عروبة الإخباري- كشفت صحيفة “نيويورك تايمز″ عشية الذكرى السنوية الخمسين لحرب 1967، أن إسرائيل بلورت خطة لتفجير قنبلة نووية في سيناء من أجل ردع مصر واضطرارها على وقف الحرب بحال رجحت كفتها لصالحها. ويؤكد ما كشفته الصحيفة الأمريكية حيازة إسرائيل سلاحا نوويا طالما لم تعترف به أو تنفيه ضمن السياسة “الضبابية” التي أحاطتها به.
ووفق “نيويورك تايمز″ فقد اجتمع قادة إسرائيل في مايو/ أيار وصادقوا على الخطة المذكورة التي نعتت بـ “سلاح اليوم الأخير” بعدما دفعت مصر بقيادة جمال عبد الناصر قواتها إلى سيناء وأغلقت مضائق تيران. وتقول إن القيادة السياسية والعسكرية العليا في إسرائيل التقت في اجتماع سري للغاية في ظل شعور بخطر وجودي وتداولت فكرة القنبلة النووية.
وتقضي الخطة بتفجير قنبلة نووية على أحد قمم جبال سيناء حتى ترى مصر الدخان المنبعث من الانفجار ويكون رادعا لها ورسالة حاسمة لعبد الناصر تدفعه للانسحاب، ورادعة لسوريا والعراق أيضا.
وكان يفترض أن يتم ذلك بواسطة مروحيتين تقلان قوات كوماندوز إلى سيناء للقيام بعمليات تمويه يتم خلالها إيداع قنبلة نووية في قمة جبل.
وتعود فكرة القنبلة النووية للجنرال يتسحاق يعقوب الذي اعتقلته إسرائيل قبل 16 سنة بعدما كشف أسرارها النووية على مسامع مراسل صحيفة “يديعوت أحرونوت” رونين بيرغمان وباحث القدرات النووية الدكتور أفنر كوهن، واتهم بتهديد أمنها.
ويؤكد بيرغمان في تقريره أمس أن إسرائيل بادرت لهذه الخطة خوفا من احتمال خسارتها في الحرب. وبادرت بتحويل تسجيل اللقاء مع يتسحاق يعقوب لصحيفة “نيويورك تايمز″ الذي يقول في التسجيل قبل 16 عاما: “أمامك عدو يهدد علانية بإلقائك في البحر ويجب عليك أن تصدقه وكيف لك أن تردعه فقط من خلال ترهيبه بشيء ما بحوزتك. كنا بحالة تطلبت فعل أمر يضطر الدول العظمى للتدخل أو يضطر المصريين للتوقف وإعادة النظر بمخططاتهم”.
يتسحاق يعقوب الذي عمل في هيئة تطوير السلاح في الجيش الإسرائيلي يروي في التسجيل إياه لبيرغمان وكوهن أنه في أيار 1967 وحينما ارتفع منسوب التوتر عقب إغلاق مصر مضائق تيران.
ويتابع: “وقتذاك كنت في دورة استكمال في كاليفورنيا وتم استدعائي للبلاد على عجل وكان واضحا أن الحرب ستنشب عما قريب فبادرت لفكرة تفجير قنبلة نووية في شرق سيناء
قريبة من معسكر مصري في أبو عجيلة”. لافتا إلى أن الخطة كانت تقتضي بإرسال قوات كوماندوز إسرائيلية قليلة لسيناء بهدف صرف أنظار المصريين خلال قيام مجموعة أخرى بطمر قنبلة نووية في الجبل بواسطة مروحيتين عسكريتين.
ويتابع يتسحاق يعقوب: “في حال تم تفجير القنبلة كانت القاهرة أيضا سترى غمامة دخانية عملاقة تتعالى في الأجواء. وكنت أخشى وقتها أن الطاقم الإسرائيلي الذي سيقوم بتفجيرها لن ينج منها لكننا كنا ملزمين بذلك وعندها سيكون أول تفجير نووي بعد استهداف الولايات المتحدة لهيروشيما ونكازاكي في اليابان خلال الحرب العالمية الثانية وتسبب بإنهائها”. ولم يكشف لماذا لم يتم تنفيذ الخطة قبيل حرب 1967.
ويعتبر الباحث في معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب الدكتور افرايم كام أن حرب 1967 لم تكن الهزيمة الأولى للجيوش العربية، لكنها كانت أصعبها وأهمها.
ويعلل رؤيته في مقال نشرته صحيفة “يسرائيل هيوم” أمس بالقول إن الجيوش العربية فشلت في 1948 بمنع إقامة إسرائيل وتصفيتها وبعد 1967 سعت الدول العربية لمحو آثار هذه الحرب فقط بعدما أدركت أن إسرائيل دولة قوية لا يمكن تصفيتها. واعتبر أن هزيمة 1967 قادت الرئيس المصري الراحل أنور السادات لطريق مختلفة -طريق السلام التي مرت عبر حرب 1973.
ويرى أن قرار السادات بالتوصل لسلام مع إسرائيل، نبع من جملة أمور أخرى، من دروس الحربين. موضحا أن حرب 1967 أقنعته بأن إسرائيل تتمتع بتفوق استراتيجي على الدول العربية، وحرب 1973 علمته أنه حتى عندما خرجت مصر وسوريا للحرب في أفضل الظروف، على جبهتين وبشكل مفاجئ، كان النجاح المصري مختلطا، بينما منيت سوريا بالهزيمة. ويضيف “لكن حرب 1973 التي خسرت فيها إسرائيل أربعة آلاف جندي ونيف سمحت للسادات بالتوصل لسلام ليس من خلال الهزيمة والإهانة وإنما بهامة مرفوعة”.
وضمن الانشغالات الإسرائيلية الواسعة في حرب 1967 والتي تصادف ذكراها الخمسون اليوم يرى المعلق العسكري البارز أمير أورن أن إسرائيل غررت في العالم في حرب حزيران وما لبثت أن دفعت الثمن بحرب رمضان 1973. وأوضح أورن في مقال نشرته “هآرتس″ أن إسرائيل تظاهرت عام 1967 بأنها الضحية ونجحت بتضليل العالم في إشارة لكونها خططت للحرب وكانت معنية بها بعكس الرواية الرسمية. ويضيف أن إسرائيل سددت ثمن نجاحها هذا بعد ست سنوات خلال حرب 1973 حينما امتنعت عن الاستعداد للحرب خوفا من أن يتهمها العالم بإثارة الفتن والتحضير لصدام عسكري جديد.(وكالات)