عروبة الإخباري – متنقلا بين أزمات السيارات تحت أشعة الشمس الحارقة، يقضي الملازم فادي السردية ورفاقه بإدارة السير يومهم الرمضاني، فالواجب العسكري يحرمهم مائدة الإفطار مع عائلاتهم وأبنائهم.
وبعد يوم رمضاني حار وقبل الإفطار بساعة يستعد الجميع للاستراحة، بينما تبدأ لدى السردية وزملائه بالميدان مهمة جديدة، يوزعون فيها الماء والتمر على السيارات المارة والمتأخرة في منطقة دوار صويلح شمال العاصمة عمّان.
لا يقف الأمر إلى هنا ليرتاح السردية ورفاقه، فهناك واجب إطعام 160 فقيرا ومحتاجا يجلسون على موائد الرحمن في خيمة رمضانية أقامتها مديرية الأمن العام على دوار صويلح، الذي يربط محافظات شمال المملكة وغربها بالعاصمة عمّان.
مبادرة الجسد الواحد
فالخدمات الشرطية في الأردن لم تعد تقتصر على الواجبات التقليدية، من تعقب للجرائم وضبط لمرتكبيها وتحويلهم للقضاء، بل توسعت لخدمات اجتماعية وصولا لمفهوم الأمن الشامل.
خيمة الأمن العام الرمضانية تقدم الطعام بشكل يومي لنحو 160 فقيرا ومحتاجا ومن أبناء السبيل الذين تقطعت بهم السبل الوصول لعائلاتهم في المحافظات.
ويقدم رجال الأمن العام القائمون على موائد الرحمن وجبات الطعام لمحتاجيها بكل ود واحترام، ويحملون تلك الوجبات والعصائر والألبان ويضعونها على الطاولات أمام الصائمين.
وإذا ما زاد عدد الضيوف في الخيمة الرمضانية عن العدد المحدد ونقصت الوجبات، نادى الملازم السردية على رفاقه (احضروا من وجبات إفطارنا).
مائدتهم الأرضية
بعد أذان المغرب والانتهاء من الإشراف على إفطار مَن في الخيمة، يبدأ تجهيز مائدة الإفطار لأفراد الأمن العام الموجودين في الموقع، فتفرش فُرُش “السفرة” على الأرض، يحيط بها كاسات الماء والعصير ووجبات الطعام مثل التي وزعت على المحتاجين تماما.
ويحدث كل ذلك في جو من الأخوة وتبادل النكات والمواقف الجميلة والصعبة التي مرت عليهم خلال عملهم اليومي، استعدادا لاستكمال العمل بعد الإفطار وصلاة التراويح.
تكافل وتراحم
مدير السير بالإنابة العقيد الركن باسم الخرابشة قال للجزيرة نت إن مبادرة الجسد الواحد استجابة للتوجيهات الملكية في تعزيز مفاهيم التكافل والتراحم بين أبناء المجتمع الأردني الواحد، وتقدم جملة من النشاطات الرمضانية.
وتابع الخرابشة أن مرتبات إدارة السير تقوم بتوزيع المياه والتمور والعصائر للإخوة الصائمين مستخدمي الطريق قبيل أذان المغرب في جميع مناطق المملكة، والمعتمرين من الإخوة العرب على المنافذ الحدودية.
إضافة إلى نصب خيمة رمضانية لإقامة موائد الرحمن في منطقة صويلح للصائمين الذين تقطعت بهم السبل والمحتاجين، وتوزيع نحو مئتي وجبة إفطار في مجمعات نقل الركاب بمجمع نقل محافظات الشمال، ومجمع نقل محافظات الجنوب.
عصبية الصائمين
يوم الملازم وسام المحاميد الرمضاني يبدأ من الصباح الباكر إلى منتصف الليل، يعمل بجد على فك أزمات السير وفتح الطرق وانسيابية حركة السيارات، خاصة وأنه يتعامل في اليوم الواحد مع أربعين حادثا وتعطلا لسيارات.
ولا يعاني المحاميد -وفق حديثه للجزيرة نت- من صعوبة العمل، إنما يعاني من عصبية السائقين الصائمين، وتسرّع بعضهم في القيادة على حساب أرواح المواطنين من مستخدمي الطريق.
ويقول “إن ضغط العمل اليومي يحرمنا الحديث مع عائلاتنا خلال العمل للاطمئنان على أوضاعهم سوى مرة باليوم”.
بانتظار الإجازات
السردية والمحاميد وزملاؤهما ينتظرون أيام الإجازات لترتيب دعوات الإفطار للأرحام والأقارب والأصهار، ويفتقدون في أيام الدوام الإفطار الرمضاني والأجواء الروحانية الرمضانية مع العائلة.
مرتبات وأفراد الأمن العام وهم يقدمون الخدمات الاجتماعية للمواطنين والمقيمين على أراضي المملكة يعتبرون ذلك واجبا عليهم، لأن المواطن برأيهم “يستحق تقديم كل خدمات مميزة، وله حق وواجب علينا”.
(الجزيرة)