عروبة الإخباري – يحق لأي مسرحي كان تقديم مقترحات إخراجية على المسرح من باب حرية الإبداع، لكن شريطة تقديم رسائل إنسانية، وبشكل فني يتناسب وطبيعة فضآتها، وبخاصة إذا كانت تنحو نحو الكوميديا، وإلا فإنها في حال جاءت هذه المقترحات ضمن باب (الضحك من أجل الضحك)، تغدو تهريجا كونها تخلو من فلسفة الكوميديا، هذا الشكل الراقي مسرحيا، منذ أن وجد المسرح.
في هذا السياق تقدم يوميا مسرحية «كَناس وناس»، ضمن المسرح الرمضاني في فندق انتر كونتننتال، من بطولة أحمد بدير، وتأليف أحمد الأبياري، وانتاج محمد قلعاوي، وتستمر عروضها حتى نهاية رمضان الجاري.
المشاهد واللوحات الأولى، جاءت أحداثها كعنصر ممهد لظهور حبكة المسرحية، وطرحت هذه الأحداث دخول شخصية (زبال)، إلى إحدى الشقق ليقابل فيها خطيبته وتعمل فيها (شغالة)، مستغليّن، غياب صاحب الشقة وزوجته، أثناء ذهابهما لإحدى دور عرض السينما، ولا تظهر الحبكة بمفاجئة عودة الزوجين من السينما مبكرا، وإنما بعد أن يرتدي الزوج البنطال الخاص بشخصية الزبال، في غرفة نومه، دونما أن يعي ما يفعل، في ظروف تتداخل فيها الأحداث، ويبدأ الزوج الذي يعمل طبيبا نسائيا بالشك في زوجته، لجهة إقامتها علاقة عاطفية مع شخصية الزبال، وهي بريئة تماما من هذه العلاقة.
عملية الشد بين الأحداث المسرحية، والمشاهدين، بدأت فعليا، بعد طرح المشاهد الفانتازية المتخيلة، عندما يعتقد الجميع بوجود (عفريت الماء) داخل هذه الشقة، ويبدأ الفعل المتأسس على التعبير العاطفي الداخلي للشخوص بالظهور، بفعل المفارقات الكوميدية، بينما في الفترات التي جاءت قبل ذلك، لم تستطع شخصية الزبال الرئيسة، التي يجسدها أحمد بدير، من إنقاذ العرض من الهبوط بفعل الرتابة والملل، لهيمنة الحوارات الثنائية والطويلة، على لغة التواصل، لذلك لم ينجح الافتعال في الحوار المصحوب بالموسيقى في منع الحورات الأخرى الجانبية التي برزت بين المشاهدين. إذْ خلت هذه الفترات من عناصر، الشحن والتوتر الدرامي، والشخوص الحية.
وأسهمت تصميمات الأزياء في رسم الشخوص خارجيا وبخاصة العلامات اللونية، لجهة التأشير الدلالي على وظيفتها الاجتماعية، كما وأسهم الصوت في التمهيد، والمشاركة بالأحداث، سواء بتوظيف الموسيقى، أو المؤثرات الصوتية، أو من حيث توظيف الأغنية في الأحداث، كأغنية كاظم الساهر، (يا أحلى امرأة بين نساء الكون حبيني).
وجسد الشخوص الأخرى، كل من أسامة قابيل (طبيب نسائي)، ورانيا كرم (الزوجة)، و إيمان السيد (شغالة).
مسرحية «كنّاس وناس».. ارتباك التواصل
14
المقالة السابقة