عروبة الإخباري – أديس أبابا – كتب سلطان الحطاب – دعتني الحكومة الأثيوبية لحضور إحتفالات البلاد بعيد إكتشاف الصليب (مسكل) وهو عيد ديني و وطني كبير يكاد يكون هو الأكبر في البلاد، ولذا حرص الأثيوبيون على تسجيله لدى اليونسكو في سجل الحفاظ على التراث العالمي، وأعطوه بعداً عالمياً ودعوا إليه السياحة من كل أنحاء العالم ..
كنت مدعواً وقد بدأت علاقتي مع أثيوبيا قبل أكثر من عام حين دعيت لتأليف كتاب عن أثيوبيا بعد جولات واسعة رتبها لي المسؤولون في الوزارة وقد شملت مدناً في الشمال والجنوب والشرق والغرب، زرتها وصورت أبرز معالمها وكتبت عنها ومنها مدن أديس أبابا ومقاله وأكسوم وقرية النجاشي وغندور ولالبيلا وبحر دار وجيما وهرر وغيرها.
وكانت الحصيلة كتاب كبير من (510) خمسمائة وعشر صفحات وهو مصور في كل صفحاته وقد اخترت له اسماً “أثيوبياً كما رأيتها” فقد كتبت عن مشاهداتي وعن تاريخ المكان وجاء الكتاب شاملاً موسوعياً تناول كل جوانب الحياة الأثيوبية وكذلك التاريخ والجغرافيا ..
كان أمس الأثنين 26/9/2017 يوماً مميزاً وجميلاً فقد دعيت للاحتفال وكرمني من دعوني للجلوس على المنصة الأساسية الكبرى جوار كبار المسؤولين، فقد كان في المنصة بابا الكنيسة الأرثوذكسية الهندية باسيلوس مارتوما والأب ماثياس بابا الكنيسة الأوثوذكسية، كما كان على المنصة رئيس الدولة مولاتو تشومي وعدد من الوزراء وعمدة أديس أبابا دريباكوما ، وقد استمر الحفل ثلاث ساعات حضره أكثر من خمسين ألفاً من الجمهور الذي جلس على مدرجات ميدان (الثورة) وسط استعراض ديني مدهش شاركت فيه كنائس ومدارس دينية وشرطة فيدرالية وفرق موسيقية دينية وألقيت كلمات لمسؤولين دينيين ومدنيين وقد انتهى الاحتفال المهيب بحرق الشجرة التي حملت الصليب بعد أن دار المسؤولون الحاضرون حول الشجر التي تحترق ليتولد من رمادها إشارات صلبان ترسم على الوجوه (الجباه) طلباً للمغفرة ..
وهذا اليوم يعقبه يوم عطلة رسمية تعطل فيه الدوائر الرسمية كلها ليواصل الأثيوبيون احتفالاتهم الدينية المميزة بالملابس المزركشة وخاصة البيضاء وتبادل أصناف الطعام ..
ويأتي إلى أثيوبيا وفود وسياح بأعداد هائلة من كل العالم فأثيوبيا هي التي تقود الكنيسة الأرثوذكسية في أفريقيا بأعتبارها المركز الأشهر، حيث تشكل الأرثوذكسية الأغلبية حوالي 47% من السكان إذ يشكل المسيحيون في عموم أثيوبيا حوالي 60% من السكان والنسبة الأخرى للمسلمين الذي يتمثلون الآن في الحكومة والحياة العامة بشكل منصف بعد سنوات طويلة من الحرمان، وذلك بفضل الحكومات التي أعقبت الثورة وخاصة في مرحلة الراحل ميلس زنياوي ..
أقامت الكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية، مساء الثلاثاء، احتفالية بـ”عيد الصليب”، المعروف محليا بـ”مَسْكَلْ”، بمشاركة بابا الكنيسة الأرثوذكسية الهندية باسيليوس مارتوما، والرئيس الإثيوبي مولاتو تشومي.
والاحتفالية التي جرت في ميدان الثورة بوسط العاصمة أديس أبابا، شارك فيها أيضًا عمدة أديس أبابا، دريبا كوما، والأنبا ماتياس، بابا الكنيسة الأرثوذكسية.
و”مَسْكَلْ” من الأعياد فائقة الأهمية في إثيوبيا، ويوافق اليوم الرابع عشر (الموافق الأربعاء) من شهر مسكرم الذي هو الشهر الأول في السنة الإثيوبية، ويعتقد أرثوذكس إثيوبيا أنه اليوم الذي عثر فيه على “الصليب الذي صلب عليه المسيح قبل مئات السنين”.
وفي كلمته بالفعالية، دعا بابا الكنيسة الأرثوذكسية بإثيوبيا إلى “حث الجميع للعمل من أجل إشاعة المحبة والسلام والتسامح التي دعا إليها المسيح”.
من جانبه، دعا عمدة مدينة أديس أبابا، إلى ضرورة الحفاظ على السلام والاستقرار.
وقال إن السلام والمحبة من السبل الكفيلة للوحدة والعمل معا من أجل تنمية إثيوبيا.
بدوره قال بابا الكنيسة الأرثوذكسية الهندية (لا توجد تفاصيل معلنة عن زيارته)، إنه جاء إلى إثيوبيا من أجل مشاركة مسيحييها احتفالهم بهذا العيد. داعيًا إلى ضرورة الحفاظ على تعاليم المسيح الداعية للسلام والمحبة.
وتضمن الاحتفال الذي أقيم بوسط العاصمة الإثيوبية، إيقاد شعلة كبيرة يطلق عليها “داميرا” وسط حشود كبيرة من المسيحيين، خاصة أتباع الكنيسة الأرثوذكسية، بحثا منهم عن إشباع روحي وسياحة نفسية من خلال سماع الترانيم والتراتيل الدينية.
وبعد انطفاء النار يقوم أتباع الكنيسة برسم علامة الصليب على جباههم، ويعتقد البعض منهم أن رسم الصليب برماد خشب الاحتفال يعني الغفران الكامل لكل الخطايا تمامًا.
كما يعتقد البعض أن اتجاه الدخان وطريقة تكون الرماد يحدّدان ويشيران إلى مجرى حياة الأفراد في المستقبل.
وقدم المشاركون عروضا فنية تخللتها أناشيد وترانيم دينية يلهبون بها حماس الجماهير التي احتشدت بهذه المناسبة التي يعدها الإثيوبيون مناسبة دينية ووطنية في آن واحد.
وشهد الاحتفال إقامة عروض موسيقية من الشرطة الفيدرالية في مشاركة رسمية إلى جانب الحضور الكبير من البعثات الدبلوماسية، خاصة الغربية.
ويشكل المسيحيون 62.8% من مجموع سكان إثيوبيا البالغ عددهم نحو 102 مليون نسمة، يمثل الأرثوذكس 43.5% منهم، ثم البروتستانت 18.6%، والكاثوليك 0.7%، بحسب أحدث تعداد حكومي للسكان أقيم عام 2007.