عروبة الإخباري – فيما أكد مسؤولون وخبراء دوليون أهمية الانضمام العالمي إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وإخلاء منطقة الشرق الأوسط من السلاح الذري، شدد رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية د. خالد طوقان على أن برنامج الأسلحة النووية الإسرائيلي “يظل مصدرًا لانتشار الأسلحة النووية في المنطقة وأخطر تهديد للأمن”.
جاء ذلك خلال أعمال الدورة 12 لمنتدى عمان الأمني، الذي انطلق في عمان أمس بمشاركة خبراء ومسؤولين يمثلون 39 دولة مختلفة. ونظم المنتدى المعهد العربي لدراسات الأمن بالتعاون مع حكومات ومنظمات دولية، في مدرج وادي رم بالجامعة الأردنية.
واكد طوقان وخبراء بالمنتدى أن رفض إسرائيل الانضمام إلى معاهدة عدم الانتشار النووي هو الاخطر ونتيجة ذلك “لا يزال السلام والأمن في منطقة الشرق الأوسط بعيد المنال”.
وفيما تجنب مسؤولان اميركيان رفيعان تحدثا بالمنتدى التطرق لرفض اسرائيل الانضمام لاتفاقية الحظر النووي وامتلاكها أسلحة نووية، حرصا على مهاجمة ايران وسورية وروسيا بزعم امتلاك اسلحة كيميائية واستخدامها بسورية وسير إيران باتجاه امتلاك النووي.
وفيما أعربوا عن مخاوفهم من “محاولة دول عديدة في المنطقة اكتساب القدرة على الانطلاق نحو تطوير الأسلحة النووية”، أشاروا إلى أنه لا يمكن تحقيق الأمن النووي وحظر الانتشار النووي دون التعاون مع الشركاء من خلال برامج تحد من هذا التهديد.
وبخصوص القضية الفلسطينية، قال منتدون إن اعتراف الولايات المتحدة الأميركية بسيادة إسرائيل على القدس الشرقية والغربية “هو خرق للقانون الدولي، وينتهك حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير”. وفيما يتعلق بما يُعرف بـ”صفقة القرن”، أوضحوا “أن الأميركيين بدأوا بالفعل بتطبيقها”.
وقال رئيس هيئة الطاقة الذرة الأردنية د. خالد طوقان إن الأردن اتخذ تدابير صارمة لضمان الامتثال لجميع المعايير الوطنية والدولية التي تحكم السلامة والأمن النوويين بجميع أنشطته النووية.
وأضاف، في كلمة له خلال افتتاح أعمال المنتدى، أن الأردن حقق عدة مراحل بطريقه لتطوير برنامجه الوطني للطاقة النووية، حيث كان إنجاز مفاعل الأبحاث والتدريب الأردني (JRTR)، بمثابة إنجاز رئيس، يمثل رؤيتنا الحالية لمركز التميز للعلوم والتكنولوجيا النووية – الذي أنشئ لخدمة المملكة ومنطقة الشرق الأوسط ككل.
وأوضح أنه ومنذ دخوله الخدمة العام الماضي، تم استخدام المفاعل البحثي كنقطة محورية رئيسة لتأهيل وتدريب المهندسين والمتخصصين في مختلف مجالات العلوم والتكنولوجيا النووية، معلنًا عن أنه سيتم خلال الشهر المقبل توفير النظائر المشعة والمستحضرات الصيدلانية، والتي سيتم إنتاجها من قبل المفاعل في أقسام الطب النووي بالمشافي الأردنية.
أما بالنسبة لمشروع يورانيوم الأردن المركزي، فأشار طوقان إلى أن هذا العمل تميز بإنجازين رئيسيين هما: نشر التقرير الثالث لتقدير الموارد والذي قام بتحسين جزء من تصنيف موارد اليورانيوم في الأردن المركزي إلى الفئة “المقاسة”، ووضع اللمسات الأخيرة على تصميم محطة تجريبية لاستخراج اليورانيوم والبدء الفعلي في الأعمال المدنية والكهروميكانيكية والأتمتة.
وبين طوقان أن هيئة الطاقة النووية الأميركية تجري في الوقت الحالي دراسة جدوى لبناء المفاعلات ذات الوحدات الصغيرة في الأردن لإنتاج الكهرباء وتحلية المياه، لافتًا إلى أنه تم توقيع العديد من اتفاقيات التعاون حول دراسات الجدوى المشتركة بين موردي الهيئة وعدة مزودين نوويين دوليين.
