أكرمنا ، مركز دراسات الرأي بحلقة بحثية ذات طابع رفيع المستوى ، بدعوة شخصيات وازنة للحديث عن الأتفاق الأردني الفلسطيني نحو القدس ، ومقدساتها الأسلامية والمسيحية ، وذلك عبر دعوة وزير الأوقاف الفلسطيني د . محمود الهباش الذي يتحلى عادة بالوضوح والشجاعة ، وإمتلاكه من العلم والثقافة الواسعتين ، وبذلك فرض نفسه عنواناً ، ومدرسة سياسية في كيفية تناول المستجدات القائمة وضرورات الصراع وأولوياته وبما ينسجم مع الواقع الفلسطيني على أرضه ، وكيفية دعمه وإسناده من قبل العرب والمسلمين والمسيحيين ، ومحبي العدل والسلام ، والمؤيدين لحقوق الشعب العربي الفلسطيني الثلاثة : حقه في المساواة في مناطق الأحتلال الأولى عام 1948 ، وحقه في الإستقلال في مناطق الأحتلال الثانية عام 1967 ، وحق اللاجئين في العودة إلى بيوتهم ومدنهم وقراهم التي طردوا منها عام 1948 ، وإستعادة ممتلكاتهم المنهوبة من قبل عدوهم الإسرائيلي على أرضها .
وإضافة إلى الوزير الهباش ، البطريرك ثيوفيلوس الثالث ، بطريرك القدس وسائر أعمال فلسطين والأردن ، والشيخ عزام الخطيب مدير أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى ، ومن ثلاثتهم ، يتبين دقة الأختيار وحسنه من قبل مركز دراسات الرأي ، بإختيارهم لشخصيات فلسطينية مقيمة في وطنها ، ووسط شعبها ، ليتحدثوا عن فهمهم ومصلحتهم ورؤيتهم للإتفاق الذي وقعه جلالة الملك مع الرئيس الفلسطيني يوم 31/ أذار الماضي ، كرافعة معنوية وأدبية وأخلاقية وقانونية ، بل وسياسية ، في التصدي للإجراءات المنهجية المتواصلة لتهويد وأسرلة وصهينة القدس ، الفلسطينية العربية الأسلامية المسيحية .
والقيمة الهامة ، لمبادرة الرأي ومركز الدراسات فيها ، أنها دعت هؤلاء الذوات ، بحضور وزير الأوقاف الأردني ، وحشد من المهتمين ، عبروا عن القلق أولاً وعن ضميرهم ثانياً وعن إنحيازهم ثالثاً وعن عدائهم للإحتلال والمشروع الأستعماري التوسعي الأسرائيلي رابعاً ، وهو مطلوب وضروري ، ولكن في غمرة هذا الوعي الأردني لخطورة مشروع أسرلة القدس وتهويدها ولعموم فلسطين ، وبما يتعارض مع المصالح الوطنية والقومية والدينية الأردنية ، في غمرة ذلك ، تضيع بوصلة الحماس لدى البعض منا ، ليظهر بعضهم وكأنه يدرك المخاطر ، ويفهم التفاصيل ، ويضع الأولويات ، أكثر من الفلسطينيين أنفسهم ، وبالتالي تبرز الفجوة غير المبررة بين الوعي والفهم والضرورات الفلسطينية وبين بعض المثقفين خارج فلسطين ، بما لا ينسجم مع الواقع وأولوياته .
علينا واجب ومسؤولية ، في دعم الشعب الفلسطيني وإسناده على أرضه ، وفي كفاحه ضد العدو المشترك ومشروعه الإستعماري التوسعي ، لا أن يكون أي منا في موقع المزايدة عليه وتجاوز أولوياته ، لتكون ثقافتنا الشفهية ورغباتنا غير العملية هي البوصلة المحركة وبتعصب غير ديمقراطي ، نفرضه على الأخرين ، أصحاب الأرض وهم الذين يدفعون الثمن ، ثمن صمودهم على أرضهم ، وثمن تصديهم للإحتلال .
مبادرة مركز دراسات الرأي تستحق الأحترام ، وضيوفهم كذلك ، وإذا أجادوا إختيار ضيوفهم فعلينا إجادة فهم المعنى من مقولة الحكمة النزيهة التي تنص على أن « أهل مكة أدرى بشعابها».
h.faraneh@yahoo.com
حمادة فراعنة/الموقف نحو فلسطين
18
المقالة السابقة