في زيارتي الأخيرة لمخيم الزعتري فوجئت بظاهرة جديدة لافتة للانتباه فإحدى الجمعيات الخيرية العاملة لا تكتفي بتوزيع المساعدات التي تأتيها من قطر الشقيقة بل تقوم بتزويج الفتيات والنساء السوريات في المخيم لرجال وافدين يقصدون المخيم لهذا الغرض وسط ترحيب من هذه الجمعية الخيرية وهي جمعية الكتاب والسنة التي بدأت عملها الخيري منذ بدء بناء المخيم رغم دعوتنا المستمرة أن تتعامل الدول المانحة والمتبرعة مباشرة عبر سفاراتها مع جهات أردنية رسمية لأسباب تتعلق بعدم تسيس المساعدات لكن ذلك لم يستوقف المسؤولين الذين ظلوا يستقبلون مساعدات من أطراف عديدة دولا ومنظمات وجمعيات على مختلف الانتماءات والتوجهات..أخيراً بدأت جمعية الكتاب والسنة (اخوان مسلمون) تقوم بزيجات فردية وجماعية في المخيم لتخدم نهجها معتبرة ذلك من الاصلاح وأنه يقربها وأعضاؤها من الله دون أن تأخذ بعين الاعتبار الظروف والبيئة القائمة والمحيطة ولا الفروق في السن حيث جرى تزويج فتيات لم يتجاوزن (16) سنة لرجال تجاوزت أعمارهم (67) سنة وبعضهم أكبر مقابل رسوم يجري دفعها من جانب الطرفين وهي تتراوح ما بين (500) دينار يدفعها العريس للواسطة التي تقوم «بتلبيق» الزيجات..
هذه الظاهرة تنتشر الآن إلى جانب ظاهرة تهريب اللاجئين بكفالات وهمية مدفوعة للمستفيدين الذين يخرجونهم مقابل كفالة وهناك من كفل عشرات وما زال الأمر قائماً..
أدعو إلى إعادة النظر في كثير من المسلكيات التي يتغطى بعضها بالدين أو الشهامة أو اظهار التبرع..فهناك مصالح وطنية وهناك منظمات حقوق الانسان التي عليها أيضاًَ أن تتوقف عند هذا النوع من الاتجار بالبشر سواء داخل المخيم أو خارجه ووقف العديد من أشكال التجارة السوداء والسوق السوداء والتنظيمات الاقتصادية الريعية الطارئة التي اعتدى بعضها على الشرطة لاختلاف المصالح وتضاربها داخل المخيم..
لا بد من السؤال عن هذه الممارسات وعن عقود الزواج التي تعقد ومدى شرعيتها ليست الدينية فقط والتي ربما تغطى وانما القانونية والمدنية وحقوق الانسان والأهلية وجهات الانتفاع والحصول على الموافقات وبموازاة ذلك التدقيق في مرجعيات الملكيات الخاصة والمحلات التجارية المنتشرة داخل المخيم وملكياتها وتنظيمها..بعد أن أصبحت المواد التموينية تباع خارج المخيم وفي السوق السوداء باثمان بخسة وحتى من خلال شاحنات تتجول في بعض المحافظات..
لقد رأيت بأم عيني خياما من تلك التي احضرتها منظمة اللاجئين الدولية ومدموغة بشعار هذه المنظمة تباع خارج المخيم بسعر خمسين ديناراًَ..
أعود إلى موضوع الزيجات التي تمس قاصرات ونساء غير مؤهلات للزواج وزواج صوري أو حتى رسمي يتم بعده الطلاق مباشرة لتؤول المتزوجة التي لا حماية لها لزوج آخر جديد ينتظر أن يفرغ الزوج الأول المعقود باسمه الزواج في المخيم وخارجه في مكاتب خاصة..
إن أشكال الاتجار بالبشر تتعدد وتأخذ أشكالاً ناعمة وربما بعضها يتغطى بالدين أو بالعادات والتقاليد والعرف أو التوافق أو حتى التواطؤ في صفقات لها ضحايا منهم المجتمع نفسه حين لا يحسن الرقابة أو لا ينهض فيه من يطبق القانون ويمنع التجاوزات عليه..
alhattabsultan@gmail.com