الإخوان، يمكن اختصارها في كلمة واحدة وهي “الانتخابات”، حيث توجد قناعة كبيرة لدى قيادات الجماعة أنها طالما استطاعت الحركة الفوز في الانتخابات فإن ذلك يعطيها صكا على بياض كي تفعل ما تشاء دون اعتبار للقوى والتيارات الأخرى.
كان سقوط نظام “الإخوان المسلمين” في مصر نتيجة لعدد من العوامل والملابسات التي تداخلت مع بعضها البعض طيلة الشهور الماضية وأفضت في النهاية إلى الإطاحة بحكم الرئيس محمد مرسي. من هذه العوامل ما يتعلق بالأخطاء الاستراتيجية التي وقعت فيها جماعة الإخوان والتي استغلها كثير من خصومها السياسيين بشكل جيد من أجل التخلص من حكم الجماعة بعد عام واحد فقط في السلطة. وهنا يمكن رصد خمسة أخطاء رئيسية للجماعة أولها ضعف وربما انعدام الخيال السياسي للجماعة. فمنذ وصولها للسلطة لم تغير الجماعة من طريقة ممارستها للسياسة ولم تنتقل فعليا من خانة المعارضة إلى مربع السلطة. وعلى مدار العام الماضي ظلت الجماعة تتأرجح بين الموضعين دون أن تحدد ماذا تريد بالضبط. في حين انكشفت الجماعة سياسيا حين حاولت الاستئثار بالسلطة تدريجيا وانتقالها سريعا من مبدأ المشاركة إلى المغالبة.
ثانيا، ثقافة الصندوق. فالسياسة، كما يفهمها الإخوان، يمكن اختصارها في كلمة واحدة وهي “الانتخابات”، حيث توجد قناعة كبيرة لدى قيادات الجماعة أنها طالما استطاعت الحركة الفوز في الانتخابات فإن ذلك يعطيها صكا على بياض كي تفعل ما تشاء دون اعتبار للقوى والتيارات الأخرى. ولعل ذلك كان أحد أسباب إصرار الرئيس مرسي قبل عزله على التشبث بشرعية الانتخابات والصناديق رغم أداء حكومته الضعيف وزياة السخط الشعبي ضدها.
ثالثا، خلق الأعداء. فعلى مدار العام الماضي خاض الإخوان معارك كثيرة في نفس الوقت واشتبكوا مع كثير من مؤسسات وأجهزة الدولة كالقضاء والداخلية والجيش والإعلام. وهو ما جعل هؤلاء جميعا يتحدون من أجل هدف واحد وهو التخلص من حكم الإخوان. لذا فقد لا يبدو غريبا أن الجماعة تفتقد الآن لأي دعم أو مساندة قد تأتيها من خارج قاعدتها الاجتماعية والآيديولوجية.
رابعا، التضحية بالثورة من أجل التطبيع مع رموز وأجهزة الدولة العميقة. بعد وصول الإخوان للسلطة فضوا علاقتهم بالقوى الثورية وذلك من أجل احتواء الدولة العميقة وأجهزتها الفاسدة وأهمها جهاز الشرطة على أمل أن يتم استمالتها والعمل لصالح الإخوان. وهو ما أثر سلبيا على نظرة الثوار للجماعة باعتبارها جماعة انتهازية لا تسعى إلا لتحقيق مصالحها فقط. لذا فقد تخلوا عنها جميعا عندما تم عزل الرئيس مرسي.
خامسا، وهو الأهم، عدم قدرة الإخوان على بناء تحالفات خارج بنيتها الآيديولوجية. وقد فوجئنا جميعا باقتراب الإخوان من بعض التيارات والرموز الراديكالية، وهو ما أثر على صورة الجماعة وخطابها الذي بات أكثر محافظية وانغلاقا خاصة خلال الأيام الأخيرة للرئيس مرسي.
هذه الأخطاء قدمت فرصة ذهبية لخصوم الجماعة من أجل توظيفها والاستفادة منها من أجل التخلص من حكم الرئيس مرسي، وهو ما سنعرضه في
المقال المقبل بحول الله.
د. خليل العناني كاتب وأكاديمي مصري