لمن ابتهج لزيادة الضرائب على خدمات قطاع الاتصالات من مسؤولين ونواب املا في رفد ايرادات الخزينة، بثقة نستطيع القول ان الخزينة لن تستفيد المزيد من الايرادات، وينطبق على الحكومة المثل المعروف «كأنك يا أبو زيد ما غزيت»، لاسباب عديدة في مقدمتها تآكل قدرة المواطنين على الانفاق ( سلة السلع والخدمات) عندها سيجد المواطن السبل لخفض الانفاق على الاتصالات، ومن المتوقع حسب دراسات رصينة ان تنخفض ايرادات شركات الاتصالات الثلاث بمبلغ يناهز الـ 70 مليون دينار، وباعتبار ان الخزينة تستوفي 50% تقريبا من كل دينار تحصله شركات القطاع، فان خزينة الدولة ستخسر 35 مليون دينار، وهو ما يعادل الايرادات التي تتوقعها الحكومة من هذا القرار.
35 مليون دينار خسارة الخزينة، وهي حصيلة فقدان 10% اي ما يعادل 7 ملايين دينار من المشاركة في العوائد، و 6 ملايين دينار بدل ضريبة الدخل، و11.2 دينار بدل ضريبة المبيعات، و16.8 مليون دينار بدل ضريبة خاصة، بالمقابل يتم تحميل المشتركين اعباء اضافية غير مبررة وتحرمه من توظيف خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات، وتحبط خطط المستثمرين في القطاع جراء تحويلهم الى مجرد جباة يلاحقون المشتركين علما بان الغالبية العظمى من مشتركي الاتصالات المتنقلة يستخدمون البطاقات المدفوعة مسبقا وبفئات صغيرة تتراوح ما بين ( 5 الى 10 دنانير )، التي اصبحت بقدرة الضرائب الى ( 7.2 الى 14.4 ) دينار.
الخزينة لن تجني المزيد من الايرادات، بينما تخسر شركات الاتصالات نحو 500 مليون دولار من قيمتها الاستثمارية جراء زيادة الضرائب وتقليص الانتشار وتضعف عمق سوق الاتصالات وتقنية المعلومات، عندها نخشى ان نجد شركات الاتصالات تعرض استثماراتها للبيع ولا تجد من يقبل عليها لضعف جدوى الاستثمار، عندها نكون قد اجهضنا احد القطاعات الاستثمارية في الاقتصاد الاردني اذ تبلغ مساهماته بنسبة 14% من الناتج المحلي الاجمالي.
تشير الارقام والبيانات المالية المتاحة ان اداء شركات الاتصالات سجل تراجعا مستمرا خلال السنوات الثلاث الماضية، وان الربع الاول من العام 2013، وبعد زيادة اسعار الطاقة الكهربائية، زادت الكلف التشغيلية لشركات الاتصالات، ومع زيادة الضريبة الخاصة بنسبة 100%، والتهديد برفع اسعار الكهرباء مجددا بنسبة 15% فإن ربحية الشركات ستتراجع الى مستويات تهدد تقدم هذا القطاع، وانخفاض معدل العائد على الاستثمار دون مستويات عوائد السندات والودائع المصرفية عندها يرشح ان ينتقل القطاع الى حالة عزوف المستثمرين وتردي أوضاعه.
اما اولئك الذين ينتقدون الملكية غير الاردنية في القطاع فان كافة الخطط والتشريعات التي طالما تغنينا بجودتها وقدرتها لاحتضان الاموال ذهبت مع الريح، وان تقديم التسهيلات للاستثمار في الاردن اصبحت مجالا للتندر، وأعادنا مناخ الاستثمار عشرات السنين الى الوراء .