“ارتقوا… فقد ازدحم القعر”… هذه تغريدة نشرتها البارحة على حسابي على “التويتر”. والمقصود فيها “حزب الله” وسياساته التي اوصلت لبنان الى مفترق طرق خطير للغاية. نعم ان سياسات الحزب المذكور بلغت القعر من حيث نتائجها المدمرة على النسيج الوطني اللبناني، وعلى العيش المشترك، وعلى وحدة الكيان، ومصير الصيغة اللبنانية التي قام عليها لبنان الحديث. هذه السياسات اوصلتنا الى مكان خطر جدا. لم تعد تفصلنا عن الحرب الاهلية سوى شعرة واحدة لا نعرف متى واين وكيف ومن سيقطعها. انها مسألة نقطة الماء التي ستفيض بها الكأس في لبنان. في كل مكان من لبنان اقتناع عميق باستحالة التعايش مع مشروع “حزب الله”، وثقافته، ووظيفته، وعدوانيته الفائقة في كل اتجاه. في اتجاه الداخل بالقتل والاغتيالات وبناء مجتمع رديف للمجتمع اللبناني فوق القانون وقواعد الانتظام العام. والمجتمع يتم بناؤه على اساس البلطجة الداخلية بحيث بتنا اليوم امام مأزق وطني كبير جدا نهايته بحر من الدماء حتى لو توهم بعضهم ان موازين القوى تمنع الثورة على واقع الحال المزري.
نعم ثمة ثورة حقيقية تعتمل في امكنة كثيرة من لبنان، ولن يمر وقت طويل قبل ان يحصل انفجار لطالما حذرنا منه. واول من حذرنا قيادات “حزب الله” التي تبدو من كبيرها الى صغيرها سكرى بنشوة القوة، والبلطجة. لم نعد امام ظاهرة مسلحة، ولا امام حالة مافيوية، وبإزاء تنظيم فاشيستي فحسب، بل اننا امام وحش اوصل الناس في لبنان وسوريا وبقية ارجاء المنطقة الى اقتناع راسخ مفاده انه لا يجبه بالادوات التقليدية المعتمدة، وانما يواجه بالمنطق نفسه، اي بالاحتكام الى منطق القوة.
طبعا يثبت التاريخ ان الثورة على الظلم وعلى العدوانية قد لا تبدأ بحال من التوازن، ولكن الطرف المعتدى عليه ومن شدة الظلم اللاحق به يصل مكرهاً الى الخيارات المؤلمة… لكنه يصل اليها. ويقيننا ان جنون “حزب الله” اوصل كثيرين الى تلك الخيارات…
لقد شكل غزو “حزب الله” مدنا وقرى سورية وتورطه في قتل الناس هناك الحد الفاصل بين مرحلة ومرحلة. فقد فهم اللبنانيون بغالبيتهم ان هذا التنظيم العدواني والغارق في دماء الناس في سوريا عائد الى هنا لاستكمال وضع اليد على لبنان، وكسر توازناته، وقتل من يمثلون معنى لبنان الحر التعددي المستقل الحيادي.
لقد فتح “حزب الله” ابواب جهنم فعلا… ودخل في حرب “المئة عام” العربية الاسلامية… وهذه الحرب ستمتد في كل ارجاء المشرق العربي. وواهمون اولياء هذا الحزب أكانوا لبنانيين ام ايرانيين ان الثمن سيكون بخسا. سوف يكون الثمن باهظاً… ومن وزعوا البقلاوة يوم غزوة القصير، كالذين وزعوها يوم قتل جبران تويني وآخرين سيكونون اول من سيكتشف هول العواقب القادمة… ومَن يعش يرَ!