سلطان الحطاب/كيف نصمد أمام الزلزال السوري؟

ما زال الزلزال السوري في لحظاته التي تسبق الارتدادات الكبيرة والتي تصنف بخطورة أكبر من وقع الزلزال نفسه، وما زال هذا الزلزال يضرب كل أرجاء سوريا في مدنها وقراها وريفها وسهلها وجبلها ويضرب حياة السوريين ويزيدها دماراً وتمزقاً ويفقدهم كل أسباب الاستقرار والأمن ومستقبل أجيالهم..
كان السوريون شعباً عزيزاً كانوا موقع الرهان العربي للمستقبل العربي، جرى مصادرة احلامهم وارادتهم حين أصبح النظام أهم من الوطن والأرض ومنذ أن قالت القيادة السورية عقب احتلال الجولان إن بقاء النظام السوري هو الأهم أمام كل الهزائم والاندحارات لم يستقل أحد ولم يتراجع أحد وقد أوغلت القيادات السورية في الشعارات ونسيت أن جزءاً من الوطن محتل.
وحين جاء الربيع العربي واتسعت الشقوق وبدأت الشعوب العربية تتنفس وضع النظام السوري الشعب أمام خيار صعب وهو إما أن يقبلوه كما هو أو يقاتلهم وحين لم يقبلوه قاتلهم وما زال يقاتلهم كما لو كانوا أعداء حتى من عرفنا من أعداء سوريا لم يقاتلهم النظام كما قاتل شعبه..
سوريا الآن في المطحنة التي تدور فتهرس كل شيء وتفتت كل شيء وهذا الحريق يتسع وقد يصيب مختلف الأطراف.. النظام السوري لم يتعظ بأنظمة أخرى حرقها الربيع العربي فأمعن في ركوب الرأس وها هو يواصل ويجر المنطقة كلها إلى البلاء فما هو المنتظر؟ وكيف يمكن أن تتطور الأمور؟..
الاستقطابات الدولية في الشأن السوري تتزايد بعد أن حولت هذه الاستقطابات نظام الأسد إلى طعم لاصطياد سوريا والعمل على بقائه ليزداد تفتتها ودمارها وتحولها إلى صومال أخرى وتدريب كل المتطرقين على أرضها لتصدر فيما بعد ما يشبه الأفغان العرب..تاركاً التسمية لتطورات الحالة..على الأرض السورية تقاتل وتتدخل كل أجهزة المخابرات والتنظيمات الوليدة والتي تريد أن تكبر بالقتال والدم وهناك تدفق أرعن إلى أرض سوريا للقتال على سوريا وفي سوريا وقوى أجنبية عديدة تتفاعل وتتدخل وتراقب وتوجه.
يتحمل النظام السوري المسؤولية الأساسية عما يجري فهو الذي لم يدرك كيف يتعامل مع شعبه وترك الجرح السوري يفغر ويتلوث ويستقطب كل عوامل التعفن..
ماذا عنا؟ كيف يمكن أن نتجنب الزلزال السوري وارتداداته وقد تحملنا أعباء وأعراض كثيرة ومرهقة حتى الآن نتاج موجات هجرة ونزوح السوريين إلى المملكة وما زلنا نعيش هذا التحدي الكبير الذي لم تبلغ ردود العالم عليه مستوى خطورته..وكل ذلك قد يكون هيناً مقارنة لما هو آت..فما هو القادم؟
هل يتواصل الضغط الاقليمي الدولي فوق المحلي ليدفع الأردن باتجاه إمساك العصا من الطرف بعد أن ظل يمسكها من المنتصف؟ وهل تنتهي سياسة النأي بالنفس الخطيرة التي أخذ بها الأردن في موضوع التدخل لكن المخاطر تتدفق من بين رجليه في الموضوع الانساني والأمني..
هل يذهب المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية ودول متحالفة معها إلى حد التدخل العسكري او الغزو المباشر لسوريا بعد عملية بوسطن الارهابية؟ وهل يدفع الأردن ليكون جزء من هذه الحملة أو مقدمة لها؟..ما مخاطر ذلك ؟ وهل يجيب على ذلك متخذو القرار؟ أم يتركوا الاجابة للشارع المنقسم؟
لا يستطيع الأردن أن يرحل من جوار سوريا ولا ان يغلق أبوابه على المروعين والمنكوبين والملهوفين السوريين كما لا يستطيع أن يتقي خطط الارهاب المبيتة بعد سقوط النظام السوري فماذا نحن فاعلون ؟ قد يكون لقاء الملك عبدالله الثاني القادم في واشنطن حاسماً اذ أن اللقاء مع القيادات الأمريكية سيدرس العديد من الخيارات التي يشارك فيها الاماراتيون والأتراك وتلحق الولايات المتحدة اسرائيل مع تركيا بعد المصالحة الأولية بين الطرفين..
القادم أعظم وخطير ويحمل في طياته الكثير من المفاجآت وهناك أكثر من حبل من المشانق يتدلى والمهم أن يظل عنقنا بعيداً وأن نخرج من هذه المحنة كما خرجنا من محنة العراق وأن نراهن على إرادة شعبنا الذي علينا أن نعطيه الأولوية في إعادة بناء توافقه الوطني.
alhattabsultan@gmail.com

شاهد أيضاً

رؤى من المنتدى الاقتصادي العالمي في الرياض* د. رعد التل

عروبة الإخباري – عُقد، قبل أيام، المنتدى الاقتصادي العالمي في المملكة العربية السعودية بالرياض، تحت …

اترك تعليقاً