عروبة الإخباري – لم يخطر بمخيلة العشرينية سارة، أنها ستتعرض لصدمة نفسية حين وقفت أمام المرآة لتشاهد بأم عينيها “الطفح الجلدي” يغزو بشرتها، بعكس توقعات وردية بأن تصحو ببشرة مشرقة استعدادا لحفلة زفافها.
وسارة (اسم مستعار)، التي شارفت على التخرج من الجامعة، لم يسعفها وعيها أثناء البحث عن مسحوق تجميلي بأن الموجز الترويجي الذي قدمته لها موظفة مبيعات بمتجر، تحت “وهم الحصول على الجمال السريع وتبييض البشرة وترميم آثار أي معالم جلدية غير مرغوب بها، مقابل كلفة زهيدة جدا” على حد تعبيرها، ليس كافيا لاقتناء أو استخدام سلعة تجميلية لا أضرار منها.
أما ندى (35 عاما) الموظفة في شركة خاصة، فتروي هي الأخرى بـحرقة قصة اضطرارها للخضوع لجلسات معالجة جلدية مكلفة ماليا تعتمد على تقنية ترددات وذبذبات معينة في الجلد، إثر تحسس عميق تعرضت له بشرتها تطور إلى التهابات تركت ندوبا وتصبغات.
تقول ندى، إن “الاختلال الجلدي” الذي اخترق بشرتها، نجم عما وصفته بوقوعها في “فخ” انصياعها لبعض التجار وجشعهم في الترويج لبيع منتجات مقلدة على أنها نخب أول لعلامات تجارية أجنبية معروفة بجودتها العالية، بحسب ما أقنعها البائع.
ندى لاحظت أن بعض التجار الذين يتداولون تلك المواد بالأسواق، “يستغلون” احتياج “الصبايا” لأنواع معينة من المساحيق التجميلية اليومية، في ظل ضعف القدرة الشرائية وعدم إمكانية اقتناء أنواع بجودة ومواصفات عالية لارتفاع أسعارها، “والنتيجة مواد تجميلية مضرة وسيئة المكونات”.
المنتجات المقلدة تغزو الأسواق
وفيما تغص أسواق تجارية بمختلف مناطق المملكة بمنتجات تجميلية، من مساحيق تجميل وكريمات وغيرها وبعلامات تجارية ربما تكون مقلدة لعلامات تجارية أجنبية معروفة وأخرى غير مأمونة المصدر أو المواصفات وتعد محرمة في أسواق أوروبية، تلاحق إعلانات مضللة الفتيات بأوهام كاذبة نحو الجمال، وهو الفخ الذي وقعت فيه الأربعينية (مها).
وتعبر عن حزنها لانسياقها خلف إعلانات مراكز جلدية وتجميل أوهمتها بسحر الطلة والوصول للوجه المثالي مقابل أسعار زهيدة جدا، وتقول إنها توجهت لأحد المراكز المختصة بالتجميل، عقب مشاهدتها إعلانا بوسائل التواصل الاجتماعي يروج لحصول الفتيات والنساء تحديدا، على أفضل النتائج لعملية الحقن بالوجه بمبالغ منافسة مقارنة مع مراكز طبية متخصصة وأطباء يتقاضون أجورا أعلى، في ظل محدودية ميزانيتها.
تقول (مها) انه تم حقن بشرتها بمواد لمعالجة تشوهات وكي يستعيد وجهها طبيعته وإخفاء التجاعيد والعيوب، وهي العملية المعروفة بـ (الفيلر)، كي تصبح بشرتها أكثر شبابا، لكن النتيجة أنها اضطرت لدفع أضعاف ما دفعته لتلافي الأضرار التي لحقت بملامح وجهها نتيجة حقنه بمواد قالت إنها “لم يخطر على بالي السؤال عن منشئها ومكوناتها”.
وتلقي مها اللوم على المؤسسات المختصة بالصحة والرقابة والتفتيش، وعدم القيام بحملات توعوية كافية للمستهلكين حيال مراكز تجميل تروج لنفسها في إجراء عمليات تجميل بمبالغ زهيدة، وتستخدم مواد غير مطابقة للمواصفات وسيئة النوعية والجودة وتتسبب بالتهابات وتشوهات جلدية يطول أمد علاجها عدا عن كلفتها المرتفعة.
