«إن مشكلة السلام في الشرق الأوسط قبل اسرائيل هي الإدارة الأمريكية» هذه الجملة جاءت على لسان رئيس كتلة فتح البرلمانية عزام الأحمد وهو يعلق على زيارة كيري الأخيرة للمنطقة مؤكداً أنه لا يحمل جديداً ولو خطوة صغيرة وتحديداً في موضوع الاستيطان أو حل الدولتين..
وبعيداً عن محاولة عزام لتعتيم زيارة كيري وجعل تصريحات كبير المفاوضين الفلسطينيين الدكتور صائب عريقات لا تحمل جديداً نسأل لماذا اذن الاحتفاء الزائد بالجولة الأخيرة لكيري ؟ وهل هذا من قبيل تفاءلوا بالخير تجدوه أو لأن كيري حاول في تصريح سريع ومقتضب أن يحتوي الموقف الأوروبي الجديد والمتمثل في زيادة منسوب الغضب الأوروبي من سياسة اسرائيل الاستيطانية والمعبر عنه في قرارات بمقاطعة بضائع المستوطنات وهي الورقة التي لم يخترعها كيري أو لم يكن لحكومته موقف مثلها فراح يستعملها على لسان الأوروبيين كما لو أنه يريد اخافة الاسرائيليين بالأوروبيين من خلال الحديث عن ذلك والسؤال لماذا يستعير كيري شعر الأوروبيين ليغطي به صلع الموقف الأميركي الذي أصبح مكشوفاً ولماذا لا يكون للولايات المتحدة على الأقل نفس الموقف الأوروبي من الاستيطان ومنتوجاته وحتى عدم شرعية استمراره..
بداية تفاءلنا بقدوم كيري قبل أن تنفس اسرائيل مهمته وتجهض جهوده وكنا نعتقد أنه يعيد دور وزير الخارجية الأميركي أيام انعقاد مؤتمر مدريد جيمس بيكر ولكن ذلك لم يحدث فطريق وزراء الخارجية الأميركيين والمبعوثين الأميركيين لمهام في قضية الشرق الأوسط ظلت تنتهي إلى مغارة الضبع الاسرائيلي وظلت المسألة محيرة..هل السبب هو الموقف الاسرائيلي أم الموقف الأميريكي؟ من يحكم من؟ ومن الذي يقرر لمن وهذه مثل قصة ابريق الزيت بل إنها دائرة ظلت عملية كسرها عصية وهذا ما يلفت في كلام عزام الأحمد ان المشكلة أميركية وليست اسرائيلية وأن أميركا هي وكيل اسرائيل ومحاميها في قضايا الاحتلال وإلا كانت اقنعت موكلها بضرورة أن يغير موقفه فإن لم تستطع تبنت موقفاً كالأوروبيين أو أكثر وذلك أضعف الايمان..
لا نريد لكيري أن يترجم الكلام الأوروبي فنحن نفهمه ولكننا نريده أن ينشئ كلاماً أميركياً جديداً خاصاً به لنرى مدى قدرته على مغادرة المربع الذي وضع نفسه فيه وراح يدور حوله دون أن يتجاوزه.
الاعلام العربي أخذ الترجمة الأميركية للموقف الأوروبي «ودار» فيها وروج لها كما لو أنها موقف جديد أو نص لم يكتب من قبل لتغطية رائحة المهمة الأميركية التي ركدت وأسنت رغم المحاولات الأميركية لرمي حجارة فيها لتحريكها ولو صورياً.
الذرائع الأميركية بعدم الضغط على اسرائيل متواصلة منها ما يقال ومنها ما لا يقال وما زالت الإدارة الأميركية تختفي وراء نفس الذرائع التي تصنعها اسرائيل أو تفتعلها أو تستفيد منها كانقسام الفلسطينيين وكاضطرابات المنطقة العربية بالربيع العربي كما في مصر وسوريا وغيرها..والسؤال أين الانفراج الذي يتحدث عنه كيري ويراه ولا يراه غيره حتى بأدق الميكروسكوبات التي تستعملها ناسا وهل مهمته أن يكون مثل سيارة الاسعاف بقوله ان عباس ونتنياهو طلبا منه الحضور وفي كل حضور لا ينقل مرضى أو مصابين ولا يعالج شلل العملية السلمية أو يحاول افاقتها من غيبوبتها فلماذا؟ الربط بين تأجيل وصوله المرة الماضية الى الامارات العربية بسبب المهمة كما قيل وبين هذه المرة وتوجهه إلى سلطنة بروناي فما الجديد في بروناي؟ لأننا لا نجد جديداً في رام الله أو تل أبيب وإلا كان موقف كيري من ربط أماكن زيارته بمواقع أخرى شبيها بقول «غوار الطوشة» إذا أردت أن تعرف ماذا في روما عليك أن تعرف ماذا في البرازيل؟؟ ولذا يأتي السؤال ماذا في بروناي إن لم يكن هناك شيء في رام الله؟
alhattabsultan@gmail.com
سلطان الحطاب/«كيري» ماذا في بروناي؟
16
المقالة السابقة