لم ينجح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في اقناع زعماء الدول الكبرى بضرورة عدم تخفيف العقوبات على إيران في مقابل تجميد برنامجها النووي مدة ستة اشهر. فقد حاول اقناع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بذلك، لكنه لم يفلح على رغم الحفاوة البالغة التي استقبل بها هولاند في إسرائيل، والمبالغة التي اظهرها نتنياهو في التعبير عن تقديره للموقف الصارم الذي وقفته فرنسا في جولة المحادثات النووية السابقة مع إيران. والواقع ان اغداق نتنياهو الثناء على ضيفه الفرنسي كان موضع تهكم من الاعلام الإسرائيلي الذي اعتبره سلوكاً سياسياً غير حكيم من جانب نتنياهو غايته اغاظة إدارة أوباما، وذهب بعض المعلقين الإسرائيليين الى حد اتهام نتنياهو بتعريض العلاقات التاريخية مع الولايات المتحدة للخطر من أجل تحالف مع فرنسا التي لا يمكن في نظرهم الاعتماد عليها.
وها هو نتنياهو اليوم في موسكو يحاول أيضاً اقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بوجهة نظره ولكن من دون جدوى، وذلك لسبب اساسي هو ان حماسة الروس للاتفاق مع إيران تفوق حماسة الدول الاخرى، كما ان العلاقة بين إسرائيل وروسيا في الاشهر الاخيرة مرت بكثير من التوتر بسبب معارضة إسرائيل تزويد الروس سوريا منظومات صاروخية متطورة ترى إسرائيل انها تشكل خطراً عليها وتقلص هامش المناورة لسلاح الجو الإسرائيلي، وكذلك بسبب اقدام إسرائيل اكثر من مرة العام الماضي على شن هجمات على مخازن صواريخ متطورة روسية الصنع داخل الاراضي السورية.
في هذه الاثناء، يستمر الفتور في العلاقة بين إسرائيل وإدارة أوباما بسبب الحملة التي شنتها أوساط نتنياهو على مواقف هذه الإدارة التي تعتبرها إسرائيل متساهلة مع إيران، والاتهامات الإسرائيلية بان أوباما يرغب في التوصل الى اتفاق سريع مع إيران ويعرض لخطر الانهيار الضغوط الديبلوماسية على إيران، وانه تنكر لكل وعوده لإسرائيل بالوقوف الى جانبها، ومنع إيران بشتى الوسائل من الحصول على قدرة نووية عسكرية.
وفي اطار الحملة التي يشنها نتنياهو على الاتفاق مع إيران، تصاعدت من جديد أصوات مسؤولين عسكريين سابقين مقربين من نتنياهو تحدثت عن امتلاك إسرائيل القدرة على شن هجوم عسكري وحدها على المنشآت النووية الإيرانية، وعن ان إسرائيل غير ملزمة اتفاقاً سيئاً مع إيران.
وبغض النظر عما ستسفر عنه المحادثات الدائرة حالياً مع إيران، واضح اليوم ان إسرائيل لم تعد تملك القدرة على خوض هجوم عسكري على إيران، كما ان قدرتها على تعطيل الحل الديبلوماسي محدودة للغاية، لذا فان أقصى ما يتطلع اليه نتنياهو الآن هو تحسين شروط الاتفاق فقط لا غير.