يوصف الأردنيون بأنهم من أكثر شعوب الأرض ممارسة لعادة التدخين، ويتجاوز ما ينفقه المواطنون على التدخين 700 مليون دولار سنويا، وتشكل السجائر المهربة نحو 44.2% من حجم سوق السجائر المحلي، وتفرض السلطات المالية ( الضريبة) 72% على ثمن العلبة الواحدة، وتقدر ايرادات الخزينة من السجائر المحلية او المستوردة رسميا بحوالي 227 مليون دينار، وان الخزينة تخسر 190 مليون دينار بسبب تهريب السجائر الذي اصبح امرا مألوفا ليس فقط على الإشارات الضوئية، بل يباع في محلات مرخصة لبيع التبغ وصولا الى البقالات الصغيرة، وبلغ الأمر حد عرض البائع للسجائر المهربة، حيث تباع بسعر مختلف تبعا للمنشأ.
وبحسب دراسة حديثة حول سوق السجائر المحلية ( المنتج الوطني والاجنبي) فإن ماركة مالبورو الأكثر تداولا في السوق، والمصدر الرئيس للتهريب لبنان بنسبة
63.3%، بينما تشكل السجائر المهربة من الأسواق الحرة في المنافذ البرية بنسبة 18.3%، والنسبة المتبقية تتوزع على مصادر مختلفة، وهذه الأرقام مؤلمة للاقتصاد الوطني وتؤثر على الاقتصاد والمجتمع، وتضغط على العملات الصعبة التي تخرج من الدورة المالية المحلية الى خارج البلاد، وتلحق اضرارا بالغة للصناعة الوطنية، وتوسع نطاق المعاملات التجارية الرمادية ( غير الخاضعة للرسوم والضرائب ).
عندما ترتفع نسبة التهريب في قطاع السجائر يستطيع المراقب لما يجري في السوق ان يتأكد ان هناك عملية تهريب منظمة واسعة النطاق يحميها متنفذون ويحققون ارباحا غير شرعية على حساب البلاد والعباد، وان هناك تراخيا أو عجزا عن مواجهة هذا السيل الجارف من التهريب، والذي يتم عبر منافذ رسمية أو غير رسمية مسكوت عنها، فالتهريب لا يتم بكرتونة سجائر او عدة ( كروزات )، و الحاجة تستدعي أخذ زمام المبادرة لتغليظ العقوبة على كبار المهربين الذين يحققون ارباحا بمئآت الملايين من الدنانير على حساب الجميع المواطن ( المدخن وغير المدخن ) وصناعة السجائر المحلية والمالية العامة، وفي هذا السياق فإن ضبط تهريب السجائر كفيل بتغطية جزء مهم من فجوة الدعم الحكومي للطاقة الكهربائية.
عمدت شركات صناعة السجائر المحلية قبل اشهر لتخفيض اسعار المنتجات الوطنية بنسبة مؤثرة تراوحت ما بين ( 300 الى 400 ) فلس، وهذا التخفيض ساهم بتحول نسبة معقولة من المدخنين الى السجائر المحلية، وفي نفس الوقت ارتفعت اسعار السجائر المهربة بنسبة كبيرة، وحاول موزعو السجائر المهربة تحميل ارتفاع الأسعار الى الأزمة السورية، إلا أن الدراسات تشير الى ارتفاع تهريب السجائر اللبنانية الى الاردن من منافذ عدة في مقدمتها الحدود الاردنية السورية خلال الربع الأخير من العام الماضي، ويؤكد ذلك ان رفع الاسعار يعود الى تبدل جزئي لسلوك المستهلك الاردني لمواكبة انخفاض اسعار السجائر المحلية، ومحاولة المهربين تعويض الأرباح جراء انخفاض الطلب على السجائر المهربة…مكافحة التهريب مسؤولية رسمية بامتياز.