عروبة الإخباري – حذر صندوق النقد الدولي الدول المصدرة للنفط من مواجهة عجز في ميزانياتها العامة، في حال تراجعت أسعار النفط. وتوقع الصندوق، في تقرير صدر أمس عن الاقتصاد العالمي، أن سعر البرميل سيتراوح بين 103 دولارات هذا العام و101 دولار للعام المقبل. وذكر أن زيادة الانفاق العام في الدول النفطية، خصوصا في الشرق الأوسط، قد تضر بالميزانيات في حال هبطت الأسعار.
وفي سياق متصل، اعتبر الصندوق أن تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين قد يضر بالطلب على النفط، محذرا من تداعيات ذلك على الكويت.
حذر صندوق النقد الدولي في تقرير صدر أمس من أن ابتعاد الصين عن النمو الاقتصادي القائم على الطلب المكثف والقوي على المواد الخام قد يعيق النمو في البلدان المصدرة للسلع التي تعتمد على تصدير شحنات النفط والغاز، اضافة الى الفحم والنحاس والخام الحديد الى الدول الآسيوية.
وفي آخر تحديث للتوقعات الخاصة بالاقتصاد العالمي، قال الصندوق الدولي ان بلدانا مثل الكويت ومنغوليا واستراليا ستكون عرضة للضعف والتأثر سلبا بوجه خاص، مشيرا الى أن بعض آثار تلك الخطوة بدأت بالفعل في الظهور. وعلى المدى القصير، سيكون هناك «قلق خاص ازاء الآثار غير المباشرة لعملية اعادة التوازن للطلب في الصين».
وأضاف التقرير أن التباطؤ الاقتصادي في الصين قد بدأ بالتأثير بالفعل على البلدان المصدرة، وتوقع صندوق النقد الدولي تراجعا في أسعار المعادن العالمية بنسبة %4 و%5 في 2013 و 2014 على التوالي.
وحذر الصندوق الدولي من أن تراجع أسعار السلع «يشكل خطرا على ميزانيات البلدان المصدرة للسلع ذات الدخل المنخفض». ويعكس تركيز الصندوق الدولي على الصين أهمية الطلب الصيني في سوق السلع والمواد الخام.
ومن المتوقع أن تبقي أسعار النفط راسخة وثابتة، حيث يتوقع الصندوق أن يبلغ السعر الفوري للنفط 104.5 دولارات للبرميل في 2013 و 101.4 دولار للبرميل في 2014، مما يعكس الطلب القوي على التكرير وانقطاع الامدادات. وتستخدم وكالة الطاقة الدولية توقعات الصندوق الدولي بشأن النمو العالمي كأساس لتوقعاتها بشأن نمو الطلب على النفط.
كما حذر الصندوق الدولي في تقريره من تزايد مخاطر الارتفاعات الحادة في أسعار النفط الخام، لاسيما أن الاضطرابات والتوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط تزيد من خطر انقطاع الامدادات. وقدم التقرير ثلاثة سيناريوهات لتأثير الارتفاع الحاد في أسعار النفط، محذرا من أن السيناريو الأسوأ يتمثل في تراجع الناتج الاجمالي المحلي العالمي بنسبة %0.5.
وخفض صندوق النقد الدولي توقعه للنمو العالمي العام الحالي والمقبل وحذر من ان تخلف الحكومة الأميركية عن سداد التزاماتها قد «يضر بشكل خطير» باقتصاد العالم.
وأوضح الصندوق من خلال تقريره الذي نشر الثلاثاء ان النمو العالمي سيكون عند %2.9 هذا العام و%3.6 العام المقبل، بالمقارنة مع توقعات شهر يوليو عند %3.1 في 2013 و%3.8 في عام 2014.
ويرى ان الاقتصادات الناشئة ستنمو %4.5 هذا العام، حيث خفض توقعه لكل من الصين، المكسيك، الهند وروسيا.
عجز الدول
وحذّر صندوق النقد الدولي من أن أي انخفاض طويل الأمد في أسعار النفط سيؤدي إلى تسجيل عجز في الدول المصدرة للخام في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نتيجة للارتفاع الكبير للإنفاق العام في هذه الدول.
