أعجبني التعبير المقتضب الذي أطلقه الدكتور عبدالله النسور رئيس الوزراء وهو يشخص خلاصة الحوار مع الكتل والأحزاب والأفراد المنخرطين في حوارات عشية تشكيل الفريق الوزاري الجديد ومن غير المألوف أن يطول زمن تشكيل الحكومة كما يحدث الآن ولعل ذلك يرجع إلى رغبة في ارساء تقاليد بدأها رئيس الديوان الدكتور فايز الطراونة وأخذت زخمها الآن في المشاورات اذ لم يعد هناك إمكانية لتشكيل حكومة لا يتوافق عليها النواب ولا يؤسس تشكيلها بداية نهج بناء الحكومات البرلمانية.
أعتقد أن ما فعله الرئيس النسور في اطلاع الذين شاورهم على برنامجه الحكومي هو الأهم من اضاعة الوقت في من سيكون في الحكومة وزيراً سواء جاء من البرلمان أو خارجه فما زلنا لم نتعود بعد على اختيار رئيس الوزراء على أساس برنامج واضح أو حتى اختيار الوزير بناء على قدرته في انجاز هذا البرنامج فقد انتهى أو يجب أن يكون قد انتهى زمن «التوزير» هكذا لأسباب الترضية واختيار الأفراد لذاتهم أو لجهويتهم.
الجدل الذي تسرب بعضه من الجلسات الحوارية جرى تحميله خلاف ما يحتمل وجرى «تقويل» الذين تحاور معهم الرئيس ما لم يقولوه ضمن خطة وضربات استباقية معروفة جرى اطلاق مثلها في مواقف ومواقع أخرى بهدف ابتزاز متخذ القرار أو صده أو ردّه وتخويفه وقد ظل البعض وما زال بهذه الأساليب يأكل في رأس الراي العام حلاوة حين يحرض ويؤلب على غير ما هي الحقيقة.
أعتقد أن الدكتور النسور يجب أن يخرج للناس سريعاً وأن يتحدث اليهم جملة عن وقائع ما دار وليس بالقطاعي فالذين يحاورهم ويحاورونه يطلقون تصريحات صحيحة وبعضها ليس صحيحاً خدمة لأجندات محددة ظلت تفرض نفسها تمنع التقدم والتطور والاصلاح.
ما ادركه الدكتور النسور في حواراته وما صرح به صحيح حين قال لسنا مختلفين في الاتجاه وإنما في تسريع التغيير أو الإصلاح فماذا يعني ذلك؟
حرص الأردنيين على وطنهم وأمنه واستقراره قائم وهم يعتبرون مما يجري في محيطهم العربي والإقليمي ولا يريدون أن تتكرر مآسي الخلافات والصدامات والعنف في بلدهم خاصة وأنهم ليسوا مختلفين على الاتجاه بل يتوافقون عليه إلى درجة كبيرة فكلهم مع الأردن..مع الملكية الدستورية والاختلاف هو في تسريع عملية الاصلاح فهناك من يرى أن السرعة كافية وهناك من يرى أنها بطيئة وضارة وقد يجلب البطء فيها الانتكاسة ويودي بكل ما أنجز..
إذن التحدي هو في تسريع عملية الاصلاح وفي اقناع القوى المعطلة بالابتعاد عن الطريق وافساح المجال وذلك من خلال الحوار والقانون وإرادة الأغلبية التي يعكسها ويؤسس لها الملك والسؤال من الذي يعطل؟ ومن الذي يمنع التسريع؟ وما هي أشكال التعطيل؟ وهل ما يجري من اتهامية لبعض مضامين الحوار الذي يقوده رئيس الوزراء له علاقة بمراكز قوى وقوى شد عكسي وأطراف ما زالت ماثلة في العمل؟ وهل تستمر هذه الأطراف في حضورها وفرض أجنداتها في وقت نحن أشد ما نكون فيه حاجة للخروج من دائرة المراوحة وكسر حلقة الجمود ودفع طاقات مجتمعنا كلها للأمام.
نحن في مرحلة جديدة ولا بد لمكونات هذه المرحلة وحتى اعراضها أن تظهر بوضوح ليدرك المواطن الذي هو مصدر السلطة أن اشياء قد تغيرت وأن النهج الجديد للحكومات أخذ في التطور ومستوعب له ومؤمن بتمثيل أوسع.
ويبقى السؤال المنقذ من الجدل، هل يريد الرئيس حكومة فيها نواب أم لا يريد؟ وإذا لم يكن ذلك من ارادته فإن السؤال هل ستكون الحكومة القادمة قد وزرت النواب أم أنها ترى في ضمهم اليها شيئاً مبكراً يتجاوز بنية الحكومة البرلمانية على أسس موضوعية.. هذا ما لم نعرفه من تصريحات الرئيس وقد نعرفه حين يعرض التشكيلة التي نحتاج لمعرفة الأسس التي اعتمد عليها في اختيارها.
alhattabsultan@gmail.com
سلطان الحطاب/متفقون على الاتجاه.. مختلفون على التسريع
21
المقالة السابقة