عروبة الإخباري – عقد منتدى الرواد الكبار ندوة «ذاكرة القدس» وذلك يوم الأربعاء الماضي، تحدث فيها كل من: الدكتور زيدان كفافي، الدكتورة هند أبو الشعر، الدكتور جورج الطريف، الدكتور غازي ربابعة، الشاعر نايف أبو عبيد، كما وأقيم معرض فني على هامش الندوة.
واستهلت السيدة هيفاء البشير، رئيسة المنتدى، مفردات الندوة بكلمة قالت فيها: يسعدنا أن يكون أول أنشطتنا الثقافية لعام 2018 الإحاطة بدرة المدائن مدينة القدس. نجتمع في هذا اليوم المبارك للحديث عن ذاكرة أهم مدينة في العالم حيث تتوجه إليها الأنظار وتخفق لها القلوب، مدينة القدس العظيمة، بوابة السماء ومعراج رسول الله صلى الله عليه وسلم وحضن كنيسة القيامة. تتوق الأنظار للقدس و تلهج لها الألسنة بالدعاء ونتألم اليوم أنها المدينة الأسيرة المكبلة بجراحها تئن وجعاً لتخليصها من العدوان والإحتلال الصهيوني الذي يعمل على تزوير تاريخها وطمس معالمها التي نفاخر بها فهي موئل الحضارات الانسانية وعلى ارضها استشهد العديد من المجاهدين وارتوت عتباتها بدماء الشهداء وفي مدافنها يرقد أعز الهاشميين الحسين بن علي رحمة الله عليه. نعتز اليوم بحامي حمى الأماكن المقدسية جلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله وأعز ملكه.
وقدم أ.د. زيدان كفافي ورقة بعنوان «القدس منذ النشأة وحتى مجيء اليونان»، خلص من خلالها إلى أن «القدس ليست وليدة العصور الحديثة، ولا حتى العصور التاريخية، لكنها وجدت قبل أن يعرف الناس لأنفسهم نسباً أو جنسًا، وكان هذا في عصور ما قبل التاريخ. إذن، وجد الإنسان في هذا المكان في زمان لاصراع فيه، شرب الناس من نبع عين أم الدرج، وتجولوا فوق سفوح جبال القدس دون أن يكون لهم مأرب، سوى تأمين لقمة العيش. هؤلاء الناس هم أبناء الأرض، فلم يأتوا من أمريكا وروسيا وغيرها من البلدان الأوروبية محتلين، هم عرب لكنهم آمنوا برسالة سيدنا موسى عليه السلام».
وجاءت ورقة الدكتورة هند أبو الشعر بعنوان «السكان في مدينة القدس منذ العهد الأيوبي وحتى نهاية العهد العثماني (1187 – 1917)، واعتبرت الدكتورة هند أبو الشعر أن أهالي القدس يشكلون ذاكرة المدينة عبر التاريخ، وقد اختارت أن تقرأ تاريخ المدينة من خلال التركيبة السكانية المتجددة للمدينة المقدسة، وتسلسلت في قراءة واقع القدس السكاني منذ نهايات العهد البيزنطي، وبداية الفتح العربي للمدينة، وانتقالها إلى الطابع العربي بالتدريج مع العهد الأموي، وركزت في تناولها على المفاصل الحضارية، وتناولت الورقة بالتفصيل أحوال القدس مع قدوم الفرنجة وتشكيل «مملكة القدس» وتأثير الحملة الفرنجية الأولى على تغيير التركيبة السكانية للقدس، ونشوء أحياء جديدة منها حي البطرك الذي سكنه الفرنجة الغربيين وكان أكبر أحياء المدينة، وحي النصارى أو المشارقة والذي تشكل عندما قام الملك بلدوين الأول بإحضار أهالي من شرق الأردن من المسيحيين لسد النقص في سكان القدس، وكانوا من عجلون والسلط والكرك، ومن اهالي القرى في جوار القدس من المسيحيين الشرقيين، وكان سكان القدس في زمن الفرنجة من جنسيات متعددة من اليونان والبلغار والألمان والهنغاريين والإنجليز والفرنسيين ومن بلاد الكرج من جورجيا، ومن الأرمن والأقباط من مصر والموارنة من لبنان، وكان أهالي الجوار من قرى القدس من العرب المسلمين يعملون في الحرف ويباتون ليلا في قراهم، لكن غالبية العنصر العربي كان أقل في هذه الفترة من مجموع هذه العناصر.
وخلصت الدكتورة أبو الشعر إلى أنه يمكن دراسة تاريخ القدس من خلال حركة السكان ونوعيتهم والهجرات والحجاج والتجار، ويبدو من المصادر أن القدس كانت مدينة عالمية وفيها من كل لون وجنس وملة ودين، لكنها ومنذ الفتح العربي ظهر فيها الطابع العربي والإسلامي بشكل تدريجي وبقيت المدينة عربية بطابعها رغم تعدد القوى السياسية عليها، وأكدت الورقة على عروبة المدينة وضرورة الحفاظ على الأوقاف الإسلامية والمسيحية فيها، وعلى العرب المسيحيين ومنع الهجرة، وتمكين أهالي القدس ليبقوا على أرضهم ويحاربوا الاستيطان الصهيوني البشع.
في حين تناول الدكتور جورج طريف أهم الجوانب الأساسية في ملكيات الأراضي الوقفية الإسلامية والمسيحية في القدس، باعتبار أن هذه الملكيات تبرز بشكل واضح الملاك الحقيقيين للأراضي الفلسطينية بشكل عام والأراضي المقدسية بشكل خاص، ما يؤكد على ضرورة المحافظة عليها وحمايتها من كل من يحاول المساس بها أو السيطرة عليها أو التشكيك بهويتها العربية والاسلامية. وتناول د. طريف بالتفصيل الاوقاف المسيحية في القدس التابعة للطوائف الشرقية والغربية من كنائس وأديرة ومدارس وملاجىء ودكاكين ومبان وأراض تابعة للروم الارثوذكس والأرمن والاقباط والاحباش والروس والكرج والسريان واللاتين الروم الكاثوليك الملكيين والموارنة والسريان الارثوذكس والبروتستانت والانجيلية الاسقفية العربية والالمانية .
أما الدكتور غازي ربابعة فتحدث عن مشاركته في معركة القدس، مشيرا إلى أن أبجديات النصر لأي أمة هو اهتمامها بقضاياها وفي هذا الوقت نستحضر ذاكرة التاريخ في القدس ماضيا وحاضرا ومستقبلاً فهي عروس العروبة.
وشارك الشاعر نايف أبو عبيد بقصيدة بعنوان «غـادر الـقـدس»، وفيها يقول: غادر الصحنَ أيهذا اليمامُ/ عيشك اليومَ طلقة فحِمامُ. غادر الصحن واستلف بعض ذكرى/ من سلامٍ عدا عليه اللئامُ… ضلّ من يطلب السلامَ ذليلاً/ إنَّ سِلْمَ الذليلِ موتٌ زؤامُ. أوما قال ربكم وأعدّوا/ ليعمّ الهنا ويحلو المقامُ؟. يا رسول الهدى فدتْك نفوسٌ/ آمنت أنك الشفيعُ الإِمامُ. خاتمَ الرسْلِ لن تنال وحوش/ من سنا روحِكَ التي لا تُضامُ. ولك الرايةُ التي نفتديها/ وإلى شأوها يحجُّ الغمامُ.