وجاء هذا التحذير في تقرير أصدره الصندوق حول النظرة المستقبلية للاقتصاد العالمي توقع فيه أن ينخفض النمو في الدول المصدرة للنفط إلى %1.9 هذه السنة، مقارنة بـ%5.4 العام الماضي، على أن يتعزز النمو مجددا العام المقبل مع توقعات ببلوغه مستوى %3.8.
وحذر التقرير من ان «اي انخفاض طويل الامد في اسعار النفط سيضع مصدرين كثيرين للنفط في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في حالة عجز مالي».
وبحسب الصندوق، فإن الأسعار المطلوبة لتحقيق التوازن في الميزانيات بات أعلى من سعر النفط الوسطي المتوقع لعام 2014.
وقال الصندوق في التقرير «خلال السنوات الماضية، رفعت زيادة الإنفاق مستوى سعر النفط المطلوب لتحقيق التوازن، وذلك بشكل أسرع من المعدلات التي ارتفعت فيها اسعار النفط».
واضاف «نتيجة لذلك، بات سعر النفط المطلوب لتحقيق التوازن في عدد من الدول، بما في ذلك الجزائر والبحرين وايران والعراق وليبيا واليمن، أعلى من السعر المتوقع للعام 2014».
وعدا بعض دول الخليج التي تملك تحوطات مالية ضخمة، يتعين على الدول الاخرى ان تركز في سياساتها المالية على «بناء تحوطات تحميها من الصدمات في اسعار النفط عبر العثور على مصادر للدخل خارج القطاع النفطي، والسيطرة على مستويات الإنفاق الحالية التي بات من الصعب تغيير مسارها»، وفق التقرير.
إيران والسعودية
وفي ما يتعلق بالتوقعات لكل بلد، توقع صندوق النقد أن يستمر الاقتصاد الإيراني في الانكماش، على أن تبلغ نسبة التراجع %1.5 هذه السنة مقارنة بـ%1.9 العام الماضي.
إلا أن الصندوق توقع أن تسجل إيران نموا بنسبة %1.3 في 2014.
أما السعودية، وهي أكبر مصدر للخام في العالم، فقد توقع الصندوق أن تسجل نموا بنسبة %3.6 هذه السنة، وبأن يرتفع النمو الى %4.4، من دون أن يصل الى مستوى النمو الذي حققته في 2012، والذي بلغ %5.5.
وفي المقابل، توقع الصندوق أن يسجل اقتصاد الدول المستوردة للنفط نموا بنسبة %2.8 هذه السنة، مقارنة بـ%2 العام الماضي، على أن يرتفع النمو الى %3.1 في 2014.
وكان اقتصاد عدد من هذه الدول قد تأثر بشكل كبير جراء حركات الاحتجاجات الشعبية التي هزتها.
مصر وتونس ولبنان
وتوقع الصندوق أن ينمو الاقتصاد المصري بنسبة %1.8 هذه السنة، مقارنة بـ%2.2 العام الماضي، كما توقع الصندوق ان يرتفع النمو المصري الى %2.8 في 2014.
ومازال الاقتصاد المصري يعاني من تداعيات الاضطرابات السياسية والأمنية، الا انه يستفيد من رزمات مساعدات بمليارات الدولارات، وفرتها دول الخليج الداعمة للادارة المصرية الجديدة بعد عزل الرئيس الاسلامي محمد مرسي في يوليو.
أما اقتصاد تونس فيبدو أنه يسجل مزيدا من الزخم، لكن نموه لم يصل بعد الى مستويات ما قبل ديسمبر 2010، تاريخ انطلاق ما يُعرف بـ«الربيع العربي».
وبعد أن سجلت نموا بـ%3.6 العام الماضي، توقع صندوق النقد ان يبلغ النمو في تونس %3، هذه السنة وان يرتفع النمو الى %3.7 في 2014.
والاقتصاد اللبناني سيظل متأثرا بتداعيات النزاع في سوريا، وتوقع الصندوق ان يكون النمو في لبنان بحدود %1.5 في 2013، وهو المستوى نفسه الذي حققه في 2012، والذي توقع الصندوق ان يحققه في 2014.