وصفت زميلة صحفية حزب الوحدة الشعبية بأنه « المقرب من الإخوان المسلمين « وهي تقول ذلك رغم توقيع الحزب على سلسلة بيانات صادرة عن إئتلاف الأحزاب القومية واليسارية، تتعارض مع مواقف الإخوان المسلمين نحو مصر وسوريا، وكذلك بيان صدر عن عضوي مجلس نقابة المهندسين، يمثلان حزب الوحدة رداً على بيان نقيب المهندسين الإخواني، وقد جاء وصفها لموقف قيادة حزب الوحدة نحو الإخوان المسلمين، بناء على ما سمعته من أمين عام الحزب.
فقد جاء موقف أمين عام الوحدة الشعبية مخيباً لأمال قادة وقواعد التيارين اليساري والقومي، في إصراره غير الموفق على « رفض الحديث عن إنفصال سياسي عن الإخوان المسلمين، أو حدوث طلاق بينهما «، لأنه يرى أن الأسباب الرئيسية التي دفعت للتباعد بين حزبه والإخوان المسلمين هي أسباب خارجية، تتعلق بالاصطفافات السياسية، نحو القضايا العربية وأنه « لا تزال هناك نقاط يمكن التلاقي فيها «، والعمل من خلالها، ووضع برامج مشتركة بينهما، على قاعدة هذه النقاط.
ويبدو أن بوصلة أمين عام حزب الوحدة أغفلت حقيقة أن السياسة الخارجية هي تعبير عن مكونات السياسة الداخلية وجوهرها، ولذلك طالما أن « للإخوان مشروعاً سياسياً في المنطقة « فالحصيلة أنه لا يتعارض مع مشروعهم، رغم ما يفعله الإخوان المسلمون ضد القوى السياسية المناهضة للإحتلال في قطاع غزة، ورغم تحالفاتهم مع الأميركيين في العراق ومصر وتونس وليبيا وسوريا، وهو يعكس تحالفهم السياسي طوال الحرب الباردة مع الأميركيين وأدواتهم في مواجهة قوى التقدم في العالم.
وعليه هنالك ثلاثة إحتمالات: الأول أن حزب الوحدة تراخى عن يساريته وإقترب من الإخوان المسلمين لكسب رضاهم. والثاني أن الإخوان المسلمين تراجعوا عن قناعاتهم الأصولية بإتجاه الأقتراب من يسار وتفكير قيادة حزب الوحدة، لأن هذا الاقتراب لم يحظ برضى وقبول البعثيين والشيوعيين وحشد حيث التباعد بينهما واسعاً ويزداد إتساعاً، بدلالة وصوله إلى فكفكة الجبهة الوطنية للإصلاح حيث جمّدت الأحزاب القومية واليسارية عضويتها في الجبهة، وكذلك النقابات المهنية، ولم يعد في عضوية الجبهة المشلولة سوى الإخوان المسلمين ومجموعة أحمد عبيدات، بعد أن فقدت مصداقيتها ولم تعد إطاراً يضم قوى المعارضة الأردنية، وأدى غياب التفاهم إلى تجميد لجنة التنسيق العليا لأحزاب المعارضة التي تجتمع بدون دعوة الإخوان المسلمين للمشاركة في إجتماعاتها وهذا يحمل قراراً ضمنياً بفصل أو تجميد عضوية الإخوان المسلمين بلجنة التنسيق بمبادرة من الأحزاب القومية واليسارية.
أما الإحتمال الثالث فهو أن الطرفين بحاجة لبعضهما البعض، فالإخوان المسلمون بحاجة لغطاء كي يظهروا أنهم يقودون معارضة متعددة السياسات والأفكار والمواقف، وحزب الوحدة الشعبية يوفر لهم هذا الغطاء، ومن جهته، فهو غير قادر على بيع « المي بحارة السقايين « ولذلك يبحث عن حارة غير حارته، ويبحث عن تغريدة خارج سربه، لأنه عبر غربته عن رفاقه، يظهر أنه مميز، ويجد ضالته لدى الإخوان المسلمين، كورقة يتم اللعب بها وتداولها، وتوفر له بعض المواقع النقابية التي يستطيع الوصول إليها إعتماداً على تحالفه مع الإخوان المسلمين، وبذلك يقبض ثمن غربته عن سربه.
h.faraneh@yahoo.com