عروبة الإخباري – أكد جلالة الملك عبدالله الثاني أهمية إجراء مراجعة جذرية وعاجلة لتنمية المحافظات لتعزيز التنمية الشاملة والمستدامة، وتوزيع مكاسبها وتوفير فرص العمل للمواطنين.
ووجه جلالة الملك الحكومة إلى إعداد خطة عمل لتنمية المحافظات بالشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني، والقطاع الخاص والمختصين في مجال التنمية، وبما يتناسب مع الميزات التنافسية لكل محافظة، وإدراج خطة العمل هذه في الموازنة العامة للدولة للسنوات الثلاثة المقبلة.
وقال جلالته، خلال ترؤسه اجتماعا اليوم الأربعاء للاطلاع على الجهود الحكومية لتنفيذ مبادرة صندوق تنمية المحافظات، حضره رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور، وعدد من الوزراء والمسؤولين المعنيين، إن تعزيز المساواة الاجتماعية وتوزيع مكاسب التنمية بعدالة بين المحافظات “يشكل أحد مرتكزات مسيرتنا الإصلاحية الشاملة”.
وأكد جلالة الملك ضرورة البناء التراكمي للإنجازات والاستفادة من المبادرات التنموية السابقة؛ لضمان الوصول إلى أفضل النتائج وتحسين مستوى معيشة المواطنين، مشيرا إلى أهمية دور صندوق تنمية المحافظات الأساسي في دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتحقيق التنمية المحلية في مختلف القطاعات.
وشدد جلالته على أهمية الاستفادة من المنح المقدمة إلى المملكة، بالإسراع في تنفيذ المشروعات الرأسمالية التي تشكل أولوية تنموية، وتحسين البنية التحتية في المحافظات، والتي لها أثر إيجابي على تحفيز الاقتصاد الوطني وتوفير فرص عمل جديدة.
وأشار جلالة الملك إلى أهمية الربط بين المشروعات التي ينفذها صندوق تنمية المحافظات وجيوب الفقر في المملكة، والتركيز على المشروعات الصغيرة والمتوسطة وكذلك المشروعات الزراعية لإقامة صناعات تعتمد المحاصيل الزراعية كمدخلات إنتاج.
ودعا جلالته إلى الاهتمام، عند إنشاء مدن صناعية، بتطوير استراتيجية لتحديد المتطلبات الصناعية لهذه المدن، وربطها باحتياجات الدول المهتمة بالاستثمار في الأردن.
وأكد رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور في مداخلة له خلال الاجتماع أن هناك مجموعة من التحديات التي تواجه تنمية المحافظات، أبرزها ضعف البنية التحتية الصناعية في عدد من المحافظات، منوها أن مجلس الوزراء أقر أخيرا إنشاء منطقة صناعية واحدة على الأقل في كل محافظة، والتوسع في إقامة مدن صناعية جديدة في المحافظات التي يتوفر فيها مدن صناعية.
وأشار النسور إلى أن أول مدينة صناعية ومنطقة حرة سيتم إنشاؤها ستكون في مدينة جرش بمساحة 800 دونم لتوفير خدمات للمستثمرين المحليين والأجانب في هذه المحافظة.
وقال إن الحكومة تعي مشكلة نقص التمويل التي تعاني منها المشروعات الاستثمارية، وإن هناك توجها لإنشاء مؤسسة تمويلية للمشروعات الصناعية بفوائد مخفضة كي تعوض إلغاء بنك الإنماء الصناعي، وعلى قاعدة عدم المنافسة للبنوك التي تعمل في المملكة.
وأكد أن خطة العمل التي ستقرها الحكومة سيتم إدراجها ضمن مشروع قانون الموازنة للسنوات 2014 – 2016، الذي ستقدمه الحكومة للدورة العادية المقبلة لمجلس الأمة. واستمع جلالته إلى عرض قدمه وزير التخطيط والتعاون الدولي ووزير السياحة والآثار، الدكتور إبراهيم سيف، حول البرامج التنموية التي ستنفذها الحكومة في المحافظات للسنوات 2014 – 2016، والتي تستهدف إيجاد إطار عمل لهذه الفترة بمشاركة شعبية في صناعة القرار التنموي، وبما يضمن معالجة التفاوت التنموي بين المحافظات، إذ يشرف على إعداد هذه البرامج فريق يضم 23 عضوا من الأمناء العامين للوزارات وعددا من مدراء المؤسسات الحكومية لضمان انسجام هذه البرامج مع خطط واستراتيجيات الوزارات القطاعية.
وأوضح أن إعداد هذه البرامج يتم من قبل فرق عمل محلية برئاسة المحافظين وأعضاء المجالس الاستشارية والتنفيذية والبلدية، وممثلي مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص، وشريحة واسعة من المواطنين وممثلي المجتمعات المحلية في المحافظات.
ولفت الدكتور سيف إلى أن الحكومة ستعمل في الأشهر المقبلة على وضع برامج تنموية بناء على دراسة واقع المحافظات، وأن هذه البرامج سيتم تضمينها لموازنة الأعوام الثلاثة المقبلة، مشيرا إلى ان وزارة التخطيط والتعاون الدولي ستتولى متابعة تنفيذ هذه المشروعات بالتنسيق مع الحكام الإداريين.
