يذهب الناقد الدكتور محمد الشنطي للقول «تبدو لغة الروائي صبحي فحماوي دائما فائرة فورية، وليست معلبة أو مسكوكة، يحمّلها أفكاره وخواطره ورؤاه وانتقاداته ومشاهدته ومعارفه ومتابعاته وذكرياته، وكل ما يخطر بباله، دون وجل أو تصنّع، يتدفق الكلام كتابة كما ينساب في أحاديثه اليومية، فليست هناك حواجز أو فواصل مصطنعة، تحول بينه وبين البوح الصريح، أفكارا ومشاعر ورؤى، حتى عنواناته الفرعية مقدودة من لحم الوقائع».
وزاد الشنطي في ندوة أقامها منتدى الرواد الكبار لمناقشة البعد الإنساني في روايات صبحي فحماوي، في إطار برنامجه الثقافي «تجربة مبدع»، تحدث فيها كل من الأساتذة النقاد؛ الدكتور محمد الشنطي والدكتور عبد الرحيم مراشدة، والروائي صبحي فحماوي، وعقّب على الحديث الناقد الأستاذ الدكتور يوسف بكار، استهلت بكلمة ترحيبي لرئيسة المنتدى هيفاء البشير رئيسة المنتدى، أشادت فيها بابداع فحماوي، عضو المنتدى ورئيس لجنته الثقافية، كما أستعرض الشاعر عبد الله رضوان، مدير المنتدى، السيرة الذاتية الغنية والتنوعة، كما وصفها في معرض إدارته للندوة، ومما قاله الناقد الدكتور محمد الشنطي من جامعة جدارا – إربد- عمادة البحث العلمي والدراسات العليا. حول رواية (الأرملة السوداء) : «هذه الرواية ذات حمولة رؤيوية متكاثرة، ولعل من أهم منابعها الرئيسة، لغتها التي تحررت من القيود التقليدية، وثنائياتها المعهودة : عامية فصحى، وكثيفة مترهلة، مفصلة مجملة، صريحة مضمرة، جادة ساخرة، ولم تُقِم وزنا للتابو الاجتماعي في الخطاب، وهذا جعلها ذات حيوية خاصة وثّابة، تقضي مرادها كما تشاء، وكيفما تشاء، وتبوح بأسرارها (ما في قلبها على لسانها) وهذه من أهم خصوصيات لغة السرد عند صبحي فحماوي، الذي ينقل إليك حوارات الذات والآخرين، طازجة بحرارتها، دون مواربة.
ويرى الشنطي أن الراوي يقدم «لوحة بانورامية ناطقة للمكان،.. كما يتمخض حرص الراوي على مزج الملامح البشرية لشخصياته بالأشياء – التي تمثل ملامح مكانية أيضا.. كما استثمر الكاتب استثمرها الكاتب في حشد كل ما يستطيع حشده من وقائع وأفكار ومعلومات، يستدعيها من الكتب والمجلات والتاريخ والجغرافيا عن سارتر وسيمون دي بفوار، لكن الأهم هو استثمار المكان لاستجلاب شخصية رئيسة جديدة، تولد فجأة في رحم العيادة النفسية».
فيما يذهب الناقد الدكتور عبد الرحيم مراشدة، من جامعة جدارا في ورقته المعنونة «الغرائبية والعجائبية في رواية (الاسكندرية 2050) للقول «أن الروائي يتمثل الصراع الدائر بين الحضارات، ومدى خطر هذا الصراع على الوجود الإنساني، ثم ما ينتجه الإنسان من أشياء تسعى إلى تهديم الإنسان في وجوده على الكون، ومن هنا راح يلفت الانتباه إلى إمكانية وجود إنسان يعيد آليات التفكير فيما هو عليه الآن، ويسعى في الوقت نفسه إلى تأسيس فكرة التقارب بين الجنس البشري الواحد، لتأسيس حضارة كونية إيجابية لهذا المخلوق الإنسان، بعد أن تلوث به الوجود.
لافتا أن «العجائبي والغرائبي في الرحلات الفضائية التي يقوم بها برهان المهندس، وكنعان وألبينا، فينقلنا بوصفنا متلقين إلى فضاء متخيل علمي، يتجاوز الواقع والممكن، ومن ذلك السياق التالي : «عند بوابة مبنى المطار، تقف العربات الفضائية الهيدروجينية، تحمل الركاب بالدور ..» ويبلغ الحلم مداه عند برهان في السياق.
وكان الروائي صبحي فحماوي تحدث في ختام ندوة «البعد الإنساني لروايات صبحي فحماوي»، مؤكدا أن روايته «الإسكندرية 2050» تطرح تصوراً جديداً للسلام والمحبة بين الناس وحتى بين الحيوانات، من خلال إنتاج إنسان أخضر، وحيوان أخضر، يتغذيان من التمثيل الضوئي، أما في روايته (حرمتان ومحرم) فصور قيام آليات أعداء غرباء تخرج من البحر فتُجرِّف الأرض الفلسطينية وما عليها من أناس ومبان وأشجار».
وفي رواية «عذبة» صور قصة حب طفل وطفلة، انفصلا عن بعضهما تحت إرهاب زخات نيران المحتلين الغرباء عام ثمانية وأربعين، فيما في رواية «قصة عشق كنعانية» استطاع إعادة إنبات المجتمع الكنعاني العربي بكل ما فيه من قصص عشق وغرام ، وفي «الحب في زمن العولمة» التي كتبها عام 2000، تنبأ بهذه النهاية المحتومة للرأسمالية المتوحشة، التي اتضحت اليوم، وانكشفت بشاعاتها بثورات ما يسمى الربيع العربي، وفي رواية «الأرملة السوداء» صور العلاقة الإنسانية بين الرجل والمرأة.
مضيفا انه في روايته السابعة (على باب الهوى) تصور أن «الرُّشى»، التي لا يُنفّذ عمل من دونها، هي سبب البلاء في هذه الأمة العربية، وهي مصدر الثورات الحالية. معلنا عن روايته الثامنة»سروال بلقيس» والتي لم تصدر من دار نشر بعد.
ناقدان يعاينان البعد الإنساني في روايات فحماوي
19
المقالة السابقة