أما فاتن (الصيدلانية) فتقول مستغربة إنها لم تكد تدخل محلا تجاريا حتى باغتتها موظفة مبيعات بمحاولة بيع أكبر كمية ممكنة من منتجات التجميل، وصفتها الموظفة بـ “الممتازة ونخب أول مقلد لمنتج أصلي، مصدره الأسواق الصينية المقلدة للمساحيق الأصلية”.
واستغربت فاتن انتشار بيع تلك المساحيق التجميلية على نطاق واسع بالسوق الأردنية، في الوقت الذي “يتوجب تشديد وتكثيف الرقابة على توزيعها، سيما وأنها تدخل في إطار الضرر الصحي قصير وطويل الأمد على حد سواء”.
“المواصفات” تؤكد رقابتها التامة
ورغم جهود وحدة مكافحة التقليد والتحقق والتبليغ بمؤسسة المواصفات والمقاييس برصد السلع المقلدة في السوق، ورغم أنها تحققت من أن 7 % فقط من أصل 45 معاملة جمركية تعاملت معها المؤسسة على أنها “مقلدة” منذ بداية العام 2018 وحتى منتصف أيلول (سبتمبر) الماضي، إلا أن تلك المواد ما تزال منتشرة، حتى وإن كانت أسواقها محدودة، مستهدفة شريحة واسعة من المستهلكين الأردنيين من ذوي القوة الشرائية الضعيفة.
وفي الإطار، تؤكد المدير العام لمؤسسة المواصفات رلى المدانات، لـ “الغد”، حرص مديرية التفتيش ومسح الأسواق في المؤسسة، على إجراء جولات تفتيشية على المصانع والأسواق المحلية بهدف الرقابة على المنتجات المحلية بالإضافة للمنتجات المطروحة في السوق المحلي.
وقالت المدانات إن المؤسسة، وعبر جولاتها التفتيشية منذ مطلع العام الحالي وحتى منتصف ايلول (سبتمبر) “نفذت 31 جولة ميدانية على الأسواق المحلية إضافة الى متابعة شكاوى”، مبينة أن تلك الجولات “رصدت 99711 عبوة مواد تجميل مخالفة للمواصفات القياسية و/ أو منتهية الصلاحية”.
وأوضحت المدانات أن جولات الفرق المعنية خلال الفترة ذاتها، “رصدت 14658 عبوة مواد تجميل تحمل علامات تجارية مزورة، وحجزت أو أتلفت جميع البضائع المطروحة في السوق المحلي والتي ثبت مخالفتها للمواصفات القياسية أو القواعد الفنية الخاصة بها”.
وبخصوص التحقق من العلامات التجارية لتلك المنتجات، أشارت إلى دور وحدة مكافحة التقليد والتحقق والتبليغ في “التحقق من كون البضائع الواردة والمطروحة بالسوق أصلية أم مزورة، عبر التواصل المباشر مع الشركات المالكة للعلامات التجارية”.
وكانت إحصائية لمؤسسة المواصفات للأعوام الثلاثة الماضية، اطلعت “الغد” على نسخة منها، كشفت عن “تعاملها مع نحو 25 % معاملة جمركية لمواد مقلدة من أصل ما مجموعه 55 معاملة، مقابل حوالي 22 % من 149 معاملة جمركية في العام 2017، في حين وصل حجم المعاملات الجمركية لمواد مقلدة اعتبارا من مطلع العام الحالي وحتى منتصف أيلول (سبتمبر) الماضي، إلى ما نسبته 7 % من أصل ما مجموعه 45 معاملة”.
وبينت الإحصائية، أن المؤسسة تعاملت مع 55 معاملة جمركية، كانت 41 معاملة منها أصلية، مقابل 14 معاملة مقلدة في العام 2016، في العام 2017، تعاملت المؤسسة مع 149 معاملة جمركية، كانت عينات 116 معاملة منها أصلية، مقابل 33 مقلدة، وفي العام الحالي تعاملت مع 45 معاملة جمركية تبين أن 42 معاملة منها أصلية، مقابل 3 عينات مقلدة.
