عروبة الإخباري – قال السفير الإماراتي لدى عمان مطر الشامسي إن هناك توافقا ما بين أبو ظبي وعمان بشأن القضايا والملفات الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط، وخصوصًا القضية الفلسطينية، والأزمة السورية، مضيفًا أن المرتكزات التي ينطلق منها هذا التوافق هي “واحدة، فالأردن والإمارات كانتا وما تزالان تؤمنان بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، ورفع الظلم عنه”.
وبخصوص مخرجات “قمة مكة”، والتي كان هدفها الأول دعم الأردن ماليًا واقتصاديًا، أوضح الشامسي أن الدعم والمساعدات التي تقدمها الإمارات إلى المملكة “ليست منّة، وإنما رد جميل لما قدمته لأبو ظبي عبر التاريخ، فالعقول والأيادي الأردنية ساهمت في بناء الكثير من المؤسسات الإماراتية”.
وقال الشامسي، في مقابلة مع “الغد”، إن على الجميع “أن يعلم بأن الأردن تحمل أعباء كبيرة بسبب موجات اللجوء التي امتدت منذ العام 1948 وحتى اليوم ولا يزال يقوم بهذا الدور الإنساني، فالأردن كان وما يزال الحضن الدافئ لاستقبال اللاجئين العرب، الأمر الذي شكل أعباء كثيرة على اقتصاده وبناه التحتية”، مشيرًا إلى “ضرورة وقوف الإمارات والدول الخليجية الأخرى إلى جانب الأردن في محنته ومساعدته للخروج من أزماته”.
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، قال الشامسي إن بلاده تضعها على سلم أولوياتها، وتحظى باهتمام بالغ على أعلى المستويات، وأنها لم تدخر جهدًا سياسيًا في طرحها بمختلف المحافل الإقليمية والدولية، حيث تعمل على استثمار كل إمكاناتها وعلاقاتها من أجل خدمة هذه القضية ودعم الشعب الفلسطيني في نضاله المشروع من أجل التحرر، واستعادة حقوقه الوطنية وتحقيق حلمه بقيام دولته المستقلة.
وإنسانيًا وإغاثيًا، بين الشامسي أن فلسطين “ظلت الوجهة الأولى للمساعدات التي تقدمها الإمارات على مدار أعوام وعقود عدة، بما يشير بوضوح إلى أن فلسطين كانت وما تزال في قلب واهتمام القيادة الإماراتية”.
وأكد أن بلاده “لم تتوانَ للحظة عن تقديم يد العون والدعم لأشقائها في فلسطين، ولم تغمض عينيها عن الجراح التي ألمت بهم مرة بعد أخرى.. كانت لهم الدعم والسند والعون الذي لولاه لحدثت أزمات إنسانية كبرى تعجز منظمات كبرى عن معالجة آثارها”.
وبشأن العلاقة الأردنية الإماراتية، قال الشامسي إنها “قوية وراسخة ومتجذرة” وهي في تصاعد مستمر، ولم تشهد بيوم من الأيام أي توتر، أرست دعائمها قيادة البلدين، ومن قبلُ، الراحلان جلالة الملك الحسين وسمو الشيخ زايد بن آل نهيان، واستمرت على ما بُنيت عليه، مضيفًا “أن الرهان على الأردن لم يكن إلا رهان الشقيق على شقيقه، فالأردن كان أول دولة اعترفت بقيام وتأسيس دولة الإمارات العام 1971”.
وأشار إلى أن أول قائد للجيش الإماراتي كان أردنيا هو اللواء عواد الخالدي، وأول قائد لكلية زايد العسكرية كان أردنيا أيضًا، فالأردنيون لهم الفضل في تأسيس القوات المسلحة والأجهزة الأمنية بدولة الإمارات. والتنسيق وتبادل الخبرات والتدريبات المشتركة مستمرة وهي علاقة تكاملية كما ويوجد الكثير من المشاريع العسكرية التي تدعمها الإمارات في الأردن إضافة إلى وجود تدريبات مشتركة بين الجيشين الأردني والإماراتي”.
