عروبة الإخباري- وافق البرلمان التركي في قراءة ثانية السبت على مشروع التعديل الدستوري الهادف إلى تعزيز صلاحيات الرئيس التركي رجب طيب أردوغانالبرلمان التركي، ما يفتح المجال لطرح هذا الاقتراح الذي يواجه انتقادات، من اجل التصويت عليه في استفتاء في الربيع.
ويؤكد أردوغان أن هذا الاصلاح الذي يمكن أن يسمح له بالبقاء في السلطة حتى 2029، ضروري لضمان الاستقرار على رأس الحكم في تركيا التي تواجه سلسلة هجمات غير مسبوقة وصعوبات اقتصادية.
لكن النص يثير قلق معارضين ومنظمات غير حكومية تتهم رئيس الدول بنزعة استبدادية خصوصا منذ محاولة الانقلاب في تموز/ يوليو التي تلتها حملة تطهير واسعة غير مسبوقة.
وهذا التعديل الدستوري يمنح الرئيس السلطة التنفيذية التي كانت تعود الى رئيس الوزراء، مع ان هذا المنصب تم تهميشه تدريجيا منذ تولي رجب طيب اردوغان الرئاسة في 2014.
وحصلت مواد الدستور المعدلة وعددها 18 مادة على 339 صوتا من اصل 550 هم اعضاء البرلمان، اي اكثر بتسعة اصوات من اغلبية الثلاثة اخماس المطلوبة لطرح النص في استفتاء، مبدئيا في نيسان/ ابريل المقبل.
وبعد التصويت، قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إن “أمتنا ستقول الكلمة الاخيرة حول هذا الموضوع. ستعطي القرار النهائي”. واضاف أنه يجب أن “لا يشكك احد في أن أمتنا ستتخذ (…) القرار الامثل”.
وتقول الأغلبية إن جعل النظام رئاسيا امر أساسي لضمان استقرار رأس الدولة وسيسمح ببساطة بالاقتراب من الانظمة المطبقة في دول اخرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا.
واكد بن علي يلديريم ان المشروع سيعود بالفائدة على الجميع، ويسمح “بكسب الوقت” في ادارة البلاد.
وقال يلديريم في مقابلة مع التلفزيون الحكومي الجمعة “عندما تكون اقوى، يمكنك معالجة المشاكل بتصميم اكبر”. واضاف “لن يكون هناك اي ضعف في مكافحة الارهاب او معالجة القضايا الاقتصادية”.
وكتب وزير العدل التركي بكر بوزداغ على تويتر ان اقرار التعديل “فتح باب عصر جديد في تاريخ تركيا (…) وسيفتح بالكامل عندما تصوت امتنا (بنعم)” في الاستفتاء.
وهذا الانتصار الذي تحقق بعيد الساعة الرابعة (01,00 ت غ) صباح السبت تحقق بفضل تحالف بين حزب العدالة والتنمية الاسلامي المحافظ الحاكم وحزب الحركة القومية اليميني.
– “انتحار”
وتعتبر المعارضة ممثلة بحزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديموقراطي المناصر للاكراد التعديلات تأكيدا للنزعة الاستبدادية للرئيس.
وقال رئيس اتحاد نقابات محامي تركيا متين فيض اوغلو ان “الفصل بين السلطات سيلغى بالكامل وكل الصلاحيات ستتركز بيد شخص واحد بحجة احلال الاستقرار”. واضاف “لكن الاستقرار الدائم ليس ممكنا الا في ظل دولة القانون. هذا ليس اصلاحا بل انتحار والشعب لن ينتحر ابدا”.
وساد توتر شديد بين نواب مختلف الاحزاب في المناقشات التي جرت في البرلمان في الاسابيع الاخيرة.
وخلال مناقشة النص في قراءة اولى الاسبوع الماضي اصيب نائب بكسر في الانف بينما تعرض آخر للعض في ساقه خلال مواجهات عنيفة.
وفي وقت متأخر من الخميس اندلع تضارب بالايدي بعد ان قيدت النائبة آيلين نظلي آكا المعارضة لتعديل الدستور نفسها بمنبر المتحدثين تعبيرا عن احتجاجها في قاعة البرلمان. واصيبت نائبتان بجروح طفيفة ونقلتا الى المستشفى.
في الوقت نفسه، ذكرت وسائل اعلام تركية ان رجلا اطلق النار على سيارة للشرطة السبت في اسطنبول بعد ساعات على هجومين في المدينة على الشرطة والحزب الحاكم في تركيا.
– حالة الطوارئ
بموجب هذا التعديل الدستوري، يمكن لاردوغان نظريا ان يبقى في منصب الرئاسة حتى 2029 على الاقل، ويمكنه تعيين الوزراء واقالتهم وكذلك تعيين نائب او اكثر له.
وينص التعديل على الغاء منصب رئيس الوزراء للمرة الاولى منذ ان اسس مصطفى كمال اتاتورك تركيا الحديثة في 1923.
كما يمكن للرئيس التدخل بشكل مباشر في القضاء واصدار مراسيم.
وستجري الانتخابات التشريعية والرئاسية في وقت واحد. ويحدد النص موعد الاقتراع المقبل في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019.
وقالت ايما سنكلير ويب مديرة فرع تركيا لهيومن رايتس ووتش ان التعديل “يركز كل السلطات بيد الرئيس″. واضافت انه في مثل هذه الظروف، من المستحيل “اجراء مناقشة عامة فعالة في وسائل الاعلام حول التغييرات التي ادخلت” ولم يتم اطلاع الشعب بشكل صحيح على التفاصيل.
وتتهم المعارضة اردوغان باستغلال حالة الطوارئ المطبقة منذ محاولة الانقلاب التي حدثت في 15 تموز/ يوليو لاسكات اي صوت معارض، عبر حملة اعتقالات ووقف عن العمل وفصل شملت عشرات الالاف.
ويأتي هذا التصويت في اجواء غير مستقرة امنيا، اذ ان البلاد شهدت في الاشهر الاخيرة سلسلة هجمات اعلن المتمردون الاكراد مسؤوليتهم عنها أو نسبت إلى جهاديي تنظيم الدولة الاسلامية.
واثارت الاعتداءات مخاوف لدى السياح وساهمت في التباطؤ الاقتصادي وتراجع قيمة الليرة التركية امام الدولار الى مستويات قياسية.( ا ف ب)