وأكد أن الأردن سيواصل سعيه للحصول على الطاقة النووية كجزء من مزيج الطاقة، فالطاقة النووية تظل مصدرًا نظيفًا للطاقة الخالية من الكربون وخيارًا تنافسيًا ومستقرًا لتوليد الكهرباء.
وحول قضية منع الانتشار النووي وإخلاء منطقة الشرق الأوسط من السلاح الذري، قال طوقان إن الانضمام العالمي إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية أمر ضروري لمنع انتشار الأسلحة النووية.
وأكد أن برنامج الأسلحة النووية الإسرائيلي “يظل مصدرًا لانتشار الأسلحة النووية في المنطقة وأخطر تهديد للأمن”، مضيفًا أنه ولتحقيق عالمية المعاهدة ينبغي تطبيق قاعدة عدم الانتشار النووي على الصعيد العالمي وبدون استثناء، كما يجب على الدول غير الأطراف في معاهدة عدم الانتشار أن تنضم إلى المعاهدة دون شروط مسبقة وتضع جميع مرافقها النووية تحت الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأوضح طوقان أنه نتيجة لرفض إسرائيل المستمر الانضمام إلى معاهدة عدم الانتشار، لا يزال السلام والأمن في منطقة الشرق الأوسط بعيد المنال، فضلًا عن أن ذلك بالإضافة إلى القدرة النووية الإسرائيلية ستتسببان في سباق تسلح نووي محتمل في الشرق الأوسط.
وأضاف “أن تسلق إيران للسلم النووي، أصبح أحد أكثر المخاوف إلحاحًا في المنطقة، إذ ستحاول دول عديدة في المنطقة اكتساب القدرة على الانطلاق نحو تطوير الأسلحة النووية”.
نائب مساعد وزير الطاقة الأميركي ليزا غوردون هاغارثي، من جهتها أشادت بدور الأردن، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، في تعزيز الحوار والنهج المبتكر لمعالجة التحديات التي تزداد يومًا بعد يوم، ليس فقط هنا في الشرق الأوسط، ولكن على المستوى العالمي.
وعرضت هاغارثي وجهة نظر بلادها بشأن “الطبيعة النووية المتطورة”، قائلة إنه لا يمكن تحقيق الأمن النووي وحظر الانتشار النووي دون التعاون مع الشركاء من خلال العديد من برامج الحد من التهديد النووي”، مضيفة أن بلادها عملت على تأمين المواد النووية والمشعة، وعلى منع تهريب هذه المواد و”السلع ذات الاستخدام المزدوج” المطلوبة لتصنيعها.
وشددت على أسس منع الانتشار النووي والاستخدامات السلمية للطاقة النووية، موضحة أن بلادها “ملتزمة بتحقيق أوسع تبادل ممكن” للتكنولوجيا النووية ﻟﻸﻏﺮاض اﻟﺴﻠﻤﻴﺔ، ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ المذكور ﻓﻲ اﻟﻤﺎدة اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﻣﻌﺎهدة ﻋﺪم اﻻﻧﺘﺸﺎر مع ما يقرب من 450 مفاعلًا نوويًا تعمل في 30 دولة.
وأكدت أهمية معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في تطوير الطاقة النووية السلمية في جميع أنحاء العالم، وضرورة وجود نظام ضمانات فعال من أجل ذلك، مشيرة إلى أهمية هذه المعاهدة ودورها في تطوير الطاقة النووية المدنية في جميع أنحاء العالم .
نائب وزير الخارجية الأميركي اندريا ثومبسون، بدورها اتهمت النظام السوري “بانه استخدم الأسلحة الكيميائية السورية، ما ترتب عليه من تدهور في المعايير الدولية ضد استخدام مثل هذه الأسلحة”، وقالت “أنها (سورية) فعلت ذلك بمساعدة ومعونة روسيا التي استخدمت حق النقض (الفيتو) ضد القرارات ذات الصلة في مجلس الأمن الدولي وشاركت في حملة محسوبة من التضليل والتشويه”.
وتطرقت في كلمتها إلى “أنشطة إيران”، التي قالت انها “مزعزعة للاستقرار في المنطقة”، داعية طهران إلى التعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA)، قائلة “إنه يجب أن تكون جميع الأنشطة النووية الإيرانية متوافقة تمامًا مع التزامات الوكالة الدولية للطاقة الذرية”.
من ناحية ثانية، أشارت ثومبسون إلى “تهديدات الإنترنت”، أو ما يسمى بالتهديد السيبراني الناشئ، قائلة إن الإستراتيجية الإلكترونية الوطنية، التي أصدرها ترامب في شهر أيلول (سبتمبر) الماضي، “ستعزز إطار سلوك الدولة المسؤول في الفضاء السيبراني المبني على القانون الدولي، والتقيد بالمعايير الطوعية غير الملزمة لسلوك الدولة المسؤول الذي يتم تطبيقه خلال وقت السلم، والنظر في إجراءات عملية لبناء الثقة لتقليل مخاطر الصراع الناشئ عن النشاط السيبراني السيئ”.