وبخصوص الإحصائيات الخاصة بالرقابة على مستحضرات التجميل، أوضحت المدانات أن عدد البيانات الجمركية المستوردة والمحتوية على تلك المستحضرات، “بلغت 3122 بيانا العام 2017، محتوية على 26070 طنا، بلغ المخالف منها 1054 طنا، وتمت إعادة تصديرها ببيانات جمركية بلغ عددها 83 بيانا، أي بنسبة بلغت 4 %”.
وكشفت إحصائيات “المواصفات” عن أن عدد البيانات الجمركية المستوردة والمحتوية على مستحضرات تجميل اعتبارا من مطلع العام الحالي وحتى 20 أيلول (سبتمبر) الماضي، وصل إلى 2458 بيانا، محتوية على 18062 طنا، المخالف منها 543 طنا، حيث تمت إعادة تصديرها ببيانات جمركية بلغ عددها 120 بيانا، أي بنسبة 3 %.
وتؤكد المدانات مسؤولية المؤسسة عن الرقابة على مستحضرات التجميل، في الوقت الذي تقوم فيه المؤسسة العامة للغذاء والدواء بتسجيل هذه المستحضرات بعد التأكد من أن “جميع مكوناتها غير ممنوعة وضمن النسب المسموحة عالميا”.
وتشير إلى أن “المواصفات” تقوم بإجراءات رقابية على مستحضرات التجميل، ملخصة إياها في الرقابة على بطاقة البيان، والرقابة على المنتج نفسه من خلال إجراء الفحوصات المخبرية، مؤكدة أن المؤسسة بإجرائها الرقابي على بطاقة البيان، تتأكد من وجوب أن تكون جميع المستحضرات المطروحة في السوق المحلي (سواء مستوردة أو محلية) مطابقة لشروط المواصفة القياسية الأردنية (مواد التجميل – مواد التعبئة والتغليف وبطاقة البيان).
كما تتضمن الرقابة على بطاقة البيان إضافة للبيانات التي يجب تدوينها على المنتج، الرقابة على العلامة التجارية للمنتج، حيث تتحقق المؤسسة من كون العلامة التجارية التي يحملها المنتج أصلية وغير مقلدة، وذلك عبر مراسلة الشركة المالكة للعلامة التجارية، ولا يسمح بطرح أي منتج يحمل علامة تجارية مزورة بالسوق المحلي، حيث يتم إتلاف هذه المنتجات المزورة.
وإضافة الى ذلك، تقوم المؤسسة، بحسب مدانات، بإجراء الفحوصات المخبرية، موضحة أنه بعد التأكد من مطابقة بطاقة بيان المستحضر وأنه يحمل علامة تجارية أصلية (في حال العلامات التجارية المسجلة و/ أو المشهورة)، “يتم تحويل عينات من المنتج ليتم إجراء الفحوصات المخبرية لمستحضر التجميل”.
وتتضمن هذه الفحوصات مدى مطابقة المنتج للقاعدة الفنية “مواد التجميل – ميكروبيولوجيا – حدود الكائنات الحية الدقيقة”، للتأكد من خلو المنتج من الجراثيم، وفحص ندى مطابقة المنتج للمواصفة القياسية.
اطباء: حالات مرضية متكررة
ورغم عدم تجاوز حجم مواد التجميل المستوردة للمملكة من إجمالي المستوردات الكلية من الصين، لنسبة 0.5 % فقط، بحسب إحصائيات وزارة الصناعة والتجارة حول مواد التجميل المستوردة من الصين خلال العام 2017، إلا أن أطباء مختصين في مجال الجلد والبشرة وجراحة التجميل، أكدوا “تعاملهم مع حالات مرضية وبشكل متكرر”.
وفي هذه الحالات يضطر الطبيب المختص للجوء لعمليات علاجية مكلفة، تتراوح كلفتها بين 1500- 3000 دينار لترميم وإصلاح ما أفسدته المواد “المجهولة” التي تحتويها بعض المساحيق المستوردة.
وأظهرت إحصائيات وزارة الصناعة والتجارة حول مستوردات المملكة من الصين خلال العام 2017، أن قيمة إجمالي المستوردات بلغت 2.748 مليار دولار منها 13.398 مليون دولار قيمة مواد تجميل.
وبناء على مؤشرات تقارير شركات عالمية مختصة بدراسة الأسواق، أنه في حال استمرارية الإقبال على استخدام مساحيق تجميل “رديئة النوعية” خاصة في أفريقيا ودول الشرق الأوسط، تتوقع شركة “يورو مونيتور انترناشيونال” أن يستمر سوق مستحضرات التجميل بتلك المناطق، بالنمو ليصل إلى 34.7 مليار دولار بحلول العام 2020.
