يتمتم كل عماني في قرارة نفسه كلمات يومية تقول: في اليوم أكبر عاما في هوى وطني.. فكم من اعوام النهضة مرت على عمان، وكم ستعمر تلك الأعوام اذا ما حسبناها بأيامها. ففي السلطنة واقع تكبر فيه كلما دقت الساعة، ولكي لا نغالي كلما قفز عقرب الدقائق.
ثلاث واربعون سنة، وما تبقى من السنين، ألف الف مثيل لها. هكذا نعتقد، ولكننا نصر عليها، حاجة وثمرة ومصيرا. والثلاث والاربعون، التي سوف تتلوها ارقام، بدأ منذ ذلك الفجر الذي طلع على السلطنة في الثامن عشر من نوفمبر 1970، وتقرر منذ لحظتها ان لا نهاية مع البداية .. مسيرة طويلة ظافرة، لا تحبس فيها الأعوام في ارقام، بل تترك على مداها، حيث التاريخ أكبر بكثير من عمر الأوطان، وكل وطن يحتاجه لكي يسجل عضويته فيه.
الوقت ثمين. هكذا قرر جلالة السلطان قابوس المعظم، وهكذا قرأ أكثر كلام في التغيير: تغيير وطن بشكله الكامل، تلوين صورته الجديدة على اساس انه ذاهب إلى المستقبل .. واصعب المستقبل ان تراه قبل ان ينفذ او يقع .. فها هي الأيام والسنوات التي كتبت في مطلع ذلك الفجر البعيد، صارت اليوم حقيقة، لهذا السبب يكرر العماني انه يكبر في اليوم عاما .. اليوم العماني عام، واليوم العماني خميرة يوم آخر .. وهكذا تتوالد الايام لتكون اعواما مجبولة بعرق الجبين، مغسولة بالفرح الذي يغمر الوجدان.
مختلفة هي السلطنة، بل شعبها فيه الكثير من الاختلاف، هي الخلية التي تحدت فيها مؤشرات العملقة مع المبادرة مع الطيبة مع التألق والابداع صنوها. هي بصمة جلالة السلطان الذي كان قدرا مضيئا في سمائها فأوجد فيها ذلك الاختلاف عن غيرها .. هو السلطان المعظم الذي احب الله عمان فوهبها اياه في لحظة المصير والتغيير الذي كان التفكير بهما قائما ليل نهار.
الاختلاف غيَّر عمان، ليس الاهتمام بالمدارس وانشاء الجامعات وبالصحة وبالبنى التحتية والطرقات ثم بالديمقراطية عبر المجالس كافة، وليس عبر الاعلام وما يصدر عنه من مطبوع ومكتوب ومقروء ومسموع، تلك قائمة لا يدعي أحد تمايزها، لكنها في سلطنة عمان ممهورة بأسلوب الخلية العمانية التي هي خصوصيتها، ومنها تتوالد الاجيال لتبدأ دورة التجديد .. حيثما يكون عماني تجد التجديد في عقله وما تصنعه يداه.
يكبر العماني في اليوم عاما في هوى وطنه، لم يكن لأي آخر على هذه الأرض ان يكون له يوم شبيه .. ولهذا نرى السلطنة ليس من خلال سني النهضة، بل من ايامها التي تراكمت تعبا وعرقا وخيارا مدروسا، وهدوءا في المراحل، وثورة شاملة لكن بوعي وادراك، وقبلها دائما هنالك عماني يتآخى مع عماني اينما كان موقعه ليصنعا بين قريب وقريب قصة السلام الوطني الدائم.
تلك هي عمان التي تطل على العام الرابع والاربعين، هي ايام كبر فيها العماني سنين، وما زال جلالة السلطان المعظم يتأمل بعينين مشدودتين إلى اعوام اخرى تظل فيها عمان راسخة المصير والمسار، تقود مشاريعها بعقل بارد .. تحلم أكثر ومن الحلم ما انتج اذا ما تلاءم مع البيئة وهو فعل ادراك صميم.
ويظل السلطان المعظم يحتضن عمان االمصنوعة بقلبه وعقله وصبره وكثافة رؤاه وبحضنه الدافئ الذي ألف ما بين قلوب ابناء الوطن الواحد.