سلطان الحطاب/تراجع الأداء العام.. وثقافة التميز

لماذا تراجع الأداء العام لمؤسساتنا الرسمية وغير الرسمية في السنوات الماضية وعبر أكثر من حكومة إلى أن وصل التشخيص لهذا التراجع ما استمعنا اليه في تقرير مركز الملك عبد الله الثاني للتميز والذي أطلقه مجلس الأمناء الذي يرأسه سمو الأمير فيصل وألقى كلمته المحامي شريف الزعبي بين يدي الملك بعد اجتماع مجلس الأمناء الذي حضره جلالته.. 
ما الجديد في هذه الدورة التي استوقفنا نقد المؤسسات فيها وحجب الجائزة عن بعضها بل والاشارة إلى أن بعضها أدار الظهر للمشاركة بل ناصبها العداء وأنكر على كوادرها حق المشاركة أو حتى التسجيل للمشاركة.
ما زالت هناك مؤسسات ذكرها نائب رئيس مجلس الأمناء ترفض المشاركة أو تهملها أو تتظاهر بعدم الحرص عليها وما زالت ثقافة التميز وروح التنافسية تتراجع بل وتغيب لتحل محلها ثقافة سلبية روتينية لا تؤمن بالابداع أو المبادرة وتؤسس لحالات من التواطؤ الاجتماعي الذي ما زال يقر مبدأ الواسطة والمحسوبية والانتفاع والثقافة الريعية.. 
فوجيء كثير من الحاضرين ومنهم مسؤولون كبار لعمق الكلمة التي ألقيت في الاحتفال ولموضوعيتها وقدرتها العلمية على التشخيص ونقدها الشجاع وغير المألوف لقد جاءت التوجيهات الملكية لمجلس الادارة لمركز الملك عبدالله الثاني بضرورة اعادة انتاج واقع التميز والتنافسية في تطبيق البرامج وضرورة توفير تشخيص علمي وموضوعي لا يقفز عن الواقع ولا يهرب منه أو يغطيه أو يجامل على حساب المصلحة العامة التي تضرر الأداء فيها بشكل كبير لتصبح هذه الإدارة مرهونة للترهل والتراجع وسوء الأداء.. 
وجدت كلمة الدورة الأخيرة ارتياحاً واسعاً من كثير من الحضور وقد بدأ ذلك على وجوههم وتصفيقهم اذ تعتبر هذه الروشيتة المكتوبة بوضوح بداية لمشوار على طريق التميز.. انها مقدمة.. فالتشخيص وحده لا يكفي ولكنه ضرورة أساسية للعلاج ولذا فإن من الضروري الآن وفوراً صرف هذه الروشيتة ليصبح جسم الوظيفة العامة أكثر سلامة ويتخلص من الترهل والتراجع وعدم القدرة على خدمة المواطنين وهي الفلسفة التي أطلقها مركز الملك عبدالله الثاني للتميز وعمل من أجلها.. 
كلمة المحامي الزعبي كانت دالة وهامة وأساسية ومفاجئة فقد علقت الجرس وأضاءت مساحات ظل التواطؤ العام يغلقها ويقفز عنها ويقبل مسوغاتها الضارة.. 
أطراف حاضرة وغير حاضرة لم يعجبها التشخيص لأنه نال منها وأدانها وحملها المسؤولية ومن هنا كانت المتابعة الدقيقة للكلمة من جانب الملك عبدالله الثاني الذي عبر عن رضاه وموافقته كما أن رئيس الوزراء أبدى حرصاً على تفريغ مضامين الكلمة ووضعها في موضع التنفيذ.. 
هزت الكلمة الشجرة التي تيبست أغصانها لتسقط ثمار جافة عالقة ويدرك البعض أن زمن السكوت على الأداء العام المتدني يجب أن ينتهي وأن الوظيفة يجب ان تكون تكليف لا تشريف وخدمة عامة لا مكافآت وكوتات كما ظل يحصل حتى الآن.. 
هذا جرد جديد كنا بحاجة اليه ونتطلع أن تكون هناك وزارة مختصة للاشراف على الأداء العام واصلاحه حقيقة وليس تسمية واذا كانت أيام العيد والعطلة الطويلة قد غطت على جوانب تفاعل هذه الكلمة ونتاج اجتماع مجلس الأمناء الأخير للجائزة فإن على وسائل الاعلام كافة الامساك بهذا الانجاز وتعميمه واسناد هذا الأسلوب الايجابي والفاعل من النقد الذي ستتحرك قوى عديدة لابطاله وتبريده والالتفاف عليه والتشكيك في جدواه.. 
ما زالت الكلمة تتفاعل وما زالت تحتاج للجان مختصة والى ذراع اعلامي قوي لادامة هذا الشكل من النقد الموضوعي الذي يسمى الأشياء بأسمائها ويستحق واضعوا التقرير لهذه الدورة وما قدموه من تشخيص التكريم بداية لأنهم كانوا وراء كشف الغطاء وميز «الغث من السمين».. 
alhattabsultan@gmail.com

شاهد أيضاً

أميركا والفلسطينيون وأزمة مستعصية (٢– ٢)* د. سنية الحسيني

عروبة الإخباري – رغم أنها تصنف الحليف من خارج حلف الناتو، إلا أن أي من …

اترك تعليقاً