كان من المستغرب اعلان الناطق باسم الوفد السوري المعارض الدكتور لؤي صافي ان وفد النظام الى مؤتمر جنيف يفتقد المرونة المطلوبة، ولكأنه كان يصدق ان النظام ارسل وفده الى جنيف للاتفاق على حل مع من يعتبرهم ارهابيين يجب القضاء عليهم!
المرونة المطلوبة؟
منذ اللحظة الاولى للمؤتمر وضع وليد المعلم عربة الحرب على الارهاب امام حصان “جنيف ١”، والورقة التي قدمها وفد النظام شكّلت خريطة طريق إلتفافية على أي حل، من خلال الدعوة الى مكافحة الارهاب وإلزام دول الجوار وخصوصاً تركيا والاردن والدول الممولة للجماعات الجهادية في منطقة الخليج، وقف التسليح والدعم المالي واغلاق الحدود.
وعلى امتداد خمسة ايام رفض هذا الوفد التطرق الى عملية الانتقال السياسي مكرراً انه لم يذهب لتسليم السلطة وان الشعب السوري هو الذي يقرر مستقبله، على رغم ان دعوة الامم المتحدة الى المؤتمر نصت صراحة على ان المحادثات تتركز على كيفية تطبيق توصيات “جنيف ١”، وخصوصاً البند العاشر الذي يدعو الى تشكيل هيئة حاكمة كاملة الصلاحيات تعمل لوقف العنف وعزل الجماعات الارهابية وترتيب انتخابات حرة.
حتى عندما راهن الاخضر الابرهيمي على تسجيل اختراق بسيط، عبر تركيزه على الناحية الانسانية التي لا يستطيع الوفدان التنكر لها امام اعين العالم، حاول وفد النظام ان يستغل الأمر لمنافع عسكرية، عندما طلب الحصول على قوائم بأسماء المحاصرين في حمص وعدد المقاتلين والمدنيين منهم، ثم كانت مطالبته بإجلاء المحاصرين الى خارج المدينة المدمرة وهو ما سارعت المعارضة الى القول انه محاولة لتغيير الخريطة الديموغرافية في تلك المنطقة!
كان واضحاً ان النظام يريد تغيير مسار التفاوض حتى قبل عقد جنيف عبر اسقاط كل حديث عن الانتقال السياسي، وتقديم موضوع الحرب على الارهاب كمسألة ملحة وبما يدغدغ مشاعر دول كثيرة تخشى تنامي الحركات التكفيرية مثل “داعش” و”النصرة”، على رغم تقارير متلاحقة تؤكد ان النظام هو الذي صنع وحش الارهاب ويستخدمه لإجهاض الثورة ودائماً تحت شعار “الشعب السوري وحده هو الذي يقرر مستقبله”، في حين يستمر ذبح هذا الشعب منذ ثلاثة اعوام.
لست ادري لماذا بدا الابرهيمي مصدوماً وكأنه فوجئ بعمق الفجوة بين الوفدين او لكأنه (حرام) كان يصدّق انه يملك فرصة لوضع “جنيف ١” في وجه الحل العسكري، الذي تمادى في العنف منذ اربعة ايام، وتحديداً في حمص حيث سقط ما يقرب من ٤٠٠ قتيل، بينما كان الحديث يدور على ايصال المساعدات الانسانية اليها… لكن “جنيف ٢” كشف على الاقل، مناورة الاسد لجعل الحرب على الارهاب مقبرة لعملية الانتقال السياسي!