ومن المتوقع بحسب تقرير الشركة، وهي شركة عالمية مستقلة تعمل في مجال أبحاث الأسواق الاستراتيجية وتدرس العوامل المؤثرة في الأسواق والاتجاهات المتوقعة في 80 دولة، والصادر نهاية العام 2017، لمنطقة الشرق الأوسط، أن تكون سوق أميركا الجنوبية ثاني أسرع أسواق التجميل نموا في العالم، ومنطقة الشرق الأوسط اولا.
وفي محاولة مواجهة أطباء وجراحين لحالات مرضية تم تشخيص حالتها بأنها نتيجة مواد تجميلية “مجهولة” المصادر، خاصة في موضوع حقن البشرة بالـ “فيلر”، أكد استشاري جراحة التجميل والترميم د. محمد البداوي رفضه التعامل مع تلك الحالات، انطلاقا من مخاوف تتعلق بماهية المواد المستخدمة في الحقن بها من قبل مراكز أخرى تدعي تخصصها في هذا الإطار، رغم مواجهته سابقا لعدة حالات بهذا الخصوص.
وكشف البداوي عن قيام البعض بـ “تهريب” منتجات خاصة بالحقن وتعمل على تعبئة الجلد أو ما يعرف بالـ “الفيلر” ورخيصة الثمن ذات منشأ من دول روسية وشرق أوروبية، مبينا أن هذه المواد لم تحصل على الموافقات الرسمية في الأردن وهي مخالفة للمواصفات والمقاييس القانونية.
الكلفة الزهيدة مؤشر لفحص النوعية
وقال البداوي: “عادة ما تشير الكلفة الزهيدة والقليلة لـ (الفيلر) والتي يروّج لها من يطلقون على أنفسهم أطباء أو مختصين في عالم التجميل، إلى تدني نوعية المادة التي يتم الحقن بها وسوء نوعيتها”.
وأوصى استشاري جراحة التجميل بأن “يتأنى الشخص قبل الإقبال على خطوة التجميل، خاصة في اختيار الطبيب المختص والذي سيكون مسؤولا وأمينا على جلده، عبر الوعي والاستفسار عن المرجع المناسب”.
ونصح البدّاوي النساء “بعدم الانسياق وراء إعلانات مضللة تقودهن لمنازل أو صالونات تجميل تدعي الخبرة في عالم التجميل”، معتبرا أن هؤلاء دخلاء على المهنة، التي لا يعنى بها سوى أطباء التجميل والجلدية.
كما نبه البداوي إلى “قيام بعض الأطباء من اختصاصات أخرى مثل الأمراض النسائية، والأنف والأذن والحنجرة والأسنان بأعمال التجميل، كونها من خارج اختصاصاتهم العلمية والعملية”.
وبخصوص الجهة المعنية بالموافقة على إدخال المنتج التجميلي، نوه استشاري جراحة التجميل الى أن ممثلي أو وكلاء المنتجات والذين يحملون رخصة في هذا المجال عبر الجهات الرسمية “هم المعنيون بجلبها واستيرادها، ومن المرفوض إدخالها على العاتق الشخصي”.
وهو ما أقرته أخصائية جراحة التجميل والترميم والحروق د. سوزان البخيت حيث “يتم رصد حقن جلدي لمرضى بمواد غالبا ما تكون مهربة وغير مسجلة في المؤسسات الرقابية لدينا”، منوهة لضرورة أن تكون مواد الحقن التي يتم استخدامها لهذه الأغراض، مأمونة وضمن معايير مؤسسة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) ومؤسسة المواصفات والمقاييس الأردنية.
وحذرت البخيت من “خطورة” مواد الحقن غير معروفة المصدر، لافتة إلى تسببها بتكتلات أو أورام تحت الجلد ودمامل وتليفات، إلى جانب بثور وحروق وأكزيما، وحروق أخرى ناجمة عن بعض مساحيق تبييض البشرة، وفي حالات نادرة تسببت بالوفاة”.
