عروبة الإخباري – في أمسيته التي نظمتها جمعية حماية الأسرة والطفولة في بيت عرار الثقافي، وهبَ وزير الثقافة الأسبق الشاعر جريس سماوي نفسه للوردة، وهو يقدم تجلياته الشعرية المبللة بالماء، أمام حضور شبابي لافت من أعضاء الجمعية، وكأن لسان حاله وهو يقرأ من ديوانه « زلة أخرى للحكمة»، يقول: ها أنتم أيتها الورود تصغون لرهافة الكلمة، وتتحسسون بوجدانكم الموسيقى التي نفتقدها في هذا العصر المتحوّل والمتغير، لهذا سأهب نفسي لوردتكم في هذه الأمسية.
الأمسية التي رتّب لها فقراتها مركز الإبداع الشبابي في الجمعية، أدارها الشاعر والمسرحي حسن ناجي، قائلاً: قيل لكنفوشيوس حكيم الصين: لماذا لا تكتب تاريخ الصين، فقال: يكفي أني أكتب أشعارها، فالشاعر ولد يوم ولدت العطور وأغنيات الحساسين، الشاعر ولد قبل المرأة ليكتب بها شعرا يغنيه لها عند ولادتها، ويضيف ناجي: يا إلهي كم هي الحياة صعبة لو لم يكن بها شاعر، وتابع تقديمه بأبيات شعرية أهداها لجريس، منها: معنا شاعر نبض المرأة، والشعر يدل عليه، جريس شاعرنا، وأقل صفات الشاعر حين يكون سماوي.
رئيس الجمعية كاظم الكفيري من جهته ألقى كلمة في الأمسية التي حضرها مدير مديرية ثقافة إربد القاص والمترجم علي عودة، ومدير بيت عرار الثقافي سمير الإبراهيم، رحب من خلالها بالشاعر سماوي، ولفت فيها إلى أن الشاعر سماوي قدم عبر مسيرته الإبداعية نمطا شفافا من الشعر، استطاع أن ينفذ إلى الأعماق، بروح شعرية مبدعة وثّابة.
الشاعر سماوي قال قبل البدء في قراءاته: إذا كنا في هذا العالم العربي الصاخب والمتحول والذي يحاول أن ينصهر في بوتقة النار من أجل أن يخرج إلى الحياة، فالبدء بالأسرة والطفولة هو عنوان مشروع نهضوي عربي قادم، وإذا ما أردنا أن يكون العالم العربي على وجه أفضل فلنبدأ بالأسرة وبالطفولة، منوهاً في هذا السياق إلى أن الإنسان العربي وهّاج ومتلهف إلى الحرية.
استهل سماوي عزفه ببعض الإيماءات الشعرية، ومنها: «أهب نفسي إلى الوردة، وأهب الوردة إلى الأنثى، أضف إلى الوردة قواما، ونم في فراشها، المزهرية سجن صغير، والأصص منفى،
والحديقة وطن».
ومنها أيضا:
«الريح امرأة أحبت رجالا كثيرين، فذهبت لتعانقهم جميعا».
وتابع صاحب ديوان « زلة أخرى للحكمة»، إيقاعاته وسط تفاعل شديد من الحضور، حيث جال في ديوانه مسترجعاً رحيق الصور الشعرية الجاذبة، لتسرج الساحة السماوية لبيت عرار الثقافي قناديلها في حضرة عرار والغجر والتي برز حضورها اللافت في قصيدته « ماشا وأغنية الغجري»، كذلك إلى تلك التي خاطبها الشاعر لتمر على كلماته وتختار كلاما ناعما كالغيم، وللماء الذي حين يمس الهواء يذوب، ولأشياء أخرى اكتنزت بها قصائده ذات الإيقاع الهادئ:
ومن الإيماءات أيضا التي قرأها: اذهب إلى الغابة أيها الإنسان، واحتطب حطبا، واذهب إلى السوق واكتسب طعاما، واذهب واشتر لباسا، ما الفرق لو أنك نمت في الأرض، دفآنا، شبعانا، مكسوا بالتراب».
ويقول في قصيدة « ماشا وأغنية الغجري»: «سأتبع ماشا إلى آخر الأرض، أرقب مشيتها، وهي تمضي إلى البحر، أعزف لحني البدائي في خفة خلفها، وأداري به وحشتي وضياعي، سأشعل قلبي لكي يتهجى خطاها، وأهجر من أجلها متعتي ومتاعي، أنا سارق الخيل ليلا، وسائسها، ومدجنها في المراعي».
وختم الشاعر سماوي قراءاته بقصيدتين، الأولى « قصيدة زجلية عاين فيها سر وعمق الصحراء، وجمالياتها التي تخفى على الكثيرين»، والثانية « الخيانات والوعد والتي تتكون من باقة من المقطوعات منها: « خيانة الفضة، خيانة الورد، الوعد»،.
أطفال الجمعية قدموا بدورهم أبوريت من كلمات الشاعر سماوي بعنوان « خيانة الورد»، وبعدها قدم الفنان شادي الطوباسي على آلة العود أغنية وطنية.
وفي ختام الأمسية التي جاءت في سياق الأنشطة الصيفية لمركز الإبداع الشبابي في الجمعية، قدم رئيس الجمعية الكفيري درعا للشاعر سماوي.