عوّض إشهار وحدة الشيوعيين ، خذلانهم لأنفسهم ، ولأصدقائهم ولعموم شعبنا الأردني ، المتمسك بخيارات الديمقراطية والتعددية ونتائج صناديق الأقتراع والأصلاحات التدريجية ، عوضهم قرار الشيوعيين ، عن عدم مشاركتهم في الإنتخابات النيابية لمجلس النواب السابع عشر ، يوم 23/ 1 /2013 ، بقرار وحدتهم يوم 29/ 3/ 2013.
صحيح أن الأردنيين الممسكين بالتعددية والديمقراطية وصناديق الأقتراع ، لم يراهنوا على أن مشاركة الشيوعيين ستقلب موازين نتائج الإنتخابات ، من مصلحة القوى المحافظة لمصلحة القوى المستنيرة ، بل لأن رهان مشاركة الشيوعيين كحزب وطني مستقل في الإنتخابات ، إعتماداً على تاريخهم ، يشكل بوصلة للتوجهات التي يمكن البناء عليها في الأنحياز للقرار السياسي الصائب ، وأحد المراجع الذي يعكس وعي الأردنيين نحو مصالحهم الوطنية من طرف معروف عنه المعارضة الواقعية ، والعقلانية السياسية ، ويربط مصيره دائماً بالمصلحة العليا للأردنيين ، بعيداً عن الحسابات الصغيرة والفئوية والحزبية الضيقة ، ولذلك خذل الشيوعيون أنفسهم وأصدقاءهم وحلفاءهم بعدم المشاركة في الإنتخابات ، وها هم يردون الأعتبار لأنفسهم ، كنموذج يحتذى ويحترم أمام الأردنيين.
لقد سجل الشيوعيون، أنهم بواسل في الدفاع عما يرونه صواباً ، وها هو وعيهم ينتصر على خصوماتهم ، ويقدم تجربة جديدة ومشروعاً من طراز نوعي ، فيه من القوة والوعي والتماسك مما سيعكس نفسه وقوته وتأثيره بإتجاهيين :
أولهما : ولادة حزب جديد أكثر قوة وتماسكأً سيترك بصماته على المشهد السياسي الأردني لكونه جامعاً لقطاع مؤثر من الكتاب والمثقفين والمهنيين والنقابيين ، مما يقوي من عزيمتهم مع بعضهم البعض ، بدلاً من التمزق والتشتت السائد بينهم .
وثانيهما : ولادة جبهة وطنية عريضة من القوميين واليساريين والأتجاهات التقدمية والليبرالية العصرية بدلاً من الجبهة الوطنية للإصلاح التي خطفها الإخوان المسلمين ومعهم عدد من الشخصيات التابعة لهم ، وأحبطوا التجربة والفكرة والرافعة.
لقد عانت الأحزاب اليسارية من نتائج الحرب الباردة ، والتي كانت حصيلتها هزيمة الشيوعية والأشتراكية والأتحاد السوفيتي ، مثلما عانت الأحزاب القومية من نفس النتائج وتفردها بالحكم الأحادي ، وإحتلال العراق وتدميره ، وهاهم الشيوعيون الأردنيون عبر محاولاتهم الجادة وقرارهم الشجاع يعيدون لأنفسهم الثقة وللحركة السياسية الأردنية التوازن ، لعلهم يفرضون حضورهم بالخطوة التوحيدية ، لتكون رافعة في مواجهة القوى المحافظة والقوى الأصولية المستفيدة من تحالفاتها الدولية مع الأميركيين ، ليكونوا في قلب صنع القرار في عدد من البلدان العربية أو شركاء في صنعه لدى البلدان الأخرى ، مما يدفع التيارات اليسارية والقومية والليبرالية ليكونوا في قلب المعارضة لهذا التحالف الأصولي الأميركي .
الخطوة التي تحققت في مجمع النقابات للشيوعيين مهمة ، ولكنها غير كافية وتحتاج لخطوات متلاحقة تراكمية تدريجية توصل إلى الهدف المرجو والمتمثل بولادة حزب شيوعي ديمقراطي حقيقي.. فهل ينجحون؟؟.
h.faraneh@yahoo.com
حمادة فراعنة/وحدة الشيوعيين
15
المقالة السابقة