ثمة اجماع إسرائيلي على ان المصالحة بين إسرائيل وتركيا التي رعاها الرئيس الأميركي هي اهم انجاز حققه باراك أوباما خلال زيارته لإسرائيل. لكن الواضح، أياً تكن الأهمية التي يعلقها الأميركيون والإسرائيليون والأتراك على عودة المياه الى مجاريها بين اهم حليفين استراتيجيين للولايات المتحدة في المنطقة، ان اعتذار نتنياهو من الأتراك بعد طول انتظار لم يأت ارضاء للرئيس الأميركي، بقدر ما كان تلبية لحاجة إسرائيلية الى عودة التعاون والتنسيق مع تركيا لمواجهة ما يجري في سوريا.
لم تعد إسرائيل قادرة على البقاء بمنأى عما يدور في سوريا وخصوصاً مع اقتراب المواجهات بين الثوار السوريين والجيش النظامي من حدودها على هضبة الجولان. ومع ان الحدود الإسرائيلية – السورية لا تزال غير مخترقة كما هو حال الحدود السورية مع الدول المجاورة، فان الوضع عليها يتغير يوماً بعد يوم، وقد انعكس هذا بوضوح على الأرض، كما على المستوى السياسي.
فعلى الأرض، نشأ واقع جديد على الحدود في الجولان، فللمرة الاولى تفتح إسرائيل حدودها لاستقبال الجرحى من المعارضين السوريين ويعترف الجيش الإسرائيلي رسمياً بانشاء مستشفى ميداني في احدى القواعد العسكرية التابعة له في الجولان يقدم المساعدة الطبية للمعارضين السوريين. وهنا تستنسخ إسرائيل مع سوريا تجربتها مع لبنان خلال الحرب الأهلية منتصف السبعينات عندما فتحت ما سمته “الجدار الطيب” على الحدود مع لبنان لتقديم المساعدة للمدنيين اللبنانيين. وفي حينه شكل هذا الجدار الخطوة الاولى نحو انشاء الحزام الأمني وقيام “جيش لبنان الجنوبي”. واليوم أيضاً تسمع اصوات مسؤولين عسكريين إسرائيليين تطالب بقيام منطقة أمنية عازلة في الجولان تحت سيطرة قوى سورية قريبة من إسرائيل.
ثمة وجهتا نظر إسرائيليتان في شأن سبل مواجهة تصدع سوريا والحرب الأهلية الدائرة فيها. فهناك دعاة النأي بالنفس وعدم التدخل، لأن أي تدخل إسرائيلي في سوريا ستكون له في رأيهم نتائج وخيمة مثلما حدث في لبنان. ويرى دعاة هذا الرأي ان الامر الوحيد الذي يبرر تدخلاً عسكرياً إسرائيلياً هو منع اتنقال الأسلحة غير التقليدية الى ايدي “حزب الله” أو تنظيمات اخرى متشددة. ويبدو أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هو أقرب الى وجهة النظر هذه.
أما المقاربة الأخرى، فتعتبر ما يجري في سوريا فرصة يتعين على إسرائيل أن تستفيد منها لاقامة تحالف إقليمي مع تركيا والأردن والدول الأخرى المتضررة من عدم الاستقرار في المنطقة نتيجة الأحداث السورية، والعمل معاً لاستيعاب مرحلة ما بعد سقوط الرئيس بشار الأسد ومنع تحول سوريا دولة فاشلة أو دولة جهادية، او تقسيم سوريا دويلات طائفية.
رندي حيدر/تحالف إقليمي لمواجهة الأزمة السورية
17
المقالة السابقة