عروبة الإخباري – أكد جلالة الملك عبدالله الثاني أهمية البناء على نتائج تقرير لجنة التخاصية، والاعتماد عليها في إعداد الاستراتيجيات الاقتصادية المستقبلية، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وأثنى جلالته، خلال استقباله في الديوان الملكي الهاشمي رئيس وأعضاء لجنة تقييم التخاصية، بحضور رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور، والذي كان قد تسلم تقرير اللجنة في وقت سابق اليوم، على الجهود التي بذلتها اللجنة في إعداد التقرير، والتي تعبر عن نهج الشفافيّة الذي يلتزم به الأردن قولا وعملا.
وأشار جلالته، خلال اللقاء، إلى أهمية قيام الحكومة بدراسة التقرير بعمق لتقييم الواقع واعتماد توصياته في إعداد الاستراتيجيات المستقبلية، وبما يتماشى مع التوجيهات التي تضمنتها الرسالة الملكية يوم أمس لرئيس الوزراء.
وتزامن تسليم تقرير لجنة التخاصية مع رسالة وجهها جلالة الملك إلى رئيس الوزراء يوم أمس دعا فيها إلى وضع تصوّر مستقبلي واضح للاقتصاد الأردني للسنوات العشرة المقبلة، وفق إطار متكامل يعزز أركان السياسة المالية والنقدية ويضمن اتساقها، ويُحسِّن من تنافسية الاقتصاد الوطني، ويُعزِّز قيم الإنتاج والاعتماد على الذات، وصولاً إلى تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، وتأمين الحياة الكريمة والمستقبل المشرق “لأبناء وبنات أردننا الحبيب”.
ولفت جلالته إلى ضرورة الاستفادة مما تضمنه التقرير، ونشره ليتمكن الجميع من الاطلاع عليه، مشيراً إلى أن النجاح لا يحدد بعدم ارتكاب الأخطاء، بل من خلال القدرة على استخلاص العبر منها.
واستمع جلالته، خلال اللقاء، إلى شرح قدمه رئيس لجنة تقييم التخاصية، الدكتور عمر الرزاز، حول مسار ومحاور عمل اللجنة منذ تشكيلها، والمراحل التي مر بها التقرير الذي سلمته اليوم إلى الحكومة.
وعرض الرزاز أهم النتائج التي تضمنها التقرير، لافتاً إلى استناد اللجنة في عملها على الأرقام والحقائق في تقييم عملية الخصخصة ونتائجها.
وحضر اللقاء رئيس الوزراء، ورئيس الديوان الملكي الهاشمي، ومدير مكتب جلالة الملك.
يشار إلى أن لجنة تقييم التخاصية تم تشكيلها العام الماضي بتوجيه ملكي إلى رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور، وتضم نخبة من الخبراء المحليين والدوليين وأصحاب الخبرة الموثوقة في مجال السياسات الاقتصادية والاجتماعية بهدف تقييم سياسات وعمليات الخصخصة، والوقوف على الأثر الاقتصادي والاجتماعي لها، بناء على الحقائق والأرقام والوثائق لاستخلاص الدروس والعبر، وتوفيرها للمواطنين بكل شفافية، ولتكون مدخلات يتم تضمينها في السياسات الاقتصادية والاجتماعية المستقبلية.
وفي مقابلة مع وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، قال رئيس اللجنة الدكتور عمر الرزاز إن أبرز نتيجة لتقرير تقييم التخاصية هي أن برنامج التخاصية حقق نجاحات مهمة تم التركيز عليها، وكان هناك بعض الإخفاقات وتم التركيز عليها أيضا للقناعة الراسخة بأن “الدول الناجحة ليست الدول التي لا تخطئ، بل هي التي إذا أخطأت تتعلم من أخطائها، تراجعها وتوثقها وتدخلها في رؤيتها المستقبلية حتى لا تتكرر”.
وأضاف أن أهم النتائج “تتلخص في البعد الاستراتيجي والتشريعي والتنفيذي؛ ففي المجال الإستراتيجي من المهم التركيز على المصداقية والشفافية في كل عمليات الخصخصة”.
وحول البعد التشريعي، أشار إلى الحاجة الماسة لتشريع قانون للشراكة بين القطاعين العام والخاص، مبنى على نقاط القوة لدى الطرفين، بما يحدد الأدوار والمسؤوليات، ويحمي حق المواطن والدولة في ثرواتها، مؤكدا في هذا السياق أنه لا بديل للأردن عن مثل هذه الشراكة في ظل الحاجة إلى جذب استثمارات كبيرة في مختلف القطاعات.
وشدد على أهمية متابعة الشركات بعد خصخصتها “لتجنب الثغرات فيما يتعلق بالتزام الشركات بتنفيذ مسؤوليتها”.
