الإعصار «ماريا» ضرب بورتوريكو فماذا فعل الرئيس دونالد ترامب؟ هو ذهب إلى ألاباما ليؤيد مرشحاً جمهورياً لمجلس الشيوخ، إلا أن مرشحه هذا خسر أمام جمهوري آخر. هو استمر في حملته على لاعبي الكرة الأميركيين الذين يركعون عند عزف النشيد الوطني. هو واصل تهديد كوريا الشمالية، ونائبه مايك بنس قال لممثلي دولة أجنبية إن عليهم قطع العلاقات مع كوريا الشمالية. قالوا له: ليست لدينا علاقات مع كوريا الشمالية. في النهاية، زار ترامب بورتوريكو بعد أن عرّج على لاس فيغاس، ومدح جهود الإنقاذ.
شوارع بورتوريكو غرقت تحت مياه الإعصار، وقطعت الكهرباء وخطوط الهاتف وتعرقل وصول مساعدات من الولايات المتحدة. الرئيس قرر في تغريدة أن كل ما حصل تتحمل المسؤولية عنه رئيسة بلدية سان خوان. هو قال إن قيادتها ضعيفة ولا بد أن الديموقراطيين بلغوها أن تقول أشياء سيئة عن الرئيس. رئيسة البلدية كارمن بولين كروز سوتو لم تكن قالت شيئاً عن الرئيس وإنما خاطبت العالم وتحدثت عن الزلزال المدمر. هي قالت: الناس يموتون في هذا البلد. أنا أتوسل أتوسل كل مَن يسمعنا أن ينقذنا من الموت.
كروز عملت 24 ساعة في اليوم لإنقاذ بورتوريكو وعندما ردت على إهانات ترامب قالت: أقوى رجل في العالم مشغول برئيسة بلدية سان خوان وطولها 150 سنتيمتراً. رجال الكونغرس اتصلوا بها والصحف طلبت مقابلات معها، إلا أنها قالت إن هناك مهمة يجب تنفيذها لإنقاذ السكان. وقرأت لها بعد ذلك أن ترامب «الرئيس السيئ الإدارة».
ممثل التلفزيون لين- مانويل ميراندا ابتكر برنامج «هاملتون» ويلعب دور البطولة فيه وله أعضاء من أسرته في بورتوريكو. هو قال للرئيس ترامب في تغريدة: أنت ذاهب مباشرة إلى الجحيم، وستركب إليها أسرع عربة في نادي الغولف الذي تملكه. وقرأت: يجب أن تفهموا أن ركوع لاعبي الكرة أهم لترامب من موت الناس.
أغرب ما قرأت، وإن كان صحيحاً فهو أسوأ ما قرأت، في الأيام الأخيرة كان أن دونالد ترامب يملك نادي غولف في بورتوريكو اسمه «كوكو ريزورت»، وبعد أن دمّر الإعصار ماريا الجزيرة زاد ترامب ثمن النادي وهو 33 مليون دولار على الخسائر التي وقعت، وهذا مع العلم أن بورتوريكو قبل الإعصار كانت تعاني من دين عام قيمته 70 بليون دولار بعد عقد كامل من التراجع الاقتصادي.
وقرأت أن في الكونغرس الأميركي أربعة أعضاء ولدوا في بورتوريكو. أحدهم النائب لويس غوتييرز، وهو ديموقراطي من إيلينوي، قال لترامب إنه نفذ «مصيبة» في مساعدة 3.4 مليون أميركي ضربهم الإعصار «ماريا». لمعلومات القارئ العربي، سكان بورتوريكو يحملون الجنسية الأميركية، إلا أن جزيرتهم ليست ولاية أميركية، وبالتالي فهم لا ينتخبون أعضاء في مجلسي الكونغرس.
ماذا فعل الرئيس ترامب رداً على الذين انتقدوا موقفه من الكارثة في بورتوريكو؟ هو ذهب إلى نادي غولف يملكه في ولاية نيوجيرسي، ومن هناك انتقل إلى جيرسي سيتي لمتابعة بطولة «كأس الرئيس» في الغولف. الرئيس قضى حتى الآن 68 يوماً في نادي الغولف الذي يملكه في فلوريدا، ثم زعم في تغريدة: «قمنا بمهمة عظيمة في وضع شبه مستحيل في بورتوريكو. إذا تجاوزنا الأخبار الكاذبة والناس المسيّسين فإن الشعب بدأ يدرك العمل المذهل الذي قمنا به بمساعدة قواتنا المسلحة العظيمة».
لو كان اهتمام ترامب بالغولف والتغريدات مفيداً لتجاوزنا تقصيره في كل مجال آخر. وأكتفي هنا بالإشارة إلى قول وزير الخارجية ريكس تيلرسون بعد زيارته الصين، إن هناك قنوات اتصال مباشرة مع كوريا الشمالية لحل أزمة الصواريخ العابرة للقارات والتجارب النووية. الرئيس ترامب علـّق على كلام وزير خارجيته بالقول إن تيلرسون «يضيع وقته بالتفاوض مع الرجل الصاروخ الصغير». لعل من القراء مَن يذكر أن تيلرسون دافع عن الرئيس ترامب في آب (أغسطس) الماضي وهو ينذر كوريا الشمالية بموجة «نار وغضب»، وأن تيلرسون ووزير الدفاع جيم ماتيس تحدثا عن استهلاك المحاولات الديبلوماسية قبل التفكير بأي إجراء آخر.
دونالد ترامب يعتقد أنه يعرف أكثر من جميع الناس.