عروبة الإخباري – تنظم هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في سلطنة عمان غدا المؤتمر الدولي الرابع بعنوان “عمان في الصحافة العالمية” الذي سيقدم من خلال الدراسات والبحوث ستة محاور عن أهم الوثائق المتعلقة بالسلطنة في الصحافة العالمية التي تسعى إلى تحليل ومناقشة المضامين والصور التي قدمتها الصحافة العربية والعالمية عن عمان ودورها الحضاري في فترات تاريخية متعددة.
يأتي المؤتمر الذي يعقد بفندق جراند ميلينيوم بالخوير تحت رعاية معالي الدكتور عبد المنعم بن منصور الحسني وزير الإعلام انطلاقا من حرص هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية على إتاحة تلك الوثائق للجميع من خلال تشجيع البحوث والدراسات التي تنقب عن الحضارة العمانية ومكانتها العالمية من خلال ما كتبته ونقلته الصحافة العالمية، باعتبارها امتدادا طبيعيا لتراث وإرث وطني زاخر بالعطاء، وحاضر يرسمُ الأمل لمستقبلٍ واعد ويرفد المكتبة العمانية والدولية بالدراسات والبحوث التي تعاني من نقص في هذا الجانب.
وسيفتتح خلال المؤتمر المعرض الوثائقي السابع الذي سيحتوي على أكثر من 300 وثيقة مختلفة من الصحف والمجلات المحلية والعربية والأجنبية وأصول الصحف والمجلات، وسيضم اربعة أركان، يضم الركن الاول “عمان في الصحافة المحلية” ويستعرض أهم المقالات والصور في الصحافة المحلية التي نشرت أخبارا عن عمان، سواء الصحف الصادرة من السلطنة أو من زنجبار كجريدة الفلق، وجريدة النهضة، وتايمز اوف عمان، جريدة الوطن، جريدة عمان وغيرها من الجرائد، إضافة الى ركن “عمان في الصحافة العربية”، ويستعرض أهم الصحافة العربية التي نشرت مقالات عن عمان كمجلة المصور المصرية، ومجلة العربي الكويتية ومجلة صباح الخير المصرية وغيرها من الصحف والمجلات.
فيما يستعرض “ركن عمان في الصحافة الأجنبية”، أبرز وأهم الصحف والمجلات الأجنبية التي كتبت عن عمان ونشرت مقالات وصورا كمجلة ساينتفيك لأمريكان، وجريدة لونيفرسي لوستريه الفرنسية، ومجلة ذا ناشيونال جيوجرافيك البريطانية، ومجلة ذا ايست افريكان انيول، وجريدة دو فوياج الفرنسية، ومجلة الإخاء الإيرانية وغيرها من المجلات.
ويبرز الركن الرابع المقابلات التي اجريت مع حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ في مختلف الصحف والمجلات العالمية، كما يضم المعرض مجموعة متنوعة من اصول الصحف والمجلات وأبرز الصحف المحلية والعالمية التي تمتلكها الهيئة.
وتهدف الهيئة من خلال المؤتمر إلى دراسة أهمية الصحيفة باعتبارها وثيقة تاريخية والاستفادة من التجارب العالمية في كيفية اعتماد المحتوى الإعلامي كوثيقة تاريخية الى جانب دراسة صورة عمان وتطورها الحضاري في الصحافة العالمية واستعراض الوثائق والمحفوظات والاَثار العمانية في تلك الصحافة، كما تهدف الى تسليط الضوء على أهم الشخصيات والمشاهدات التي رصدتها الصحافة العالمية في السلطنة وتأصيل صورة عمان وتوثيقها من خلال الدراسات العلمية والصور الفوتوغرافية.
ومن منطلق إبراز الجوانب المضيئة من التاريخ العماني، تتوالى الإصدارات التي تعتمد على البحوث والدراسات العلمية الرصينة التي يقدمها أساتذة وباحثون متخصصون في المجالات الحضارية والتاريخية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تبرز المكنونات والشواهد التاريخية لعمان، حيث إن الكثير من المواضيع المتعلقة بتاريخ عمان لم تتم دراستها أو تناولها بالشكل التفصيلي سابقا، وهو ما يتيحه هذا المؤتمر الذي يستعين الكثير من أوراق عمله بوثائق الهيئة وكذلك بوثائق الأرشيفات الدولية.
وستقدم خلال المؤتمر على مدى يومين ٢٧ ورقة عمل حول ستة محاور بمشاركة عدد كبير من الأكاديميين والأساتذة والباحثين والمهتمين من عدد من الدول الى جانب السلطنة، حيث سيستعرض المحور الاول بعنوان “الصحافة والتاريخ .. علاقات التأثير والتأثر” مجموعة من أوراق العمل حول المحتوى الإعلامي باعتباره وثيقة تاريخية وعلاقات التأثير والتأثر بين الصحفيين والمؤرخين، فيما تتناول المحاور الخمسة الاخرى “عمان في الصحافة الخليجية، والعربية، والاَسيوية، والأفريقية، والأوروبية والأميركية”
وتشمل تحليل ودراسة الدور الحضاري العماني في الصحافة المختلفة الى جانب تحليل ودراسة المشاهدات الإنسانية التي رصدتها الصحف الدولية وتحليل ودراسة الصور الصحفية عن عمان.