الانسياق وراء أوهام إعلانات مضللة
وأضافت البخيت إنها “عادة ما تواجه حالات لمريضات تورطن بعمليات حقن لبشرتهن بمواد مجهولة المصدر من خلال بعض مراكز التجميل أو الصالونات النسائية وهي مواد شبيهة بمادة الكولاجين (وهي مادة مصنعة نقية تحقن تحت جلد الإنسان لزيادة حجم المنطقة المراد زيادتها)، ليتبين بعدها أنها مواد سيئة الجودة، أو ليست المادة ذاتها أساسا، وعادة ما يكون بلد المنشأ الخاص بها الصين أو كوريا، حيث يتم “تهريبها” ضمن الأغراض الشخصية.
كما حذرت البخيت من الانسياق وراء “أوهام وآمال كاذبة” تسيطر على المستهلك عبر الإعلانات المروجة للجمال مقابل التكاليف الزهيدة، خاصة عبر بيع منتجات تجميلية على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث لا تتواجد رقابة مشددة أو شهادة علمية بنوعية المواد.
وأكدت ضرورة توفر شهادة تسجيل للمنتج من وزارة الصناعة والتجارة، والختم المعتمد من مؤسسة الغذاء والدواء، ومطابقته لمعايير مؤسسة المواصفات والمقاييس، بالإضافة للتأكد من ترخيص تلك المواد حتى من الطبيب نفسه والاستفهام حول ماهية المادة التي سيتم الحقن بها، لا سيما وأن معظم تلك المواد تحوي على ترسبات كالسيوم وآثاره تظهر على المدى البعيد.
وكشفت أخصائية جراحة التجميل عن أن حجم كلفة علاج ترميم إصلاح ما تسببت به مواد التجميل الضارة لبعض المريضات، قد تكون باهظة، وهذا يعتمد على نوعية العلاج، ففي حال كانت أدوية وكريمات، تتراوح الكلفة بين 500 – 1000 دينار، أما إذا استلزم العلاج عمليات ترميم، فإنها قد تتراوح بين 1500 و3000 دينار.
من ناحيتها، استغربت أخصائية الأمراض الجلدية والتجميل والليزر د. ميس خواجة مما وصفته بـ “قلة الوعي” لدى بعض النساء بماهية المادة التي يتم حقن بشرتهن بها، مقابل أسعار زهيدة جدا لا تغطي كلفة المادة الأصلية ذات الجودة العالية، مبينة أن الحالات المرضية التي ساهمت بمعالجتها هي بسبب استخدام بعض مستحضرات تجميل كريمية سطحية غير معروفة المكونات من جهة، أو قيام بعضهن بحقن “الفيلر” تحت الجلد بمواد مجهولة المصدر أيضا.
وأضافت، ان الخطة العلاجية لترميم البشرة المتضررة قد تمتد من حوالي شهر في الحالات البسيطة بالتوازي مع استخدام أدوية ومساحيق علاجية طبية، لكنها قد تزيد في حالات أخرى عند “تهيّج” البشرة والحاجة لجلسات تخضع المريضة خلالها لتقنيات أجهزة طبية حديثة قد تتجاوز كلفتها 1000 دينار.
المستهلك.. بين الحماية والتقصير
مدير مديرية الأسواق وحماية المستهلك بوزارة الصناعة والتجارة علي الطلافحة، أكد أن الرقابة على الأسواق تتم بموجب أحكام قانون الصناعة والتجارة والتشريعات المنبثقة عنه وتشمل إعلان الأسعار والتنزيلات والعروض أو الحملات الترويجية أو مراقبة مؤشرات أسعار السلع الأساسية والتموينية التي تشكل سلة الغذاء الرئيسية، وتحديد سقوف سعرية في حال تبين وجود مخالفة أو ارتفاع غير مبرر لهذه السلع.
وقال الطلافحة إن الوزارة وفرت آليات للتواصل واستقبال شكاوى المواطنين، منها تطبيق موبايل الوزارة، وصفحتها على “فيسبوك”، والاتصال عبر الهاتف المجاني رقم 5661176.
وبين أنه بموجب هذه الآلية يتم استقبال الشكاوى، وتحويلها لمراقبي الأسواق بالميدان ومختلف المحافظات للتحقق منها واتخاذ الإجراءات اللازمة فيها.