وأكدت ثومبسون “التزام الولايات المتحدة بالأمن والاستقرار الإقليميين، وبدعم حلفائنا وشركائنا أثناء عملهم لمعالجة المجموعة الكاملة من التهديدات الأمنية التي يواجهونها”.
كبير مفاوضي السلطة الوطنية الفلسطينية الدكتور صائب عريقات، بدوره قال “ليس هناك دولة أكثر من فلسطين تطمح إلى تحقيق السلام وهي مصلحة وطنية لحل الدولتين”، مشيرًا إلى اجتماعه مع الرئيس ترامب وإدارته العام الماضي الذي كان بُغية تحقيق السلام وحل الدولتين.
وشن عريقات هجومًا لاذعًا على الرئيس ترامب، متسائلًا “هل طورت تقنيات تقتل الأفكار بالرصاص، كما الأجسام؟، هل يحق لك أن تملي قراراتك على الفلسطينيين، أو القيام بتقويض حل الدولتين؟”، كما تساءل “ما الذي يريده ترامب بالضبط؟”.
وقال إن اعتراف الولايات المتحدة بسيادة إسرائيل على القدس الشرقية والغربية “هو خرق للقانون الدولي، وينتهك حظر الاستيلاء غير المشروع للأراضي بالقوة، فضلًا عن أنه ينتهك حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير”.
وأشار عريقات إلى “أن الرئيس ترامب كان قد وعد بعدم اتخاذ أي قرار فيما يتعلق بالقدس”، مؤكدًا أن ما جرى “يشير إلى أن واشنطن غير مؤهلة للسير في عملية السلام”.
وفيما يتعلق بما يُعرف بـ”صفقة القرن”، أوضح عريقات “أن الأميركيين بدأوا بالفعل بتطبيقها”، وما يؤكد ذلك “نقل الولايات المتحدة سفارة من تل ابيب إلى القدس، وإيقاف الدعم الذين كانوا يقدمونه لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) والبالغ قيمته 400 مليون دينار، فضلًا عن إغلاق المكتب التمثيلي للسلطة الوطنية الفلسطينية في واشنطن.
وتابع أنه “طلب من الإدارة الأميركية أكثر من مرة الجلوس مع الإسرائيليين للتباحث معهم، لكنهم لم يسمحوا بذلك”.
وقال عريقات، موجهًا كلامه للرئيس ترامب، “نحن صراعنا ليس دينيا، فأنا فخور بأنني مسلم، وهناك مسيحيون عرب. واليهودية لم ولن تكون تهديدًا”، في إشارة إلى تصريحات لأحد المرشحين الجمهوريين الأميركيين الذي قال “إن السلام لن يتحقق قبل أن يتحول المسلمون واليهود إلى الديانة المسيحية”، وأن هناك البعض من يحاول تحويل الصراع إلى ديني.
وتساءل “ما الذي سيحدث في غياب قرار حل الدولتين؟”.
وبخصوص حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، قال عريقات “لا أحد ينكر أنها حركة سياسية ولا أحد يستطيع إلغاءها”، مضيفًا “نحن نختلف معهم. ولكن عليها (حماس) أن تقبل بعدم الاقتتال الداخلي، وقبول تعدد الأحزاب والتنوع في السلطة”.
وكان رئيس اللجنة التنظيمية للمنتدى الدكتور أيمن خليل قال في تصريح صحفي إن المنتدى يعقد هذا العام وفق ظروف إقليمية بالغة التعقيد من ضمنها تجديد العقوبات الأميركية على إيران، فيما يتوقع أن تكون بداية لمواجهة جديدة على ساحة الشرق الأوسط.
وأشار إلى أنه وبالنظر لحالة الجمود التي وصلت إليها الجهود المتعلقة بإخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، فإن المنتدي سيناقش الموقف العربي في المحافل الدولية وخاصة في مؤتمر مراجعة اتفاقية حظر الانتشار النووي والذي يعقد أعماله في النصف الأول من العام المقبل في الأمم المتحدة وسط عدد من الأصوات العربية التي تنادي بتوحيد الموقف الجماعي العربي والعمل على إلغاء المد اللانهائي لاتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية.
طوقان: السلاح النووي الإسرائيلي سيبقى أخطر تهديد للأمن بالمنطقة
9