ومن الناحية التنفيذية، أوضح الدكتور الرزاز أن تقرير لجنة تقييم التخاصية تضمن مجموعة التوصيات المتعلقة بحقوق العمال الذين أنهيت خدماتهم ولا يستطيعون الجمع بين الضمان الاجتماعي والتقاعد المدني، وتوصيات أخرى لها علاقة بالمستهلك وسبل تعزيز التنافسية.
ولفت إلى أن غياب المعلومات والحقائق عن الرأي العام أسهم في خلق حالة من الشك وعدم اليقين لدى المواطن حيال تجربة الخصخصة، حتى جاء التوجيه الملكي للحكومة بإجراء مراجعة شاملة لكل المرافق التي طالتها الخصخصة لمعاينة آلية وسلامة الإجراءات التي اتبعت خلالها، وأثرها الاقتصادي والاجتماعي.
وحول آلية عمل اللجنة، قال الدكتور الرزاز إن اللجنة عملت على الإجابة عن ثمانية أسئلة عن كل عملية خصخصة، تتمحور حول لماذا لجأت الحكومة إلى خيار الخصخصة، وهل اتبعت الإجراءات القانونية والدستورية والإدارية الصحيحة، وهل تم تقييم هذه الشركات بالشكل الصحيح، وهل تحسن أداءها بعد الخصخصة، وهل جرى ما يكفي من التوعية للمواطن والعامل في هذه الشركات، وماذا كان الأثر على العاملين في هذه الشركات، وكيف أثرت آلية الخصخصة على الاقتصاد الكلي، وأين ذهبت عوائد التخاصية؟ وبين أن الفريق الذي قام على دراسة كل حالة خصخصة، تكون من فنيين في المجال القانوني والمالي والتدقيق والمجال الاقتصادي، حيث شارك فيها عدد من الخبراء الأردنيين والشركات الأردنية التي لم يكن لها علاقة، لا من قريب ولا من بعيد، في إجراءات التخاصية “ليكون عندهم الحياد والموضوعية التامة”.
من جانبه، قال المدير الإقليمي ورئيس بعثة مؤسسة التمويل الدولي في الأردن الدكتور أحمد عتيقة، عضو اللجنة، إن دراسة التخاصية جاءت لتقييم عملية الخصخصة بكل جوانبها في الأردن، على شكل تقييم مستقل وجاد للتجربة.
وأضاف أن التوصيات التي خرجت بها اللجنة، ستكون محط اهتمام المؤسسات الدولية، التي ستلعب دورا مستقبليا في تنمية القطاع الخاص والشراكة بين القطاعين العام والخاص سواء من الناحية التمويلية أم الاستشارية.
وأكد أن تجربة الخصخصة شابها بعض أوجه القصور، الأمر الذي يتطلب التركيز من جميع الأطراف على تلافي الإخفاقات، والمضي قدما في تجربة الخصخصة بشكل ناجح، يلبي احتياجات المواطن الأردني والقطاع الخاص في المملكة لجذب استثمارات جديدة على أساس ناجح ومستدام.
بدوره، قال عضو اللجنة، مدير صندوق التضامن الإسلامي للتنمية، التابع للبنك الاسلامي للتنمية، الدكتور بشير عمر فضل الله، إن ما يميز دراسة برنامج الخصخصة أن الأردن يعد أول دولة على مستوى المنطقة تختار بمحض إرادتها أن تجري تقييما كاملا لعملية الخصخصة “وهذا سيكون له أثر إيجابي على تصنيف المملكة في جدول الشفافية العالمية”.
وأكد أن تقرير اللجنة يعد خطوة جادة للوقوف على الحقائق، وهو ما سيساهم في جذب الاستثمارات الخارجية من القطاع الخاص الدولي إلى المملكة.
وقال إن الدروس والنتائج التي توصلت لها اللجنة يجب أن يتم استخدامها في رسم السياسات المستقبلية، “وهذا ما وجه به جلالة الملك الحكومة التي وعد رئيسها بأن تجد هذه النتائج والتوصيات طريقها إلى السياسات الاقتصادية المستقبلية”.
وقال عضو البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، إيفان ميكلاوس، عضو لجنة التخاصية، في مقابلة مع (بترا)، إن التخاصية كانت مهمة بالنسبة للأردن لتحسين أداء الشركات وزيادة تنافسية الاقتصاد الأردني.
ولفت إلى نجاح تجربة الخصخصة في المملكة عند مقارنتها مع تجارب بعض الدول الأوروبية كون الخصخصة في الأردن تمت بمهنية وبمستوى تنظيمي، بسبب وجود مؤسسات لها خبرة في إدارة اقتصاد السوق في المملكة.
وأكد ميكلاوس أهمية بذل جهود أكبر لتعريف المواطنين بأسباب الخصخصة لأي مشروع في المستقبل، والأهداف التي يسعى إلى تحقيقها، وخلق وعي لضمان الفهم الأفضل لمبررات الخصخصة، وأن تتم إجراءاتها بشفافية وتنافس بين الشركاء الإستراتيجيين الذين يهتمون بحوكمة الإجراءات ونقل الخبرة والتكنولوجيا.