أتفق مع ما ذهب اليه نبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني وما ذهب اليه مفتي لبنان الشيخ محمد القباني أيضاً من أن الذي فجر في الضاحية الجنوبية أيام العيد وفجر في طرابلس في شمال لبنان أمس الأول هو نفسه من أجل خلط الوراق في لبنان وجره إلى الفتنة وهذه الجهة التي عملت هذه الجرائم هي عدوة للبنان ..لكل الشعب اللبناني على اختلاف طوائفه ومدارسه السياسية وهي أشبه بالطابور الخامس أو ذلك الذي يكمن بين فريقين متخاصمين متهادنين فيطلق على هذا ويطلق على هذا ليشتبكوا ثم ينسحب طالما اشتعلت النار ..
نعلم أن لبنان خرج من حرب أهلية استمرت أكثر من (20) سنة أكلت الأخضر واليابس فيه وهجرت الملايين من أبنائه وشردت وقتلت الأطفال والنساء..فهل اعتبر اللبنانيون وهل نسوا ما جرى لهم ؟ هذا السؤال يبدأونه لن يجاب عليه الآن فما زال جرح الحرب الأهلية غضاً وما زال هناك من يتذكر وهناك من لا يريد ان يتذكر واذكر ما ظل يردده رئيس الوزراء اللبناني حين قابلته في حوار تلفزيوني عبارته الشهيرة حين ذكرت الحرب الأهلية اللبنانية قوله ( تنزكر وما تنعاد) وها هو الآن يعود من انتقاليته ومن مرحلة تسيير الأعمال للحكومة ليتعاطى مع الحدث المفجع في مدينة طرابلس. والسؤال هل يجر لبنان إلى الحرب الأهلية مجدداً؟ هل يدمر نفسه بنفسه إن سمح للمؤامرة عليه أن تمر أم تتراص صفوفه ويعمل بيد واحدة ليوقف أولئك الذين يحفرون في جداره نافذة ليدخلوا منها..
لقد أخطأ حزب الله في حربه إلى جانب النظام السوري حتى وإن كانت هذه المشاركة في اجتهاده ضرورية وهامة كبقائه لأنه وضع مصلحته ومصلحة نظام سوريا فوق مصلحة لبنان وتركيبته التي لا تسمح بمثل تلك المشاركة وبالتالي ساعد حزب الله على الانقسام اللبناني الذي سمح بدوره بمثل هذه العمليات في الضاحية الجنوبية وطرابلس أن تحدث..
يجري تسخين لبنان ليصل إلى نفس درجة سخونة سوريا وبالتالي وضعه على نفس درجات الاحتمال التي تواجه سوريا التي سيتخذ من استعمال السلاح الكيماوي فيها ذريعة لغزوها بغض النظر عن الفاعل وهذه الذريعة كانت سبباً دولياً اعتمدته الولايات المتحدة لاحتلال العراق فهل يتكرر النموذج في ذلك؟..
على القادة اللبنانيين أن يستدعوا ذاكرتهم وارادتهم ومصالح وطنهم الآن بسرعة وأن يلتقوا ولو في الحد الأدنى الوطني لحفظ ترابهم الوطني المهدد من الجنوب من جانب اسرائيل واستقرار بلدهم وأمنه وسلامته المهدد بالتدخلات سواء القادمة غلى لبنان أو الصادرة منه وأن لا تراهن المقاومة اللبنانية الا على اللبنانيين أنفسهم لأن رهانها على غيرهم و ربطها بمصالح خارجية ما لبثت ان عبرت عن نفسها في لبنان وعلى حساب لبنان كما تفعل ايران الآن وكما يفعل النظام السوري الذي سلف حزب الله ويستعيد الآن التسليف..المنطقة كلها ما زالت على كف العفريت الذي يمكن تسميته وهو معروف لمن يريد الحقيقة ومتنكر لمن يريد الهرب منها فمن الذي اشعل شعارات الانتقام والاحتراب بين السنة والشيعة وغيرهما من الطوائف أو حتى العرقيات ما بين العرب والأكراد في سوريا أيضاً أو حتى داخل المذهب الواحد..الأخوان المسلمون والشعب المصري الذي هو في أغلبيته مسلم سني وتحديداً شافعي المذهب..
أمام الوضع اللبناني الخطير الذي يجري التربص به من جانب اسرائيل التي بدأت تعكر مياهه بأدوات مستأجرة فإن المطلوب اليقظة والانتباه فلم يعد هناك عاصمة أو بلد عربي آمن اذ جاء الربيع العربي الذي أملنا منه التغيير الايجابي ليفتح باب الانقسامات التي بدأت قبله حين لم نكن نعرف من هو السني من الشيعي في العراق ولا من هو الشرقي من الغربي والشمالي من الجنوبي في وغيره من بلداننا فكيف بنا الآن حين التفريق حتى بين الأخ وأخيه والمرء وبنيه وما زال الحبل على الجرار في عالمنا العربي الذي يتآكل..
هنا في الأردن لا بد من اليقظة والانتباه فمثل هذه الأزمات الآن برسم العدوى والتصدير ورياحها السموم تحصد كل شيء فهل أدعو الأردنيين جميعاً باخلاص الارتفاع إلى المستوى الذي يليق بحبهم لبلدهم واخلاصهم له ودعمهم لوحدته الوطنية ووحدة ترابه وهدفه..
قد لا يدرك البعض حجم الخطر وقد ينصرفون عنه لأشياء أخرى ولكن الحقيقة الماثلة تقول أن الخطر يحيط بالجميع وأن الحصانة منه هو بتأكيدنا جميعاً على أردنيتنا وعلى اخلاصنا لقيادتنا على قاعدة المسائلة والاصلاح الهاديء الذي يبني ولا يهدم وأن نفتح عيوننا وعقولنا على مخططات أصحاب الاصوات العالية الذين يدعون الحق ويقصدون الباطل..
سلطان الحطاب/لبنان..«تنزكر وما تنعاد» !
17
المقالة السابقة