في لقاء صحافي مع وزير الإعلام الدكتور المومني، الثلاثاء الماضي، تحدث معاليه طويلا، وبالتفصيل أحيانا، عن كل ما يهم مواطنينا الاطلاع عليه، وذلك في ضوء محاولات التعمية والتقليل من أهمية كل ما أنجزه الأردن من إصلاح، وتصحيح لمسارات قديمة معروفة.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو، هل وصلت المعلومة؟ نعلم، جميعا، أن ليس للناس الوقت، دائما، أو الاستعداد والصبر، بما يكفي، ليقرأوا كل المقابلة خلال نيف وساعتين، كما فعلت؟ قليلون الذين يستطيعون، بالتأكيد؛ وهم، إن فعلوا، فسيكونون متعبين، في الحديث، فيه، مع الذين لم يقرأوه، وهؤلاء هم الغالبية التي تبقى حبيسة المعلومة الناقصة.
حاولت، من جانبي، أن أساهم في محاولة إيجاد حل للمعضلة، فمن حق الناس أن يطلعوا على الحقائق. ولكن كيف؟ خطر لي أن صحفنا تستطيع حل الإشكال، كأن تقدم للقارئ وجبات يومية صغيرة سهل هضمها، يتم تناولها بسرعة بلُقَم لا تعيق حركة، فتخصص الصحيفة،على صدر صفحتها الأولى، وربما في قمتها، صندوقا صغيرا يتسع لخمسين كلمة، مثلا، تتناول فيه تفصيلا سياسيا صغيرا لم يقرأه غير المواطن المتخصص، ويكون على شكل قصة قصيرة جدا، مما هو معروف في عالم الأدب.
سأضرب هنا، ما وسعتني المساحة المتاحة، بعض أمثلة: تحدث الدكتور المومني عن أكذوبة شراء سيارات فارهة لرئيس الوزراء؛ وكانت وسائل الإعلام قد تحدثت، سابقا، عن قرابة عائلية بين وزير في الحكومة المعدلة والرئيس النسور.
ولقد نفى الرئيس الخبر الأخير، وعلى طريقته، بالصمت المطبق لشهرين كاملين، وكأنه اراد، بالصمت، نفيا يأتي على شكل حملة تثقيفية طويلة التأثير. ولقد راجع بعض الذين صدقوا الخبر مواقفهم، فيما بعد، ليس إزاء الخبر نفسه، فحسب، بل إزاء كل ما قيل عن الرئيس من قبل. وكان صمتا شبيها بصمته، في البرلمان، واضعا وجهه بين كفيه، لساعتين كاملتين، بينما تنهال الشتائم عليه من كل جانب.
وكنا قرأنا في موقع الكتروني مقالا مطولا لهيئة تحرير الموقع بعنوان « الرئيس عاشق.» وقد ذهب ظن الناس، طبعا، نحو الدكتور عبد الله النسور، مباشرة. فمن الذي يسمى بالرئيس غيره، إذا أغفل الاسم؟ واعتمدت هيئة التحرير تلك على حقيقة أن الناس، سيكتفون بقراءة العنوان.
كان هذا هو المقصود، دون غيره؛ فقليل، حد الندرة، من يقرأ، منهم، مقالا، كذلك المقال، إذا جاء العنوان واضحا بهذه الصورة. لكن المقال خلا من كلمة عاشق، تماما، ولم تكن، لموضوعه أية علاقة بالأردن، بالمرة.
مثل هذه الأكاذيب السريعة، التي ما تلبث أن تختفي من الصفحة، صناعة إعلامية كاملة يراد لها أن تخلق ردود فعل تستمر ولو لنصف ساعة من الزمن. لا يهمها، بعد ذلك إن اكتشف كذبها. ثمة أمثلة كثيرة في هذا المجال.
لقد اصبح في حكم المسلم به أن استقرار الأردن، وتثبيت حالة الثقة بين الناس وحكومتهم فيه، حالة يجب أن تدمر، فليس كل مصدقي الأكاذيب يعرفون لاحقا أنهم قد ضُللوا، ولا يهم إن عرفوا. هؤلاء، في نهاية التحليل، يمثلون مكسبا لمختلقيها.
لا بد من التصدي، لهذه المحاولات، بالمعلومة الحقيقية السريعة، أيضا، السهلة الوصول إليهم لكي لا تضل الحقائق عن الطريق الصحيح.
فالح الطويل/كي لا تضل الحقائق الطريق
25
المقالة السابقة