وقال الدكتور محمد بن جمعة الخروصي مساعد العميد للشؤون الاكاديمية والبحث العلمي بكلية الرستاق للعلوم التطبيقية ان المؤتمر يشكل بمحاوره ومجالاته المتعددة والتي سيتطرق لها الباحثون والأكاديميون بالدراسة والتحليل والتمحيص أهمية بالغة لعدة اعتبارات منها ان الصحافة تعد إحدى الوسائل التي أسهمت وتسهم في توثيق التواصل والتعارف بين الشعوب والأمم، ولذا فإن إتاحة الفرصة للباحثين للاطلاع على ما كتبته الصحافة العالمية عن الإرث العماني بمختلف مجالاته ومقوماته سوف يسهم وبلا شك في بيان تاريخ عمان الناصع والزاخر بالعطاء، كما أن الصحيفة بغض النظر عن منشئها تعد وثيقة من وثائق الإعلام يتم من خلالها تدوين الأحداث وتسجيل الانطباعات حول قضايا أو سياسات أو مواضيع لتشكل فيما بعد تاريخا يتحدث عن بلد معين، ولذا فإن هذا المؤتمر سيكون لبنة هامة لمعرفة تاريخ عمان من خلال الصحافة العالمية.
واضاف في تصريح لوكالة الانباء العمانية إن الإعلام بمختلف وسائله وأنواعه كالصحافة يعد من الحقائق اليومية التي يتعامل معها الناس فهو شريك فاعل ومؤثر في مختلف القضايا الحياتية، مشيرا الى انه سيقدم خلال المؤتمر ورقة عمل تتحدث عن الصورة الذهنية للهوية العمانية في الصحافة الإنجليزية (١٨٧٥- ١٩٥٠) وهي تنطلق من مسلمة أن الصحافة باعتبارها إحدى وسائل الإعلام تسهم في التأثير على الرأي العام المحلي أو العالمي، كما تساعد في تشكيل وتكوين الصورة الذهنية، وفي التأثير على الوعي الإدراكي لدى الأفراد والشعوب بغض النظر عن توجهاتهم وانتماءاتهم الفكرية لتوجههم نحو الهدف المبتغى، كما تلعب الصحافة دورا في تكوين الانطباعات عن الدول وسياستها الداخلية والخارجية، وهو يمثل أحد أبرز أوجه الإعلام العالمي في التأثير على المتلقين.
واوضح ان هذه الورقة تأتي لتكشف عن التساؤل الرئيس كيف تنظر الصحافة الإنجليزية للهوية العمانية؟ وتركز بالتحليل على مجموعة من الصحف الإنجليزية الصادرة بين عام ١٨٧٥ وحتى عام ١٩٥٠ باعتبار أن عمان خلال تلك الفترة كانت لا تزال تعيش عهدها الذهبي وإن كان بدأ بالانحسار التدريجي، ومع ذلك كانت تلك الفترة مهمة في تشكيل معالم السياسة العمانية.
واشار الى ان الدراسة توصلت إلى أن الصحافة الإنجليزية تنظر للهوية العمانية نظرة إيجابية، كما أنها تنظر لعمان على أنه بلد يهتم بهويته الثقافية والدينية، ويمكن تقسيم المواضيع التي تناولتها عن الشأن العماني في مواضيع حول هجرة العمانيين لأفريقيا، والزعماء والسلاطين العمانيين ويشمل (الظهور السلطاني، استقبال الوفود الرسمية، الزيارات الأوروبية)، ومواضيع حول المعالم العمانية وتشمل (القلاع، الرمال،الصحراء، النباتات، الأبواب، الزينة واللباس، السفن والقوارب، الآبار والمياه). وأوصت الدراسة بإجراء مقارنة مع الصحف الإنجليزية في الفترة الحالية للتعرف إن كانت هذه النظرة قد تغيرت بمرور الزمن.
ولاتزال الصحافة وسيلة من وسائل المعرفة والتواصل بين الأمم وقد سجلت بين ثنايا صفحاتها ملامح الحياة الإنسانية من أحداث وتطورات وواكبت تقدم الدول والشعوب، كما سلطت الأضواء على ثقافات وحضارات مختلفة.
وانعكاسا لذلك الدور الحضاري الذي اضطلعت به الصحافة غدت المواد الصحفية المنشورة فيها مادة يستعين بها الباحثون والدارسون، للتعرف على التطورات التي مرت بها الأمم والشعوب، لذا فإن العلاقة بين الصحافة والتاريخ علاقة وثيقة، فالصحفي الذي كتب وسجل بقلمه أو آلات تصويره رسائل وصورا عن مشاهداته في مجتمع من المجتمعات، قدم للمؤرخين والباحثين مادة أو وثيقة تاريخية تزداد أهميتها كلما تقدمت في العمر خاصة عندما تصبح تلك المادة الصحفية مصدراً رئيسياً.
وقد استفادت السلطنة كغيرها من دول العالم من الجهود التي قدمتها الصحافة والصحفيون لمراحل تاريخية مختلفة وما ارتبط بها من أحداث وشخصيات، وتأتي رغبة الهيئة في مراجعة وتوثيق ما كتبته الصحافة العالمية عن السلطنة وما قدمته عنها من صور ودراسات كل ذلك بمنهج علمي رصين.