الخلاقة في المصطلح الاميريكي وقد اثبتت الوقائع صدق رؤية الوزير التي اطلقها في وقت مبكر من مجريات الربيع العربي في اكثر من ساح..
بن علوي وبحكم خبرته الطويلة في سياسات الاقليم يعتقد ان الجدل الذي دار في مجلس التعاون الخليجي حيث جرى موضعه وجهات النظر شيء طبيعي وعمان لم تات بجديد وهي تؤكد وجهة نظرها المستندة الى مصالحها والمصالح المشتركة..
وان الخلافات لا يجوز ان تفسد للود قضية وان الحوار مع الجوار وبقاء العلاقات الطيبة موصولة هو فلسفة العلاقات الدولية المعاصرة الصحيحة ..
بن علوي يواكب بدقة احداث الاقليم ولديه قدرة عميقة على تفسير الكثير من الظواهر التي يراها البعض طارئة في العنف واساليب الجماعات المتطرفة وما تجره من ويلات وهو يستعين على الفهم بقراءات تراثية وتاريخية ظل يتسلح بها لاضاءة الواقع المعقد والمستقبل الذي ستصله المنطقة والذي يكتنف جوانب عديدة منه الغموض كنت وعدت الوزير ان لا يكون كثير من كلامه للنشر حتى استمع الى آراءه بصورة افضل واوضح وهو على راس الدبلوماسية في بلاده ومع انه رخص لي النشر الا انني سابقى على موقفي فالرجل ياسرك بخلقه وذكائه وليس سهلا ان تبني ثقة عميقة مع شخصية كهذه ان لم يكن لذلك سياق ملموس ومعطيات حقيقية .النهج العماني كما قال الوزير لم يتغير حتى وان كنا قد عبرنا عن آراءنا بوضوح وردودنا على بعض الاراء الاخرى فهذا نهجنا كان ومازال وقد لا يكون البعض قد عرفوا عنا هذا النهج ولذا فاننا لم نتبع مواقفنا باي حملات اعلامية ولم نجند اعلاما للنيل من وجهات النظر الاخرى فقد تركنا الاشياء الواقعية تعبر عن نفسها ..
قدم الوزير قراءة واقعية للحالة الفلسطينية التي يتبعها ويضعفها الانقسام وللحالة العربية ودعى الى اتقان التعامل مع التيارات الاسلامية وفهم مقاصدها واحتوائها والحوار الاوسع معها والذي هو افضل من الصدام وراى ان دوائر خارجية حاولت ان تزرع من خلال الربيع العربي تجاهات تفتيتية تصيب التراكيب التقليدية في عالمنا العربي وتجره الى مزيد من الضعف والانقسام ..
افدت كثيرا من لقاء الوزير واذا كنت قد عرضت لبعض حديثه فانني اشفق ان اكون قد حملت الكلام فوق او دون ما يحتمل ولكني اجتهدت بحسن ظن عل ان يكون لي من هذا اجر المجتهد ..
فالرجل بطبيعته دقيق ويضع الكلمات حيث تكون المعاني وحيث يحرص ان تبقى الدبلوماسية ابرز صفات نهجه وحواراته ..
رحلتي في عُمان .. مع وزير الخارجية على فنجان قهوة ( 3)
14
المقالة السابقة