بالأمس كانت ابنتي “واحة ” التي تدرس العلاقات الدولية والعلوم السياسية في جامعة كينت بولاية أوهايو الأمريكية على موعد لتقديم عرض حول الدبلوماسية العمانية والمواقف العمانية تجاه القضية الفلسطينية ومواقف السلطنة حول الملفات الإقليمية والدولية الشائكة .
قالت لي إن لقاء معالي يوسف بن علوي الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية بالنادي الثقافي أفادنا كثيرا كطلبة ندرس مادة العلوم السياسية حيث إن محور المواقف العمانية يُعتبر أحد المحاور المُهمة للبحث، فقد حظي اللقاء بمتابعة كبيرة من قبل الطلبة ليس العمانيين فحسب بل مُعظم طلاب الجامعات الغربية والعربية. خاصة بعد أن انكشفت لدى العديد من الباحثين حقيقة المواقف العمانية الثابتة في القضايا الشائكة من بينها القضية الفلسطينية
حقيقة الأمر أن أي لقاء لمعالي يوسف بن علوي بن عبدالله الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية يحظى بمُتابعة ويتحول إلى مادة دسمة لكل من يهمه التعرف على حقيقة سلطنة عمان وما لامسته أن شبكات التواصل الاجتماعي نقلت اللقاء وتصدر هاشتاق #يوسف_بن_علوي الترند نظرًا لتفاعل عدد كبير من المتابعين مع الحوار الذي فتح مجالاً للرد على العديد من الأسئلة حول الدبلوماسية العمانية التي تعتبر منهاجا وفكرا مستنيرا رسمه حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المُعظم- حفظه الله ورعاه- والذي كما وصفه الوزير بن علوي يقوم على مبدأ إكثار الأصدقاء ونشر قيم المحبة في العالم وأن السلطنة تسير وفق مسار واضح “لا يضر أحدًا” ولا يترتب عليه أي خطر وهو مبني على قواعد من الصدق والشفافية وعدم الانغماس في أجندات خفية وأن هذا المسار أصبح واضحًا للغير وحاز على قناعات عالمية.
هذه المسارات الواضحة أصبحت مادة دسمة لطلبة العلم والمعرفة لينهلوا منها كمرجع للبحث العلمي مستندين إلى أنَّ السياسة التي رسمها جلالة السلطان تقوم على قاعدة ومبادئ ثابتة لا تتغير إلا بما يحتاجه الوضع المتغير في العالم.
في هذا اللقاء الذي تابعته كما تابعه غيري فتح معالي يوسف بن علوي بن عبدالله خزانة الإجابات المُعلقة، والتي يتلمسها الجميع وظلت تلوكها ألسنة وسائط التواصل الاجتماعي، والتي – بحكم عدم اعتماد معلوماتها على سند رسمي – ظلت في دائرة التناقل العشوائي، مما جعل الآراء التي وردت في اللقاء مصحّحة بعض المفاهيم التي لم يرُق لأصحابها الموقف العماني. خاصة فيما يتعلق بالأوضاع الراهنة في دول المنطقة، حيث قال معاليه إنَّ على الجميع العمل من أجل إصلاح ماحصل في خلال الفترات السابقة “وأن نتهيأ للمستقبل” محذرًا من أن من لم يخطو هذه الخطوة “فستلاحقه الأزمات وستظهر في كل زمن صور جديدة لها”.
وحسب ما ذكره الوزير بن علوي فإنه في الخمسة عقود الأخيرة الماضية ظهرت أزمات وخلافات أدت إلى حروب في الشرق الأوسط بين الدول العربية وإسرائيل ومعها الغرب ورغم ذلك سعى العالم العربي من أجل السلام والاستقرار والهدوء والتطور والتنمية” حتى ظهور نمط جديد من التطرف والشعبوية وهو ما يعرف الآن بفكر داعش “الذي هُزم عسكريًا لكنه ينبغي التخلص منه فكريًا”.
ما يهم الكثير من المُتابعين حول مواقف السلطنة من داعش وأن السلطنة ضد هذا الفكر الدموي فقد أكد معالي يوسف بن علوي بن عبدالله أنَّ السلطنة تخلو من مُتبني الفكر الداعشي قائلًا “سلطنة عُمان لايُوجد بها دواعش ولايوجد هناك من يقول إن بها شخصاً من الدواعش”.
التجاذب من قبل المُغردين حول القضية الفلسطينية واستقبال جلالة السلطان لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو كان محور مداخلة بين المؤيد والرافض، وذكر معاليه أنَّ السلطنة تعتبر القضية الفلسطينية خطاً أحمر وأن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ضرورة إستراتيجية ليست فقط للفلسطينيين وإنما لمحيطها بالكامل وهذه هي النظرة العمانية، وحول استقبال السلطنة لكل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الحكومة الإسرائيلي للسلطنة فقد أفاد معالي الوزير في الجلسة الحوارية أنَّ هذه الزيارة تمت بعلم كلا الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي وهما طلبا من السلطنة أن تسهل الحوار بينهما إنما فسمعنا من الطرفين حول إمكانية التوافق على أمورٍ كانت صعبة سابقاً منها قضية القدس المحتلة والمستوطنات الإسرائيلية.
وأكد أنَّه ليس بإمكان الولايات المتحدة تطبيق ما يسمى بـ”صفقة القرن” ما لم يكن هناك دولة فلسطينية مستقلة.
ومن النقاشات التي حظيت بالمناقشة في شبكات التواصل الاجتماعي السؤال الذي وجه لمعالي الوزير حول خلية التجسس، وقال معالي الوزير “نحن في عُمان نتعامل مع جيراننا بشيء من اللطف”. وفي اعتقادي أنَّ رد معاليه كان حكيمًا للغاية، فقد أغلق الباب على كل من يُريد أن يستخدم هذه الخلية في خدمة أجنداته الخاصة.