عروبة الإخباري – الدرس الذي يمكن إستخلاصه من فعاليات اليوم الأول لمناقشات الثقة بحكومة الرئيس عبد الله النسور في الأردن يفيد بوضوح بأن إنقاذ الحكومة وحصولها على الثقة من البرلمان أصبح ‘مهمة صعبة’ لا يمكن إنجازها بدون تدخل من مؤسسة القصر الملكي والمؤسسة الأمنية في اللحظات الأخيرة.
النسور أخذ على عاتقه الشخصي المجازفة عمليا عندما شكل منفردا بالتحالف مع رئيس الديوان الملكي فايز الطراونة فقط بصفته الشخصية ومع بعض المقربين منه الفريق الوزاري دون مشاورات حقيقية لا على صعيد البرلمان ولا على صعيد مؤسسات القرار الشريكة.
وهذه المجازفة كلفت النسور على الأقل في الوجبة الصباحية من مناقشات اليوم الأول أربعة أصوات قررت حجب الثقة من بين 20 نائبا متحدثا مما يؤشر على أن الغطاء الأمني والسياسي غير متوفر في حضن الحكومة مع التأكيد على أن المجلس النيابي سيد نفسه كما أكد رئيسه سعد هايل السرور
ولم يعرف بعد ما إذا كانت مؤسسات الظل القوية ستتدخل في اللحظات الأخيرة لتمرير الحكومة من سيناريو السقوط المحتمل عبر رافعة البرلمان خصوصا وأن النسور نفسه بدا قلقا في مناقشات اليوم الأول بعدما حظي بتقارير ‘إشادة’ نادرة من مؤسسات دولية على رأسها صندوق النقد الدولي وهي إشادات من النوع الذي يؤذي الحكومة داخليا ويشوه صورتها لإنها تعني الإسترسال بلعبة رفع الأسعار.
وبدا واضحا في السياق ان جبهة النسور الشعبية تزداد ضعفا وفقا لما لاحظه الكاتب السياسي فهد الخيطان وهو يتحدث عن تراجع نسبة الثقة بقدرات النسور وفريقه بموجب الإستطلاع المستجد لمركز الدراسات الإستراتيجية حيث تقلص عدد المؤمنين بقدرات الحكومة بنسبة 5 بالمئة على الأقل. اللافت جدا في السياق أن رموز البرلمان المحسوبين تماما على مؤسسة النظام والذين لم تعرف عنهم بالعادة إتجاهات المناكفة والمعارضة هم الذين بادروا لإعلان حجب الثقة عن الحكومة.
بين هؤلاء ألمح رئيس كتلة وطن العريضة الحليفة للنسورعاطف طراونة لإحتمالات الحجب فيما لم تعد الكتلة التي صوتت لصالح تسمية النسور رئيسا للوزراء مضمونة إلى جانبه في التصويت على الثقة كما أوضح’عضو الكتلة محمد حجوج.
كما سخن الأجواء ضد الحكومة وفريقها نواب محسوبون على السلطات الرسمية بالعادة مع جملة إعتراضية قاسية قادها نواب وسطيون من بينهم محمد برايسه ومحمود الخرابشة وضيف ألله الخالدي ومحمود مهيدات وجميعهم حجب الثقة مسبقا، الأمر الذي يشجع أعضاء آخرين مترددين عمليا في حسم موقفهم.
قبل ذلك فاجأت أصلب كتل البرلمان في التحالف مع النسور وهي كتلة حزب الوسط الإسلامي الحكومة ببيان رسمي للناطق بإسمها مصطفى العماوي يربط بوضوح التصويت بالثقة للحكومة بمسألة الإعلان الواضح عن عدم وجود نوايا لرفع الأسعار.
الخيار الأخير لا يبرر عمليا إستمرار الحكومة لو قرر النسور الإلتزام به والعماوي أعلن بأن كتلته مستقلة في قرارها ولا تؤثر عليها أي إعتبارات خارج قراءة البيان الوزاري وترقب رد النسور على ملاحظات البرلمان خلال المناقشات.
الأوساط المتابعة بالعادة لديها خبرات سابقة عن خطابات نارية تقال تحت القبة ضد الحكومة دون أن يصوت أصحابها بحجب الثقة. وفي البرلمان الحالي يمكن أن يحصل ذلك، كما يقدر الناشط السياسي مبارك أبو يامين وهو يتوقع حصول حكومة النسور على الثقة بكل الأحوال في النهاية.
لكن الجديد هذه المرة أن الإعتراضات منطلقة من نواب الوسط والثقل العشائري خصوصا مع تجاهل تمثيل العديد من المحافظات والمساحات الجغرافية في الحقائب الوزارية، الأمر الذي شكل ذريعة لنقد الحكومة ومعاكستها.
الأصوات الأعلى حتى الآن وفقا لسياسي رفيع المستوى هي أصوات حجب الثقة عن حكومة النسور أما المؤيدون لها فأصواتهم خفتت او توارت عن الأنظار وهو وضع مربك في حسابات الثقة يبقى النتائج مفتوحة على كل الإحتمالات بما فيها خوض تجربة ديمقراطية نادرة لأول مرة وإسقاط الحكومة شعبيا.
في الإتجاه المعاكس لا يعتبر سياسيون خبراء من بينهم المخضرم ممدوح العبادي بأن الإعتراضات الحادة على الحكومة يمكن ان تكون مؤشرا حيويا وفاعلا على أن الوزارة الحالية لن تحصل على الثقة في محصلة المطاف.
القدس العربي