يقف خطباء المساجد في دولتنا على منابر الجمعة يرددون أقوال السلف الصالح دون أن يسقطوا ما يقولون على حال الأمة وما تتعرض له من محن وأزمات، نحن في قطر نتعرض لمحنة الحصار وآلامها، نتعرض لحركة تشويه وتحريض الشعوب علينا، ونحن براء من كل ما تقول به جوقة دول الحصار الإعلامية.
في الجمعة الماضية وقف إمام وخطيب المسجد الحرام في مكة المكرمة الشيخ سعود الشريم في الجزء الأول من خطبته بعد الاستغفارر والحمد والشكر لله عز وجل على أنعمه التي أنعم بها علينا ورضي لنا الاسلام دينا، انتقل إلى تنبيه الناس عامة وكأنه يخاطب القيادات السياسية في عالمنا العربي بان لا يستخفوا ولا يحتقروا أحدا من عباد الله أيا كان مركزه ومكانته، لان الاحتقار كما قال: “شر ومعرة تلازمان المستخف، إنهما يضادان مقتضيات الأخوة والعدل والوسطية” وذهب الى التأكيد على ان الاستخفاف الذي يولد التعيير والشماتة والاحتقار والاستهزاء والاهانة، نهى عنه الرسول محمد عليه أفضل الصلاة والسلام لانه عمل قبيح. وقال الشيخ الشريم: “إن اخطر ما يكون الاستخفاف حينما يتجاوز حدود الممارسة الفردية، ليصبح ثقافة يتبارز بها المستخفون، وسبقا مزريا للمتهورين به أيهما يبلغ من الاستخفاف ذروته”.
والحق إن ذلك القول ينطبق على قيادات دول الحصار التي استخفت بقطر قيادة وشعبا ومكانة، متسترين خلف اعتقادهم بانهم قوة فاعلة على الساحة الدولية والعربية، وأنهم قادرون على تأليب العالم على قطر.. انه والحق استخفاف لا نظير له، وأثبتت قطر بانها الصخرة الصلبة التي تتكسر عليها أمواج البحر وعاديات الزمان.. لقد تحول أمر الحصار لديهم ليصبح ثقافة لدى الكثير من كتاب دول الحصار والشعراء وكتاب المسلسلات التليفزيونية وسادة الجهل في تلك الدول.
إن تلك الثقافة السطحية امتدت إلى شطب دول من الخرائط الجغرافىة العالمية وكأنها لم تكن، في زعمهم حتما أن تلك الدولة غير موجودة، وآخرون راحوا يمتنعون عن ذكر اسم دولة قطر في أحاديثهم كالقول “دولة مجاورة” وهنا أقول: قطر ليست صنيعة نظام سياسي كغيرها من دول الجوار يتغير اسمها بجرة قلم، اسم قطر خالد بخلود الجغرافيا والتاريخ.
يقول الشيخ الشريم إمام وخطيب الحرم المكي: “إن الاستخفاف نتيجة شعور بنقص في صورة كمال زائف، فيداري المستخف سوأة نقصه بالاستخفاف بغيره، ليوهم نفسه والآخرين بكمال المزور، وتفوقه على من سواه، مشيرا إلى أن مثل هذا لا يقع منه الاستخفاف بغيره إلا اذا استحكمت فيه خفة العقل والمنطق”، اعتقد ان الصورة قد وصلت للقارئ الكريم ولا يحتاج إلى شرح.
ما قصدته في هذا الجانب لماذا خطباء مساجدنا لا يتناولون الحصار وأضراره علينا وعلى شعوب الدول المحاصرة؟
(2 )
قطر رغم الاستخفاف بها وبقدراتها السياسية إلا أنها استطاعت أن تستقطب دول العالم المؤثرة إلى جانبها في مسألة الحصار، وأدانت دول العالم دول الحصار ولم تقرها على ما ادعت به علينا، واستطاعت الدبلوماسية القطرية أن تقنع دول العالم ببرأتها من كل ادعاء يقول أنها ممولة للارهاب وحاضنة له. واليوم على سبيل المثال تنعقد في واشنطن في الولايات المتحدة الامريكية اجتماعات على أعلى المستويات بين دولة قطر والادارة الامريكية، يتضمن الوفد القطري وزير الخارجية نائب رئيس مجلس الوزراء، ووزير الدولة للدفاع، ووزير المالية، ووزير الاقتصاد والتجارة، ووزير الطاقة والصناعة، وآخرون يقابلهم نفس المستوى من الجانب الأمريكي، وهذا دليل لا جدال فيه على المكانة التي تحظى بها قطر في الولايات المتحدة الامريكىة رغم كل المحاولات التي أجراها متنفذو دول الحصار في الساحة الأمريكية وغيرها من الدول.
(3)
حتى الألعاب الرياضية سيسوها وأرادوا اخضاعها لارادتهم، لانهم مارسوا الاستخفاف واحتقار قدرات الآخرين فراحوا يمارسون كل الضغوط على الاتحاد الآسيوي لكرة القدم للحيلولة دون تطبيق ” نظام الذهاب والإياب في كل بلد” وفشلوا في ذلك وصوت 14 عضوا بالمكتب التنفيذي للاتحاد الآسيوي ضد طلبهم مقابل 3 أصوات لصالحهم وهي أصواتهم لا غير، وراحوا يكيلون الاتهام لبعضهم البعض، يقول احدهم من الرياض “لا اجد ما يمنع فرقنا الرياضية من المشاركة في قطر “ورد عليه آخر” الرجل باعنا “ولا أريد العودة إلى محاولات عزل الفريق القطري في دورة كأس الخليج لكرة القدم التي عقدت مؤخرا في الكويت، ولا ما جرى من إجل إقصاء المنتخب القطري من المشاركة في البطولة العربية التي انطلقت بالأمس في مسابقات لعبة الشطرنج، فذلك شأن من يعملون في هذا الحقل في الصحافة الرياضية.
آخر القول: قطر تسير قدما رغم كل العوائق والصعاب التي يضعها الأشقاء في طريقها، لكن الحسود لا يسود ولو أعجبته قوته، لكنها قوة وهمية.
ملاحظة: كلمة “مدّكر” وردت في سورة القمر الآية 15)