أصبح الجميع يقتل في سوريا، وأصبح القتل عادة وسلوكاً يومياً يستهدف الأطفال والنساء ولا يميز، فالجيش النظامي التابع للنظام يقتل والجيش الحر يقتل والفصائل المختلفة سواء التي نشأت على الأرض السورية أو قامت من المعاناة لتكون مقاومة ومعارضة تقتل هي الأخرى كما ان الفصائل والمجموعات التكفيرية والارهابية التابعة لأكثر من جهة أو دولة أو منظمة او جهاز مخابرات تشارك في القتل في هذه الجهة أو تلك..جبهة النصرة تقتل، وحزب الله يقتل، المنظمات القديمة والتنظيمات القديمة للسلفيين والاخوان تقتل والتنظيمات الجديدة والناشئة تقتل هي الأخرى..والعنوان الآن في سوريا هو القتل والدمار ولا تسمع أي جهة لأخرى أو تنتظر ماذا يحدث ولا تراعي من حرمة شهر رمضان إلا ولاذته..
ويأتي تقرير رئيس لجنة التحقيق الدولية في انتهاكات حقوق الانسان في سوريا باولو بينيرو ليؤكد هذه الحقائق الماثلة على الأرض..ولكن بينيرو يساوي بين الجلاد (النظام) الذي تعامل مع السوريين بالعنف والقمع والقتل منذ جاء إلى الحكم حتى اليوم ومن خلال اذرعته العسكرية والأمنية وتحالفاته الاقليمية والدولية وبين الضحية وهي الشعب السوري الذي يعبر بعضه عن نفسه من خلال المعارضة والمقاومة وبعض الفصائل المسلحة وفي مقدمتها الجيش الحر..فهل يجوز أن تجري المساواة في التقرير الغامض والمسيس بين الجلاد والضحية؟ وإلى متى ستظل هذه التقارير التي بدأت تأخذ شكل ومضمون السياق الدولي الذي لم يعد يدعم المعارضة أو يسلحها كما كانت الوعود فقد انفض أكثر اصدقاء سوريا (الشعب السوري) عن الدعم العملي وتبخرت وعود تسليح المعارضة واصبح الانجليز والفرنسيون يتحدثون عن تراجع واضح ومباشر وكذلك الأميركيون وغيرهم وحتى في اطار الدعم المادي الآخر فقد تراجع ولم يعد هناك إلا الدعم الانساني للمشردين واللاجئين السوريين في الخارج وهذا الدعم أقل من المستوى المطلوب وأضعف من أن يواجه الكوارث المتزايدة التي تعصف بالشعب السوري..
هناك تواطؤ دولي ملموس ويجري الكشف عنه من خلال تصريحات رسمية لأطراف دولية متنفذة كانت ساعدت على زج الشعب السوري ومعارضته ومقاومته في اتون الصراع مع النظام الذي له تحالفات قوية دولية (روسيا والصين) في أبعاد سياسية وعسكرية واقتصادية وتحالفات اقليمية (ايران والعراق) في ابعاد الامداد العسكري واللوجستي وحتى في المقاتلين اضافة الى دخول حزب الله اللبناني على ساحة الصراع في سوريا ودخوله الى معارك واشتباكات في أكثر من موقع ومعركة وما زال هذا التدخل قائماً.. النظام في سوريا والذي لم يتصد له المجتمع الدولي بما يوقفه عن القتل وخوض المعارك ضد شعبه وتدمير البنية التحتية والاقتصادية السورية ما زال يجد مواقف صلبة من أنصاره وحلفائه في حين يضعف دعم المعارضة وخاصة من الأطراف العربية التي تعمل على استحياء وبدرجة لا تساعد على الحسم وتبقى المعادلة لصالح النظام حتى الآن رغم ضعف النظام السوري كما سجلت التقارير الدولية..
لماذا لا يجري دعم المعارضة؟ ولماذا يستعيد النظام السوري على ضعفه مواقع ومواقف ويجري إسماعه الشتم الدولي والتقارير الدولية في حين يواصل تأكيد نفوذه على الأرض..
التصريحات الأمريكية أن الأسد لا يحكم كل سوريا تشي بقبول ذلك ومعنى ذلك التقسيم اذا ارادت هذه القوى تحويل النظام إلى طعم لاصطياد سوريا واضعافها وهذا ما حدث وما يحدث ويصب لمصلحة اسرائيل التي لا تريد للأسد أن يسقط لاعتبارات لا مجال لذكرها..وحتى المبعوثون الدوليون الذين جاءوا لرصد الحالة السورية وتتبع الحقائق جاء أكثرهم من دول تؤيد النظام وجاءت تقاريرهم تساوي بين النظام الذي بدأ القتل وبين المعارضة التي أمضت في سلوك سلمي ستة أشهر قبل أن تستعمل السلاح..فالجنرال السوداني الذي ندبته الجامعة العربية والمبعوثون اللاحقون وأبرزهم الاخضر الابراهيمي وأخيراً باولو بينيرو في تقريره كلهم لم ينصفوا المعارضة وها هو النظام السوري يتهم التقرير الأخير بأنه كان مجافياً للحقائق رغم أن امساك العصا من المنتصف والذي بدأ يدمن عليه المجتمع الدولي لا ينصف الشعب السوري ويشجع النظام ويديم لعبة القتل والدوران في الحلقة الجهنمية..فإلى متى؟
alhattabsultan@gmail.com
سلطان الحطاب/إلى متى يستمر قتل السوريين؟
19
المقالة السابقة