ما زالت جهود الوزير جون كيري، متعثرة، ولا زالت كلمة الفشل غير المعلنة هي العنوان الخفي للمبادرة الأميريكة، التي أخفقت لهذا الوقت في جمع طرفي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على طاولة واحدة، فالموقف الأميركي ومساعي واشنطن وجهود كيري تصطدم بالموقف الإسرائيلي على الرغم من أنها بالأصل منحازة للمشروع الإستعماري الإسرائيلي وداعمة له وحاضنة لإجراءاته التوسعية، مما يؤكد أنها تفتقد للنزاهة وللحيادية، وغير مؤهلة لممارسة دور الوساطة، إضافة إلى تاريخها التراكمي في الفشل لدفع الطرفين للتوصل إلى التسوية، عبر الأدارات الأميركية المتعاقبة من عهد كلينتون في كامب ديفيد 2000، إلى عهد بوش في أنابوليس 2008، إلى أوباما نفسه الذي إستقال ممثله جورج ميتشيل في ولايته الرئاسية الأولى، قبل أن يمسك الملف جون كيري ويتكلف به في ولاية أوباما الثانية.
جون كيري عملياً، تبنى مشروع نتنياهو للحل الأقتصادي لتحسين ظروف الفلسطينيين في ما تبقى من الضفة الفلسطينية مع بعض الرتوش الأضافية المأخوذة من إقتراحات طوني بلير ممثل الرباعية والذي تحول إلى رجل أعمال مستفيداً من علاقاته العربية، وبناء عليه يسعى كيري ويضع أولوياته للمشاريع الأقتصادية، لعلها تنعكس على حياة الفلسطينيين، بالتحسن والرضى، ورغم أن ذلك ليس مؤكداً ولا توجد ضمانات حقيقية وتمويلية لإنجاز المهمة، ومع هذا، ومع إفتراض إمكانية تحقيق هذا الهدف، فالإخفاق لمبادرته والفشل لجهوده، باتت قريبة وستكون معلنة، مع عدم تجاوب نتنياهو وحكومته الأستيطانية التوسعية، لمتطلبات التسوية وشروط الجلوس على طاولة المفاوضات سواء نحو وقف عمليات الأستيطان والتوسع ومصادرة أرض الفلسطينيين وبيوتهم وممتلكاتهم، وتهويد معالم حضارتهم العربية الأسلامية المسيحية وأسرلتها، وجعل وطنهم طارداً لهم عبر الأفقار والتجويع والتطهير وإعاقة فرص الحياة، أو مع رفضه تحديد مرجعية التفاوض لحدود عام 1967، ورفض إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين.
الصراع بين المشروعين: الإستعماري العنصري الإسرائيلي، وبين المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني حاد وساخن ويومي، على كامل أرض فلسطين، في الضفة والقدس مثلما هو في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل الفلسطيني المختلطة، لا فرق بين هذا وذاك، بين هذه المنطقة وتلك، فأصحاب فكرة وخارطة» أرض إسرائيل» هم الذين يحكمون دولة الأحتلال الإستعمارية التوسعية العنصرية، وأحزابهم المتطرفة هم القاعدة السياسية لحكومة نتنياهو، ووزراء المستوطنين من الليكود والبيت اليهودي ويوجد مستقبل هم بيضة القبان لقرارات وإجراءات وسياسات حكومة الأئتلاف، التي تستغل عوامل التفوق الإسرائيلي والدعم الأميركي والخذلان العربي والأنقسام بين الضفة والقطاع، وفشل طرفي الخلاف فتح وحماس وعجزهما عن إمتلاك زمام المبادرة لمواجهة المشروع الإسرائيلي، فاقدين القدرة على وضع الأولويات المناسبة للنهوض الوطني الفلسطيني في مواجهة التفوق الإسرائيلي ومشروعه الإستعماري.
h.faraneh@yahoo.com
حمادة فراعنة /تعثر الجهود الأميركية
24
المقالة السابقة