هل سيلتقي نتنياهو مع عباس؟ متى وأين وما ثمن ذلك؟
يدفع الأردن بقيادة الملك عبدالله الثاني باتجاه اخصاب فرصة جديدة لسلام الشرق الأوسط ويحرص أن تنجح مهمة وزير الخارجية كيري في زياراته المكوكية بين تل أبيب ورام الله اذ تدخل عمان على الخط انتصاراً لهذه الفرصة التي يعمل كيري من خلالها على كسر الحلقة الجهنمية التي صنعتها اسرائيل من أجل ابقاء العملية في حالة دوران لا يتوقف..
كل ما شهدناه في السنوات الماضية من جهود كانت اسرائيل ترهنها في وضع ادارة أزمة التفاوض وليس حل هذه الأزمة ولعل المحاولات الأمريكية الفاشلة السابقة كانت بسبب اصطفاف الأميركيين إلى جانب التصور الاسرائيلي ولذا فشل وزراء الخارجية الأمريكية في مهماتهم في هذا السبيل منذ بيكر في مدريد وحتى رايس وكلينتون والمبعوث الخاص ميشيل الذي كان «فص ملح وذاب» فجأة تحت ذريعة سنه المتقدمة..
ومرة أخرى يصعد كيري السلم بل الجبل في مهمة أشبه بأسطورة «سيزيف» الذي ما إن يصل حاملاً الصخرة قبل نهاية الجبل حتى تتدحرج فيعود إلى حملها..
عمان وفرت بيئة أفضل حين حرصت على تقديم تصورات أكثر ادراكاً لمخاطر استمرار ارتهان اسرائيل لعملية السلام واطالة الزمن الذي وظفته في بناء الاستيطان وجعلت حلم اقامة الدولة الفلسطينية يتراجع بصورة مفجعة.
الحكومة اليمينية الاسرائيلية ومن خلال وزراء فيها كشفوا نوايا هذه الحكومة المبيتة حين تحدثوا عن رفض اسرائيل اقامة دولة فلسطينية واعتبار أن لا شريك فلسطينياً للتفاوض وهو الأمر الذي احرج الادارة الأميركية وأوهن مهمة كيري الذي تأخر في العودة الى المنطقة ويبدو أن الضغوط الأمريكية الأخيرة الاسبوع الماضي نجحت في جعل نتنياهو يكذب وزراءه ويتحدث عن حل الدولتين وعن تسوية لانهاء النزاع دون أن يضع نقاطاً على الحروف في تحديد حدود الدولة أو التطرق للقضايا الأساسية العالقة ودون أن يقدم لذلك ورقة مكتوبة بل أراد كلاماً شفوياً ظل دائماً يتنصل منه وظل كمن يقول «كلام الليل يمحوه النهار»
الرئيس محمود عباس والذي اكتسب خبرة طويلة في مجال التعامل مع الاسرائيليين والمفاوضات يدرك أن اسرائيل ما زالت تقدم كلاماً مجانياً لا يحمل مضموناً سواء الذي أطلقه بيريز في البحر الميت أو الذي قاله نتنياهو أخيراً انما يستهدف تخفيف الضغط الدولي عن اسرائيل وخاصة الأميركي وضغط الأمم المتحدة التي أصبحت أكثر جاهزية لسماع الفلسطينيين في اطار جديد بعد أن أعطتهم الأمم المتحدة دولة غير عضو لها حقوق اضافية في الشكوى والتقاضي وادانة اسرائيل في أكثر من حقل.
جديد عمان أنها تلتقط الفرصة ونصائح الملك لمحمود عباس هي محاولة لقطع الطريق على حكومة نتنياهو التي تريد أخذ الفلسطينيين إلى البحر واعادتهم عطشى للمرة التي لا عدد لها..وعمان تريد أن تكشف الأوراق الاسرائيلية إلى إخر ورقة وملاحقة العيار إلى باب الدار طالما أراد الاميركيون التدخل العملي وطالما ادركوا انهم الآن في سيادتهم سيواجهون الأمم المتحدة في أيلول القادم في الجمعية العامة..
لدى الرئيس محمود عباس مرونة معقولة وامساكا بالحقوق الفلسطينية المقرة والثابتة والشروط التي يتحدث عنها تقبل القسمة حتى مع المجتمع الدولي والولايات المتحدة ولذا تناور اسرائيل حتى لا تظهر أمام الأمم المتحدة والمجتمع الدولي وحليفتها الولايات المتحدة انها هي التي تعطل وبالتالي سيكون الحل هو في قدرة الفلسطينيين لأول مرة على استعمال أوراق الأمم المتحدة التي أصبح بين أيديهم منها ما تخشاه اسرائيل..الفلسطينيون الآن لهم جدار يستندون اليه وهو حقهم الشرعي الذي أقرته الأمم المتحدة
فهل يستمر نتنياهو في الهروب للأمام والمراوحة أم أنه سيتوقف ليراجع مواقفه؟ وفي هذه الحالة هل يصمد لينجز شيئاً مختلفاً أم يسقط بمحاصرة الأكثر يمينية في حكومته..
عمان ورام الله تعملان الان لمنع هروب اسرائيل من استحقاق عملية السلام والشاهد الأميركي يتابع فهل يتدخل وما حجم تدخله؟ وهل ينجح كيري في ربع الساعة الأخير أم أنه سيذهب إلى حيث ذهب ميشيل بسبب سنه أم لأسباب أخرى تعلمها اسرائيل وقد يعلمها نفسه متأخراً
alhattabsultan@gmail.com
سلطان الحطاب/لماذا عمان.. وهل ينجح كيري؟
19
المقالة السابقة