الحملة الاعلامية التي استهدفت فكرة مد خط أنبوب نفط عراقي إلى الأردن وعبره حتى العقبة تقف وراءها جهات اقليمية ويشعر المراقب أنها لا تستند إلى أي منطق سوى التحريض والتشكيك واصابة أي تعاون على أي مستوى بين بلدين جارين..
في عالمنا العربي ظل الاقتصاد أسيراً للسياسة بدل أن يكون موجهاً لها كما في دول الاتحاد الأوروبي الذي بني لأسباب وعوامل اقتصادية فحمى سياسة البلدان المنخرطة فيه بل وقرب وجهات نظرها وشكل خط دفاع صلب عن مصالحها في أكثر من ميدان إذ ان هناك بين دول الاتحاد الثماني والعشرين خلافات سياسية موروثة ومستجدةومع ذلك لا تستطيع هذه الخلافات أن تطفو على السطح حيث المصالح الاقتصادية المانعة..
في عالمنا العربي ترهن السياسة الاقتصاد وكلما اختلف نظامان عربيان متجاوران او غير متجاورين عصف الخلاف باقتصادهما بالتبادل التجاري والاستيراد والتصدير والتعاون وجرت معاقبة المزارعين والصناعيين والاقتصاديين وحتى التنقل والحصول على التأشيرات والوظائف وغير ذلك وربما تصل الأوضاع إلى حالات من الجمود الاقتصادي بفعل المزاج السياسي..
الهجمة الاعلامية على خط أنبوب النفط الذي يشكل حبلاً سرياً موصلاً ما بين البصرة والعقبة ويبعث الحياة الاقتصادية بكل ألوانها لا يوجد ما يعيبه وقد أخذ المهاجمون عليه ما يؤخذ على الورد حين لم يجدوا فيه عيباً فقالوا «أبو خد أحمر»..
المشفقون قالوا انها صفقة سياسية لانقاذ الحكومة العراقية واقتصادياتها حين يهدد تدفق النفط العراقي من التصدير عبر موانيء وطرق أخرى وكأنهم يريدون حصار النفط العراقي ويربطون مقدرات العراق بسبب سياسي محض أو موقف من حكومة المالكي وهذا الأمر لا يجوز فالعراقيون تحت أي نظام هم الذين يختارون نظامهم وتجربتهم غنية وفيها من عوامل الدفع والتغيير ما يمكنهم من ذلك وليسوا بحاجة الى المزيد من التدخل والذي بيته من الزجاج لا يرجم الآخرين بالحجارة..
لقد عانينا نقص الطاقة وارتفاع أسعارها ولم يرحمنا أحد إلا بالنزر اليسير وظلت الطاقة والحصول عليها عنصر تهديد لأمننا الوطني وعامل صعب في اقتصادنا المحدود إلى أن جاءت هذه الفكرة التي تأخرت كثيراً ولم يسمح بانفاذها في العقود السابقة لعوامل سياسية لا مجال لذكرها ولعدم حاجة الطرفين الأردني والعراقي الماسة لمثل هذا التعاون الذي كان يغطى بوسائل أخرى..
اليوم فإن العراق بحاجة إلى تصدير نفطه عبر أنبوب آمن وعلى موانيء آمنة والأردن بحاجة الى تغطية حاجاته وما يترتب على مرور هذا الانبوب فوق أرضه من منافع كبيرة وعديدة يصل بعضها إلى حل مشكلة الطاقة المزمنة لأول مرة في تاريخ الأردن بعد أن يكون هذا الأنبوب قد مُدّ وتدفق النفط فيه ليسد حاجات الأردن التي تقرب من (150) ألف برميل يومياً وفوائد أخرى يجنيها الأردن كبديل امتداد الخط والمحافظة عليه وأمنه وهي فوائد تقدر بمئات الملايين وستكون صفقة العصر ومشروع الأردن الأول عبر تاريخه حتى اليوم..
رحبنا بالمشروع على المستوى الرسمي وما أبدته حكومة الدكتور عبدالله النسور من تشجيع وعلى المستوى الشعبي لما يوفره من سد حاجات للطاقة وفرص عمل للشباب والمهندسين بالآلاف وما ينمي المنطقة المحيطة بالخط وعبر امتداده من تنمية اجتماعية واقتصادية وسياحة واعمار وتجمعات سكنية..
على المشفقين أن لا يخافوا من مفاجآت السياسة بعد اليوم وبعد اعراض الربيع العربي والتحولات الديموقراطية وعليهم أن يتركونا نستثمر في الاقتصاد مع العراق ونشرك فيه أوسع قواعدنا الشعبية لننتفع من ذلك ولذا فإنني أحيي الخطوة وانظر اليها كخطوة انتصار للسياسة الأردنية المتوازنة وثمرة من ثمار الأمن والاستقرار الذي جعل العراق يتوجه إلى الأردن وبغض النظر عن السياسات العراقية الداخلية أو في الاقليم فإننا قادرون أن نتعامل مع بلد جار وشقيق نحترم خياراته وعملنا ونعمل على مساعدته في كل مراحل نظامه السياسي ولا نشترط عليه شأن البلدان المتقدمة التي تقيم علاقاتها معنا في الشرق والغرب وعبر العالم.فالخطوة كبيرة وهامة وعلى الذين يلتفتون لأجنداتهم على حساب المصلحة الوطنية الأردنية أن يتوقفوا فالأصل هي المصلحة الأردنية التي يحققها مد هذا الأنبوب بامتياز..
alhattabsultan@gmail.com