عروبة الإخباري – توفي الكاتب والروائي السوري حنا مينة الملقب “شيخ الرواية السورية” عن 94عاما إثر معاناة مع المرض، بعدما لعب دورا رياديا في الرواية السورية والعربية من خلالها عشرات الاعمال التي اتسمت خصوصا بالواقعية.
وقد نعت وزارة الثقافة السورية الكاتب صاحب رواية “المصابيح الزرق” (1954)، مشيرة إلى أنه “احد رموز الرواية في العالم” على ما جاء في وكالة الانباء السورية (سانا).
وأوضحت الوكالة أن مينة توفي صباح الثلاثاء إثر معاناة طويلة مع المرض.
والملفت أن مينة نشر قبل عقد من الزمن وصية جاء فيها “عندما ألفظ النفس الأخير، آمل، وأشدد على هذه الكلمة، ألا يُذاع خبر موتى في أية وسيلةٍ إعلامية، مقروءة أو مسموعة أو مرئية، فقد كنت بسيطا في حياتي وأرغب أن أكون بسيطاً في مماتي”.
ولد مينة في اللاذقية على الساحل السوري في التاسع من آذار/مارس العام 1924. أمضى طفولته في لواء اسكندرون قبل ان يعود إلى اللاذقية (شمال غرب)أثر ضم هذه المنطقة إلى تركيا. وهو تأثر كثيرا بهذه المدينة في أعماله التي ركزت خصوصا على البحر وأهله.
وهو قال عن البحر “إن البحر كان دائماً مصدر إلهامي، حتى إن معظم أعمالي مبللة بمياه موجه الصاخب”.
عرف مينا بدايات صعبة وتنقل بين أعمال متواضعة كثيرة. فعمل حلاقا وحمالا وبحارا ومصلح دراجات قبل أن ينصرف للكتابة.
وانتقل الى بيروت العام 1946 قبل ان يعود في السنة التالية إلى دمشق حيث استقر. وعرف الغربة كذلك اذ أقام في أوروبا والصين لسنوات طويلة.
وخاص العمل الصحافي أولا في صحف لبنانية وسورية. وتولى رئاسة تحرير صحيفة “الانشاء” السورية.
وكتب مسلسلات بالعامية للاذاعة السورية. كذلك عمل في وزارة الثقافة لمدة عقدين من الزمن.
انتقل حنا مينة بعدها الى كتابة القصص القصيرة فالرواية.
وهو وضع حوالى أربعين مؤلفا ومن أهم أعماله “الشراع والعاصفة” (1966) و”الياطر” (1975) و”نهاية رجل شجاع” (1998). وقد تناول في الكثير منها، البحر وأهواءه والبحارة.
وقد حولت روايات عدة لحنا مينة إلى مسلسلات تلفزيونية لاقت نجاحا عبر القنوات العربية، بينها “المصابيح الزرق” التي تصور الجو المحموم الذي كانت تعيشه سوريا أيام الحرب العالمية الثانية في ظل الانتداب الفرنسي، إضافة إلى “نهاية رجل شجاع”.
كذلك حولت روايته الاشهر “الشراع والعاصفة” التي تدور أحداثها خلال الحرب العالمية الثانية التي خاضت خلالها سوريا صراعات وشهدت اضطرابات انتهت بنيلها الاستقلال، إلى فيلم سينمائي في 2012.
وقد أدى مينة دور البطولة في المسلسل التلفزيوني “الجوارح” لنجدت أنزور (1994).
ويجمع النقاد على أن مينة لعب دورا رياديا في الرواية السورية والعربية وكان يلقب ب”شيخ الرواية السورية”.
ونعى الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب حبيب الصايغ الروائي حنا مينة، واصفا إياه بأنه “أحد رواد القصة والرواية بعد جيل نجيب محفوظ”.
ساهم مينة الذي كان يجاهر بانتمائه الشيوعي، في تأسيس رابطة الكتاب السوريين واتحاد الكتاب العرب في دمشق في خمسينات القرن الماضي.
وهو خاض المعترك السياسي باكرا وناضل ضد الانتداب الفرنسي الذي عاشته سوريا حتى أربعينات القرن الماضي. إلا أنه انسحب من السياسية بعد ذلك وكرس وقته للكتابة.
وقال في أحد الأيام “أنا كاتب الكفاح والفرح الإنسانيين فالكفاح له فرحه، له لذّته القصوى، عندما تعرف أنك تمنح حياتك فداء لحيوات الآخرين”.
وقد فاز الكاتب بجوائز أدبية عدة من بينها “جائزة نجيب محفوظ للكاتب العربي” من اتحاد كتاب مصر العام 2006.
وتخصص وزارة الثقافة السورية جائزة سنوية تحمل اسم حنا مينة.
عن مهنة الكتابة التي شق طريقه اليها حياة اتسمت بالشقاء كان حنا مينة يقول “مهنة الكاتب ليست سواراً من ذهب، بل هي أقصر طريق إلى التعاسة الكاملة”.