وقال إنه بعد اعتماد الحكومة لهذه البرامج، سيتم عقد لقاء وطني موسع، وبمشاركة الجهات والفعاليات المعنية من محافظين ومجالس استشارية وتنفيذية، وممثلي مؤسسات المجتمع المدني، وممثلي القطاع الخاص، والبلديات لإطلاق خطة عمل على المستوى الوطني.
وقدم المدير التنفيذي لمؤسسة تطوير المشاريع الاقتصادية المهندس يعرب القضاة عرضا اشتمل على أبرز الإنجازات التي حققها الصندوق منذ انطلاقته العملية بداية العام الحالي.
وبين أنه تم تقديم الدعم لـ 225 مشروعا صناعيا وخدميا باستثمار مقداره 57 مليون دينار وبدعم من الصندوق مقداره 25 مليون دينار، استحدثت نحو 1600 فرصة عمل، مبينا ان هناك 150 مشروعا مستهدفا للتمويل من الصندوق حتى نهاية العام.
وأشار إلى مجموعة من المشروعات التي تم تنفيذها في المحافظات باستثمار مقداره 44 مليون دينار وبدعم 15 مليون دينار، توزعت بين 9 مشروعات في معان و8 في الطفيلة و8 مشرعات في الكرك وثمانية أخرى في مادبا و7 مشروعات في عجلون و5 في البلقاء و5 أخرى في المفرق، فيما تم تنفيذ 4 مشروعات في اربد ومثلها في الزرقاء وجرش، ومشروع في منطقة الموقر، وفرت جميعها 1300 فرصة عمل في هذه المحافظات.
وقال المهندس القضاة إن هناك 66 مشروعا قيد الدراسة في محافظات المملكة بما فيها العاصمة، إضافة إلى ثلاثة مشروعات تابعة لمؤسسة المتقاعدين العسكريين، متوقعا أن تصل قيمة التمويل والاستثمار فيها إلى 88 مليون دينار.
وأشار إلى مجموعة من التحديات التي تواجه صندوق تنمية المحافظات، والتي تتطلب تضافر جهود الجميع من القطاعين العام والخاص، للتغلب عليها وتمكين الصندوق من تحقيق أهدافه التنموية.
من جانبه، قال وزير الصناعة والتجارة ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الدكتور حاتم الحلواني إن كل المساحات في المدن الصناعية في المملكة مشغولة “لذلك سيتم بناء مدن صناعية في الطفيلة وفي عجلون وجرش كون هذه المحافظات تشكل أولوية من حيث ارتفاع نسبة الفقر والموقع الجغرافي، بالإضافة إلى مدن أخرى تخدم الصناعيين والمستثمرين في باقي المحافظات التي تستوجب ذلك”.
وأضاف أن الحكومة بدأت بالعمل على استثمار المنحة الخليجية في المشروعات الإنتاجية، لافتا إلى شبكة الألياف الضوئية الوطنية التي سيتم تمويلها من هذه المنحة.
وقال رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي، الدكتور جواد العناني، إن المجلس أجرى دراسات أثبتت ارتفاع البطالة بين الشباب رغم وجود إمكانيات تنموية في كل محافظة نابعة من الموارد المحلية فيها، مشيرا إلى عدد من المشروعات الريادية التي ترتبط بالموارد المحلية لكل محافظات وتسهم في توفير فرص عمل لأبنائها.
ولفت الدكتور العناني الى إن المجلس بالتعاون مع المركز الجغرافي الملكي يعكف على إصدار أطلس اقتصادي اجتماعي لمحافظات المملكة كافة، لإزالة الازدواجية في المشروعات وخدمات البنية التحتية والتركيز على احتياجات كل محافظة.
وحضر الاجتماع مدير مكتب جلالة الملك عماد فاخوري، ووزير الداخلية وزير الشؤون البلدية حسين هزاع المجالي، ووزير المالية الدكتور أمية طوقان.
يذكر أن صندوق تنمية المحافظات الذي اطلقه جلالة الملك لتوزيع مكاسب التنمية بعدالة بين المحافظات كافة وتوفير فرص عمل جديدة وتحقيق التنمية المستدامة التي ترتقي بمستوى معيشة المواطنين، يستهدف الاستثمار في المشروعات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة سواء أكانت قيد التأسيس والإنشاء أم المشروعات القائمة والتي تهدف التوسع بما يشمل قطاعات الصناعة والخدمات والأعمال الزراعية، على أن تكون هذه المشروعات ذات جدوى اقتصادية وذات أثر واضح وقيمة مضافة عالية على الاقتصاد الوطني والمجتمع المحلي.
ويستهدف الصندوق أي مواطن أردني أو مجموعة من الأشخاص لديهم فكرة إبداعية لإقامة مشروع إنتاجي بالإضافة إلى شركات أو مؤسسات قائمة ترغب بالتوسع أو إقامة مشاريع جديدة في المحافظات، بحيث يتم تقديم التمويل كقرض حسن بدون فائدة ولمدة ثماني سنوات مع فترة سماح لسنتين وبنسبة تتراوح بين 45 إلى 70 بالمئة من قيمة المشروع وبدون ضمانات عقارية.