وبموجب صدور قانون حماية المستهلك 2017، أوضح الطلافحة أنه تم استحداث مديرية حماية المستهلك بالوزارة بهدف التوعية والإرشاد بحقوق المستهلكين وواجبات المزودين، مشيرا الى أنه وفق القانون “يستطيع من يقع عليه ضرر سواء من شرائه للسلعة أو الخدمة تقديم شكواه لهذه المديرية ليتم التحقق منها ومعالجتها في ضوء الأحكام المتعلقة به أو تحويلها لمؤسسة المواصفات إن كانت أصلية ام لا مع تحرير المخالفات أو الضبوطات للمنشآت المخالفة”.
وأشار الى أنه بحال كانت الشكوى المقدمة ذات ضرر خاص، يتم فض النزاع “وديا بين المشتكي والمشتكى عليه وفقا لأحكام قانون حماية المستهلك، وإن تعذر حل النزاع وديا وثبوت حق المستهلك بالشكوى يتم تحرير مخالفة بحق المشتكى عليه وتحويلها للمحاكم المختصة”.
الطلافحة أكد أيضا أن الوزارة تولي أهمية لعملية الوعي والإرشاد لكافة القطاعات المعنية، سواء كان التزوير لغايات تجنب إصدار المخالفات بحقهم، أو لقطاع المستهلكين لرفع وتعزيز حقوقهم في ضوء أحكام هذا القانون.
الباحث البيئي المستقل المهندس بشار زيتون حذر هو الآخر من “تداول المنتجات التجميلية المقلدة والتي تنخفض جودتها عن نظيرتها الأصلية، لا سيما في ضوء رصد أضرارها السّمية المرتفعة، وانعكاساتها على جهاز المناعة البشري، والتسبب بأمراض السرطان، عدا عن خلخلة الغدد الصماء”، مشيرا إلى تحذيرات مختصين دوليين من خطورة بعض التركيبات الداخلة في تصنيع تلك المواد، ومساهمتها بمرض السرطان، وتداعيات صحية أخرى على الجينات والجهاز التناسلي أو التكاثري.
وأضاف، أن بإمكان الشخص العادي الابتعاد عن المنتجات المقلدة التي عادة ما تحوي مواد سمية، عبر تمييزها عن غيرها كونها رخيصة الثمن، وغير خاضعة للرقابة، مشيرا إلى اصدار بعض الولايات في أميركا تنظيما بيئيا يحظر فيه استخدام بعض الكيماويات خاصة المستخدمة في صالونات التجميل المعنية بالعناية بالأظافر.
وفيما اعتبر البعض أن “غض النظر” الرقابي، أحيانا، عن ترويج بعض التجار لبيع مساحيق التجميل “المقلدة والمخالفة” بأسعار زهيدة، من خلال رصد كميات منها في أسواق محدودة بالإضافة لعرضها على مواقع التواصل الاجتماعي، “استغلال للمواطن، في ظل انخفاض قدرته الشرائية” وعدم إمكانيته على اقتناء المنتجات مرتفعة الثمن، عزا رئيس جمعية حماية المستهلك د. محمد عبيدات “عدم إمكانية احتواء تلك المعضلة من قبل الأجهزة الرسمية المعنية بشكل كامل الى عدم توفر المخصصات المالية اللازمة لتأمين الكوادر البشرية الكافية للقيام بالحملات المطلوبة وتشديد العمل بموجب القوانين والأنظمة”.
لكن عبيدات انتقد في الوقت نفسه وجود “تهاون في تطبيق التشريعات القانونية سواء بهذا الخصوص أو غيره”، معتبرا أن “معظم التشريعات الموضوعة غير رادعة، ولا تتم دراستها بالشكل اللازم ولا يستغرق إقرارها الوقت الكافي”.
وحذر عبيدات المواطنين من الانسياق وراء أدوات التجميل المقلدة التي يتم تسويقها في الأسواق الأردنية وعدم شرائها، لا سيما وأنها مزورة، ولا تحمل تاريخ صلاحية لاستخدامها، وتتسبب بأضرار صحية للمستهلك هو في غنى عنها، داعيا الى العودة “لاستخدام المواد الطبيعية التي تساهم بالتجميل الجلدي والتي يمكن صنعها بيتيا”.“الغد”
“ماكياجات” مقلدة وبتراكيب سامة تغزو الأسواق
50
المقالة السابقة