آخر المخطوفين حتى كتابة هذه السطور، كان المواطن جوزف الخولي الذي قيل انه يعمل سائقاً عمومياً، وقد خطف في منطقة الدورة أي في قلب العاصمة وفي احضان الدولة. الخاطفون طلبوا فدية قيمتها 50 الف دولار وهو ما كان قد دفعه اهل المخطوف مازن حمادة في عنجر لاستعادته، بما يعني ان بورصة الخطف آخذة في الانهيار، فابشروا سيأتي يوم تصل فيه “التنزيلات” درجة تجعل فدية المخطوف من الفقراء رأس بطيخ او ربطة خبز او علبة طون!
ذات يوم رفع الإمام المغيّب موسى الصدر شعار “السلاح زينة الرجال” لمواجهة العدو الاسرائيلي الذي تمادى في شن الهجمات من الجنوب الى بيروت، والآن ايها السادة الكرام في هذه الدولة السعيدة، اسمحوا لنا ان نرفع شعار “تسلحوا… السلاح أمان”، لأن “موضة” الخطف التي تزدهر في الشوارع والمدن والأرياف، لأسباب تتصل بالثأر والابتزاز وفرض الخوّات، قد تنتقل غداً الى البيوت وقد يأتي من يقرع ابوابكم قائلاً “اطلعوا برّا وبثياب النوم… وهاتوا الأساور وما في الجوارير”!
قبل اسبوعين تقريباً ناهز عدد المخطوفين الـ64 بعضهم لأسباب سياسية، وبعضهم لحزازات وكراهيات مذهبية مستجدة، وبعضهم لأسباب تتصل بالأزمة السورية، والبعض الآخر طمعاً بالفدية، لكن المضحك – المبكي ان المفاوضات على الفدية شهدت احياناً مساومات بين الضحايا والخاطفين بعيداً عن “عيون” الدولة [يا عيوني] على قاعدة إثبات فقر الحال وضيق ذات اليد وانتهت بخفض “السعر” الى الربع واقلّ من الربع، وهذا دليل “شهامة وتحسس” عند الخاطفين يفتقر اليهما الكثيرون من اهل الدولة!
قبل ان تصبح الحدود مع سوريا سائبة الى هذا الحد، حيث لم يعد في وسع السلطات ان تعرف من يدخل ولماذا ومن يخرج وعلى أي اساس، كانت موجة الفلتان والتعديات قد تفاقمت وبلغت حداً هدد بنسف الاستقرار وكان من نتيجتها ان دول الخليج حذرت رعاياها من زيارة لبنان، وهو ما انعكس سلباً على مواسم السياحة والوضع الاقتصادي، ومن نتيجته ايضاً اليوم ان اميركا دعت امس رعاياها في لبنان الى الحذر ونبهت مواطنيها من السفر اليه، كل هذا ومعظم المسؤولين والطقم السياسي غارقون في دوامة قانون الانتخاب وتشكيل الحكومة العتيدة، وكذلك في السمسرة والسرقة والسطو على المال العام!
وهكذا ضاع صراخ المطارنة الموارنة امس ان “لبنان ليس ورقة او ساحة”، في برية اولئك الذين زعموا انهم رفعوا الأغطية عن المرتكبين في حين انهم لا يرفعون اقنعة الوقاحة والحرام عن وجوههم… وجوزف الخولي السائق العمومي يخطف من اجل حفنة من الدولارات اذا صح الخبر، اما الطيران السوري فيقصف ضواحي عرسال، بينما نبحث عن رئيس لحكومة مفلسين قبل ان تولد!
راجح الخوري/تسلّحوا… السلاح أمان !
15
المقالة السابقة