أمس الأول، التقيت بالدكتور محمد الذنيبات وزير التربية والتعليم، وسألته عن أبنائنا في العقبة، ما ذنبهم أن لا يتلقوا تعليما في المدارس كسائر أبناء الناس؟ وهل تم الوصول الى حل لمشكلة إضراب معلمي العقبة؟ فأجابني الوزير بأننا نوشك أن نصل لحل مع نهاية هذا الأسبوع، وفي توضيح منه لطبيعة مطالب معلمي العقبة، فهمت أن المعلم من ابناء العقبة أو القادم من خارج محافظة العقبة، على السواء، يريدون بدلا شهريا عن السكن ومقداره 160 دينارا، يطلبونه من الحكومة الأردنية ومن سلطة إقليم العقبة..!.
وفي اتصال هاتفي مع النائب مصطفى الرواشدة؛ نقيب المعلمين، سألته السؤال ذاته، فتحدث عن وجود بضع صيغ مطروحة من قبل النقابة أو من قبل فرعها في العقبة، وداهمته بافتراض منطقي: ماذا لو منحت الحكومة والسلطة لكل معلمي العقبة مثل هذا المبلغ الشهري، هل تضمن أن لا يطالب اي معلم في أي مكان في الأردن بمثل هذا المبلغ؟ فأجابني النقيب: نعم وأنا أول من سيطالب بمثله، وهذا دليل على أن نقيب المعلمين لا يرى مثل هذا المطلب منطقيا، ولا ضمانات أن يقوم كل معلم في الأردن بالمطالبة ب 160 دينارا، كالتي تم منحها للمعلم في العقبة.. لكنه قال، إنه وبغض النظر عن موقفه من المطالبات يقف مع مجلس نقابة معلمي العقبة ويدافع عن مطالبهم!
من هو الطرف المظلوم في مثل هذه المعادلة الغريبة؟ أعني ماذا عن الناس وعن مستقبل أبنائهم في المدارس؟.
أي جيل هذا الذي ننتظره لمواجهة المستقبل المجهول، خصوصا حين يقوم حامل الرسالة المقدسة بإهماله واستخدامه ومستقبله مجرد أداء لتحصيل مكاسب «تميّزه» عن سائر الأردنيين؟ كيف سمحوا لأنفسهم بعدم التدريس على امتداد شهر حتى الآن؟ ألا تعتبرون هذا بمثابة ليّ لذراع الوطن وأجياله القادمة قبل أن يكون ليّا لذراع وزارة التربية والحكومة؟..
منذ أن صدر قانون نقابة المعلمين، قلنا، إنّ النقابة ستصبح أداة ضغط وابتزاز للأردنيين، وعند كل رغبة او مطلب عادل أو غير عادل سيدفع طالب العلم الثمن، وسوف يتعطل عن تلقي دروسه اليومية، لأنه في نظر بعض المربين لا يعدو عن كونه سلعة بريئة لتحصيل مطالب نفعية لفئة من الناس، يعتقدون أن لا مواطنين ولا أردنيين غيرهم في الوطن.
يقول وزير التربية، إن راتب المعلم عند تعيينه وحسب التعيينات الأخيرة في أيلول الماضي هو 447 دينارا، وهو يزيد عن نظيره في المؤسسات الحكومية الأخرى حوالي 100 دينار ! ويبدو أن بعض المعلمين يريد أن يرفعه الى فوق 600 دينار للمعلم حديث التعيين، في حال رضخت الحكومة لتبديد أموال الأردنيين ومنحها لفئة منهم، انسلخوا عن أداء رسالتهم المقدسة.
اريد أن أبين موقفي منذ الآن حول مطالبات معلمي العقبة بالتميز عن غيرهم من الناس، أقول : إن قبلت الحكومة او رضخت لمثل هذه المطالبات، سيكون من حقي أن أطالب ببدل سكن، وبدل عن صمتي على «التمييز» بين الأردنيين، وصمتي عن إساءة أمانة بعضهم، وبدل آخر؛ عن الصبر والقهر والحزن على أبناء وبنات مدارس العقبة، اريد بيتا على البحر تتقاذفه الأمواج والأيادي التي تقامر وتغامر بالوطن، وقاربا بل «يختا» كمنزل عائم حد الطيران..أريده عائما.. في بحر العقبة، وليس في مستقبل ومصير أجيال أردنية، تقف بائسة على أبواب مستقبل أصبح مجرد لعبة في أيدي بعض المغامرين..
هل يحق للمواطنين في العقبة تسجيل دعاوى بحق مجلس نقابة معلمي العقبة، يتهمونهم فيها بإساءة استخدام الأمانة؟..
اتقوا الله، ولا تعبثوا بمستقبل أبنائنا وبناتنا، وابتعدوا عن استخدامهم كورقة للمقامرة بوطن .
ابراهيم القيسي/حين يصبح الابتزاز عملا نقابيا
16
المقالة السابقة