تقدر دراسات لمنظمة العمل الدولية ان معدل البطالة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يبلغ 10.3 ، وتؤكد تقارير للبنك الدولي أن الدول العربية تحتاج إلى توفير أكثر من 100 مليون فرصة عمل جديدة بحلول العام 2020. وتشير دراسات اقتصادية واجتماعية ان السبيل الافضل لمعالجة هذا الوضع يكمن في دعم التنمية لقطاع الشركات الصغيرة، باعتبارها المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي والاجتماعي.
وحسب تجارب معظم دول المنطقة ومن ضمنها الاردن فأن نجاح المشاريع الصغيرة يعتمد على ثلاثة مجالات رئيسية وهي، حصول اصحاب هذه المشاريع على التمويل الميسر ( كلف تمويل تقل عن الفائدة المصرفية)، وتنمية مهارات العمل والتدريب، وبناء آليات لتسويق منتجات هذه المشاريع، كما تؤكد التجارب تعاني بلدان نامية من عجز مالي لدعم قطاع الشركات الصغيرة، نتيجة مخاوف مخاطر الفشل وعدم القدرة على التخفيف من المخاطر المالية لدى الممولين التقليديين، لذلك تواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة صعوبات في الحصول على التمويل لبدء مشاريعها أو تطويرها.
الاردن الذي يعاني من بطالة مزمنة حيث ترتفع نسبة المتعطلين عن العمل لـ 13% من قوة العمل، وان الغالبية الكبيرة منهم من الشباب بخاصة بين الاناث، وقد اخفقت كافة الخطط والجهود الرسمية لمعالجة البطالة التي تؤدي الى فقر يتسع وتتجاوز نسبته 14% على اقل تقدير، وان ملف المشاريع الصغيرة ما زال يراوح مكانه برغم المؤسسات والشركات العامة والخاصة التي تسعى لاطلاق مشاريع صغيرة على نطاق واسع في كافة المحافظات.
وفي هذا السياق فأن توفير التمويل الميسر ( شروط تقديم القروض وتكاليف الاموال) يعد من اهم المعضلات، اذ تقدم شركات متخصصة التمويل بكلف مالية مرتفعة تتجاوز اربع نقاط مئوية للاقراض الطبيعي لدى المصارف، والسبب في ذلك ان مصادر الاموال لمعظم هذه الشركات يأتي من المصارف على شكل قروض تضاف اليها النفقات الادارية والمالية ومخاطر عدم السداد، ومن المعضلات الاخرى ضعف جهود التدريب والمساهمة في انضاج دراسات الجدوي الاقتصادية والمالية للمشاريع الصغيرة.
وفي هذا المجال فان جهود صندوق التنمية والتشغيل، ومؤسسة تطوير المشاريع جيدة وتقدم التمويل بكلف ميسرة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، الا ان الاموال المتاحة لهاتين المؤسستين محدودة بالمقارنة مع الاحتياجات المالية الفعلية لهذه المشاريع، وهنا فأن الحاجة تستدعي توفير المزيد من الاموال للتوسع في اطلاق رزم من المشاريع الصغيرة والمتوسطة في كافة المحافظات، والتركيز على القرى والارياف والبادية والتجمعات السكانية.
ان التوسع في اطلاق المشاريع الصغيرة من شأنه ان يخفض مخصصات الدعم المباشر الذي تقدمه الحكومات ضمن الموازنة العامة للدولة سنويا، ذلك بتحويل اعداد كبيرة من متلقي الدعم من خانة الفقر والعوز الى خانة العمل والانتاج بما يساهم في تسريع وتيرة التنمية، وتحسين مستويات معيشة المواطنين، واضفاء العدالة المنشودة في توزيع ثمار التنمية… المشاريع الصغيرة والمتوسطة هي الرافعة الحقيقية لمعالجة الفقر والبطالة في البلاد.
خالد الزبيدي/المشاريع الصغيرة السبيل الأمثل لمعالجة البطالة
16
المقالة السابقة