اتجهت انظار العالم الى اجتماعات قمة العشرين التي اختتمت في سان بترسبيرج، والسبب في ذلك ادراج كل من اشنطن وروسيا الملف السوري على القمة ومحاولة انتزاع الغرب موافقة روسيا والصين لتوجيه ضربات جوية عقابية للنظام السوري، حيث عرقلتها روسيا في الاروقة والمؤسسات الدولية، وقوى تعارض لهذه الضربة العقابية خشية الوقوع في اتون صراع يتجاوز حدود التغيير والاصلاح الى صراع اقليمي دولي يشهد اصطفافا مؤيدا واصطفافا مناهضا، حيث تشهد دول الاقليم حالة شديدة من التوتر والجهوزية، اما للمشاركة في العمليات العسكرية المرتقبة او تحوطا لحماية بلادها ورعاياتها من تداعيات حرب قد يتسع نطاقها. الملفات الاقتصادية التي تواجه الاقتصاد العلم المترنح من ازمات طال امدها منذ العام 2008، الى الديون السيادية لدول منطقة اليورو، الى عجوز مالية وتجارية تهدد موازنات قائمة الدول الصناعية الكبرى ( G7 )، والتحديات الكبيرة التي تواجه الدول الناشئة وفي مقدمتها التهرب الضريبي، ومعالجة هذه العناوين مجتمعة يعد المحرك الرئيس القادر على اعادة الاقتصاد العالمي الى التعافي وبلوغ النمو المنشود، وهي عناوين لملفات بحثتها قمة دول العشرين في اجتماعات دورية وطارئة سابقة الا ان تلك الاجتماعات بما فيها قمة سان بترسبيرج، لم تستطع دفع قاطرة الاقتصاد العالمي الى الامام وفق خطط ملزمة ماليا واقتصاديا.
تقديم الملف السوري والرغبة الغربية في الاطاحة بالنظام السوري لم تجد من يتيح لها ذلك حيث طرحت روسيا موقفا واضحا مناهضا للخطة الامريكية والغربية، وطرحت البديل السياسي المتمثل بالحوار السياسي باعتباره الطريق الاسلم، ذلك بدفع جميع الاطراف الى مائدة المفاوضات لايجاد حلول سياسية ترضي جميع الاطراف بما يؤدي الى وقف القتل والتدمير وصولا الى استخدام الاسلحة الكيمياوية التي يتبراء طرفا الصراع من مسؤوليتها.
والثابت وفق البيان الختامي لقمة العشرين ان الملفات المالية والاقتصادية العالمية تم ترحيلها لاجتماعات قادمة، مع اظهار نوع من الامتنان لاستعدادات مجموعة دول الاقتصادات الصاعدة ( PRIC ) التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين، في المساهمة بتحسين اداء الاقتصاد العالمي، اما الملف السوري فقد وضع موسكو وواشنطن على طرفي نقيض، اي ان التحرك العسكري الامريكي ضد سوريا قرار اتخذ مع وقف التنفيذ، وان المرحلة المقبلة ستشهد مفاوضات وحوارات معلنة وسرية بين المعسكرين لحل هذه العقدة التي باتت مستعصية على الحل ضمن المعطيات الراهنة، مع ايجاد حلول لازمات الاقليم والمحافظة على مصالح روسيا واصدقائها.
خبراء ومحللون يؤكدون ان حل الملف السوري يرتبط بشكل مباشر بجميع الملفات العالقة في المنطقة العربية، وان حجر الرحى لهذه الملفات يكمن في حل المرحلة الاخيرة من الصراع الاسرائيلي والفلسطيني، وان ذلك لن يتحقق الا من خلال دفع اليمين الاسرائيلي الى قبول اقامة دولة فلسطينية قادرة على الحياة…ولنا في عبرة الاحدات السياسية والعسكرية التي مهدت لمؤتمر مدريد مطلع تسعينيات القرن الماضي.