وأوضح الشامسي أن هناك العديد من العلاقات الاستثمارية والاقتصادية بين الأردن والإمارات، حيث أقامت الأخيرة مشاريع استثمارية كبيرة في المملكة، تمثلت بقطاعات السياحة والطاقة المتجددة والبترول والموانئ، والتي من شأنها توفير آلاف فرص العمل للأردنيين.
ولفت إلى أن هناك تبادلا للخبرات والتنسيق بين البلدين لنقل تجربة الإمارات بمجال تطوير العمل الحكومي إلى الأردن، وربط المؤسسات الحكومية ربطا إلكترونيًا، بالإضافة إلى وجود خطة لتهيئة وتدريب مليون مبرمج أردني بدعم إماراتي حتى نهاية العام 2020 لتحويل الأردن نحو الحكومة الإلكترونية، فيما قامت أبو ظبي بتوقيع عقود مع عمان بقيمة 220 مليون دولار أميركي بمشاريع في الطاقة المتجددة.
وبين الشامسي “أن المستثمر الأردني يشكل 17 % من رأس المال الأجنبي في الإمارات، والتي بدورها تقدم تسهيلات كثيرة للمستثمر الأردني، في حين تبلغ الاستثمارات الإماراتية بالمملكة ما يقارب الــ17 مليار دولار”.
وبشأن الدور الإماراتي تجاه اللاجئين السوريين في الأردن، قال الشامسي إن بلاده تقدم الدعم لهذه الفئة، واهمها: دعم مخيم مريجيب الفهود في الأردن، حيث يمثل هذا المخيم ذروة الجهود الإنسانية الإماراتية لغوث اللاجئين السوريين، مضيفًا أن ضم وقت افتتاحه 10 آلاف لاجئ تم تأمينهم بالغذاء والماء والخدمات الأساسية الأخرى، فضلًا عن الصحة والتعليم والتدريب”.
وفيما يتعلق بالأزمة اليمنية، قال الشامسي “إن هناك ثلاث أولويات تعمل عليها قوات التحالف في اليمن هي: حماية المدنيين، والحفاظ على تدفق المساعدات الإنسانية، وتحريك العملية السياسية في اليمن من أجل إعادة الشرعية، وعودة الاستقرار إلى هذا البلد”.
ولفت إلى “أن الحوثيين لا يشكلون أكثر من 3 % من سكان اليمن، لكنهم يدعون ملكية
50 % من البلد، ناهيك عن أن ميليشيات الحوثي المدعومة من ايران قامت باستغلال ميناء الحديدة، ذي الأهمية الاستراتيجية، لإطالة أمد الحرب وزيادة معاناة السكان”.
وأضاف “أن هؤلاء يستخدمون ميناء الحديدة لتهريب الأسلحة والصواريخ البالستية الإيرانية إلى اليمن، بهدف استهداف السعودية، فضلًا عن استخدام إيرادات الميناء في تمويل حملاتهم العسكرية”، مؤكدًا أن “سوء إدارة الحوثيين للميناء واستيلاءهم على المساعدات الإنسانية أدى إلى آثار كارثية للوضع الإنساني هناك”.
كما أكد الشامسي أنه “تم الكشف عن أسلحة ومعدات عسكرية إيرانية، منها صواريخ وطائرات مسيرة بدون طيار وخزانات وقود خاصة بالصواريخ الباليستية، ما يثبت تورط طهران في دعم الحوثيين”.
وتابع “أن عدم قبول الحوثيين لحل سياسي، أجبر التحالف العربي على اللجوء إلى الحل العسكري، بهدف إحداث تغيير في موازين القوى وبالتالي المساهمة بالوصول لحل سياسي”، لافتًا إلى “أن طبيعة التضاريس الصعبة واستخدام الحوثيين المواطنين كدروع بشرية ساهم في تأخير الحسم العسكري”.
وزاد الشامسي، “أنه بالمقابل فإن الدعم الإنساني الإماراتي إلى اليمن وأهله يسير بوتيرة متسارعة، حيث حصلت بلاده على المركز الأول عالميًا بصفتها أكبر دولة مانحة في مجال تقديم المساعدات الإنسانية الطارئة للشعب اليمني الشقيق العام الحالي”.