عروبة الإخباري – أقر الكنيست الإسرائيلي، فجر اليوم الخميس، أحد أخطر القوانين الصهيونية في السنوات الأخيرة، وهو ما يسمى “قانون القومية”، الذي يرتكز أساسا على اعتبار فلسطين التاريخية، أنها “أرض إسرائيل”، وأنها وطن ما أسمته الصهيونية “الشعب اليهودي في العالم”.
وتم تبني مشروع القانون بتأييد 62 صوتا في مقابل 55، وهو ينص على أن العبرية ستصبح اللغة الرسمية في إسرائيل بينما ينزع هذه الصفة عن اللغة العربية، وعلى أن “تنمية الاستيطان اليهودي من القيم الوطنية وانها ستعمل على تشجيعه”.
وصيغة القانون تنفي حق الشعب الفلسطيني في وطنه وعلى وطنه، وقد نجح رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، بالضغط على أحزاب ونواب عارضوا بنودا خلافية في القانون، كي يتم تمرير القانون، الذي كان من المتوقع عدم الاستمرار في تشريعه في الولاية البرلمانية الحالية.
ويعتبر جوهر القانون شطبٌ لحق الشعب الفلسطيني في وطنه وعلى وطنه، وحول هذا البند وما يتعبه، شبه اجماع صهيوني. إلا أن مشروع القانون كما ظهر لأول مرة في العام 2011، والصياغات العديدة له التي طرحت على مر السنوات الست الماضية، شمل بنودا خلافية بين اليهود، وأيضا في ما يتعلق بطابع نظام الحُكم الصهيوني. ومن أبرز الخلافات، كانت بسبب سعي جهات دينية الى جعل الشريعة اليهودية مصدرا للتشريع، وأيضا مصدرا للقضاء، في حال لم يكن في القوانين القائمة ما يقدم أجوبة واضحة، للقضايا المطروحة أمام المحاكم. ومثل هذه القضايا وغيرها، منعت تشريع القانون بوتيرة سريعة.
ويضاف الى هذا، تحفظ المتدينين المتزمتين “الحريديم” من القانون، كون أن في عقديتهم الدينية، أن هذه ليست “مملكة إسرائيل، الموعودة في التوراة”، وإنما كيان عابر، يتعاملون معه لاحتياجاتهم. كما أنهم يتحفظون من مصطلح “القومية”، ولهم تفسيرات بشأنها تجعلهم يعارضون القانون، ولكن رغم هذا الخلاف الجوهري، إلا أنهم رضخوا للضغوط، وكما يبدو مقابل اغراءات أخرى، مثل الحصول على ميزانيات اكثر لمؤسساتهم، أو امتيازات أخرى.
أما على صعيد الشعب الفلسطيني عامة، وفلسطينيي 48 خاصة، فإن القانون يعتبر أن فلسطين التاريخية، “أرض إسرائيل هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي، التي فيها قامت دولة إسرائيل”. وفي البند التالي جاء، أن “دولة إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي، فيها يطبّق حقه الطبيعي، الثقافي، الديني والتاريخي لتقرير المصير”. والبند المكمل لهذه الفقرة، هو أن “حق تقرير المصير القومية في دولة إسرائيل هي خاصة بالشعب اليهودي”.
وعلى الرغم من أن بند حق تقرير المصير، يدخل في اطار “دولة إسرائيل”، إلا أن هذا القانون سيشكل عقبة أمام أي حكومة مستقبلية، في ما لو ارادت الشروع بمفاوضات والتوصل الى اتفاق لاقامة كيان فلسطيني مستقبل، وهذا لأن القانون يعتبر فلسطين التاريخية “أرض إسرائيل ووطن الشعب اليهودي”.
كما يخصص القانون بندا لمدينة القدس المحتلة، وجاء أن “عاصمة إسرائيل: يروشلايم (القدس) الكاملة والموحدة هي عاصمة إسرائيل”. وفي النص الأول للقانون، لم تكن كلمتي “الكاملة والموحدة، بل أضيفت لاحقا.
ويلغي القانون، كون اللغة العربية لغة رسمية ثانية، بل يعتبر اللغة العبرية وحدها لغة رسمية، بينما للغة العربية لها ما سمي “مكانة خاصة”، سيتم تحديدها بقانون مستقل. كما الغي من القانون، كون نظام الحكم “ديمقراطي”، ورفضت أحزاب اليمين الاستيطاني أي ذكر للمساواة في الحقوق بين المواطنين؛ لا بل تم تخصيص بند خاص للاستيطان اليهودي، الذي تعتبره إسرائيل “قيمة عليا”، وعليها العمل “على تعزيزه وتطويره”، وهذا البند، جاء بدلا من بند يقضي بإقامة تجمعات سكانية لليهود وحدهم، وهو ما أثار ضجة، واعترضت على البند، حتى أوساط صهيونية يمينية.
ويشمل القانون العنصري الاقتلاعي، بنودا تدعو نظام الحكم الصهيوني الى تشجيع الهجرة اليهودية الى فلسطين، وأن تعزز إسرائيل العلاقات والروابط مع أبناء الديانة اليهودية في العالم، الذين يسميهم القانون “الشعب اليهودي.
وقد علمت التجربة، أن قوانين خلافية من هذا النوع، تجري المحاولة لتمريرها، بداية بأقل ما يمكن من بنود خلافية، حتى يتم ضمان تثبيت القانون كقاعدة؛ ولاحقا مع السنين، تبدأ تشريعات موازية لتعديل القانون، بما يعيده الى النص الأول المراد، وهو أشد عنصرية، واقصاء للشعب الفلسطيني، وخاصة فلسطينيي 48.