عروبة الإخباري – فيما اعتبر أعضاء في لجنة مراجعة الكتب المدرسية، التي شكلتها وزارة التربية والتعليم مؤخرا، أن هناك “تضخيما” في الحديث عن التعديلات التي جرت على المناهج الدراسية، شددوا على ان اللجنة “ستتعامل بعقل مفتوح مع جميع الملاحظات على الكتب الجديدة”، وانه “سيتم التراجع” عن اي خطأ إن ثبت وجوده.
اللجنة التي عقدت الاحد اولى اجتماعاتها، انبثقت عنها عدة لجان فرعية، تضم متخصصين في المباحث التي ستتم مراجعتها.
واكد اعضاء اللجنة انها “ستناقش المنهاج الجديد فقط، ولن تعمد إلى مقارنته بالنسخة القديمة”.
وأكدوا أن المناهج “يجب أن تتطور لتتماشى مع متطلبات العصر، فهناك مفاهيم يجب أن تبرز، ونربي أبناءنا عليها، مثل احترام الآخر وتقبل الرأي الآخر، وحرية الاعتقاد من دون الإخلال بالثوابت الأساسية التي ننطلق منها”.
وفي هذا الصدد قال عضو اللجنة، وزير الأوقاف السابق الدكتور هايل داود ، إن اللجنة اجتمعت قبل يومين مع نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات وزير التربية والتعليم الدكتور محمد الذنيبات، حيث تم فيه تسليم كتب التكليف بالعمل للجنة، بالإضافة إلى توضيح مهامها والدور المطلوب منها وآلية عملها، إلى جانب توزيع المباحث التي دونت حولها ملحوظات، وهي مباحث اللغة العربية، والتربية الإسلامية، والتربية الوطنية، والتاريخ، على أعضاء اللجنة بحسب تخصصاتها.
وتضم اللجنة في عضويتها، كلاً من الدكتور خالد الكركي، والدكتور هايل داود، والدكتور سلامة النعيمات، والدكتور محمود السرطاوي مشرفا لمبحث التربية الإسلامية، والدكتور عبد الكريم الحياري مشرفا لمبحث اللغة العربية، والدكتور فايز الربيع، والدكتور سليمان الدقور، والدكتور سمير قطامي، والدكتور موسى اشتيوي، والدكتور عليان الجالودي.
وبين داود أن اللجنة الموسعة اتفقت خلال اجتماعها على أن تلتقي كل لجنة فرعية منفردة حسب تخصصها وتدرس الملحوظات الواردة من الميدان حول المناهج والكتب الجديدة، ومدى دقتها وعلاقتها بالمنهاج الكلي بشكل عام، فضلا عن الاطلاع على المنهاج الجديد، وفي ضوء ذلك يتم عقد اجتماع آخر للجنة لدراسة ما توصلت إليه كل لجنة فرعية من ملحوظات.
وأوضح أن هذا لا يعني أن كل لجنة مسؤولة فقط عن اختصاصها، وإنما هي مسؤولية تشاركية بين الأعضاء، لكن “من أجل سرعة إنجاز العمل تم توزيع المهام على اللجان حسب تخصصها”.
وقال إن “المناهج الأردنية الحالية والسابقة تعد من أفضل المناهج، وهي مضرب المثل في إعداد الطلبة وتوجيههم والارتقاء بمستوياتهم، بالإضافة إلى أنها مطلوبة من عدة دول عربية لتدريسها في مدارسها”.
وأضاف ان “مناهجنا تعدها وتشرف عليها نخبة من المؤلفين والمشرفين، وتمتاز دائما بالوسطية والاعتدال والبعد عن التطرف”، مشيرا إلى أنها “تنسجم مع فلسفة الوزارة والثوابت الوطنية والدينية، وهي ثقافة راسخة ومستقرة لا تتغير بتغير وزير أو وزارة”.
وفيما يتعلق بحذف بعض الآيات القرانية من عدد من المناهج، قال داود: “لا أريد أن أستبق الحديث في هذا الأمر، بل ستنظر فيه اللجان المعنية، لكن وبشكل أولي، هناك تضخيم لهذا الموضوع، فكثيرون ممن يتحدثون في هذه القضايا لم يطلعوا بشكل حقيقي على المنهاج، وإنما تناقلوا بعض الأخبار والروايات والأمثلة”.
وقال: “نحن كلجنة نحترم جميع الآراء والتوجهات الموجودة، وسنتعامل مع الملاحظات الواردة بعقل منفتح وسندرسها بعناية، وإن وجدنا هناك ملاحظات في مكانها فالرجوع عن الخطأ فضيلة”.
ولفت إلى أن الكتب المدرسية “مطبوع عليها بأنها نسخة تجريبية، والوزارة تنتظر من الميدان التغذية الراجعة حولها، وقد تكون تلك الملاحظات صحيحة أو غير صحيحة، لكن جميعها ستخضع للفحص والدراسة”.
وقال إن اللجنة “ستدرس كافة الكتب التي تم طرحها هذا العام كمناهج جديد، بالإضافة إلى دراسة الملاحظات الواردة عليها، لكن المسألة ليست مقارنة طبعة قديمة بجديدة، لأن هذا منهاج جديد، وليست المسألة مجرد تعديل”.
وأضاف: “نحن نفترض أن المنهاج الذي قدم اليوم بصورته الحالية، بعيد عن المقارنات مع مناهج سابقة، فهل يتفق هذا الكتاب أو المنهاج مع فلسفتنا التربوية وثوابتنا الوطنية والدينية، فالمسألة تصبح سطحية عندما ننظر في صفحة معينة كانت فيها سورة كذا وأصبحت سورة كذا، أو تغير الموضوع في صفحة أخرى، فهذا منهاج متكامل وجديد، وليس مسألة ترقيع وتغير صفحات”.
وقال داود: “من بعض الملاحظات الواردة أنه تم حذف هذا الموضوع من هذا الصف، ليتبين أن هذا الدرس مكرر في صف آخر، وبالتالي هذا خطأ في الإعداد ويجب شطبه، وليس لأنه درس ديني أو قيمي، وإنما هو مكرر”، مؤكدا أن اللجنة “ستتعامل بعقل مفتوح مع جميع الملحوظات، بعيدا عن الاتهامية”.
من جانبه، قال عضو اللجنة المشرف على مبحث التربية الإسلامية الدكتور محمود السرطاوي، إن الاجتماع الذي عقد الأحد الماضي كان تنسيقيا لمعرفة ما تم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي من ملاحظات على المناهج الدراسية.
وأضاف السرطاوي، أنه تم تشكيل هذه اللجنة للنظر في الملاحظات الواردة حول المناهج لإبداء الرأي، لاسيما وأن بعض الملاحظات كتبت من أشخاص “غير تربويين”.
وأوضح أن “الوزارة تسعى لأخذ الأفضل والأصلح لأبنائها دوما، ولذا ارتأت أن المصلحة العامة تقتضي تشكيل لجان مؤلفة من عدة متخصصين كل في مجاله، وأطلعتهم على جميع الملاحظات التي وردت من الميدان، حيث وزعتها على اللجان لدراستها، وإذا تبينوا أن هذه الملاحظات محقة فإن الوزارة ستعمل على تعديلها، وإن كانت في غير محلها فعندئذ يجب أن يوضح للمجتمع أن هذه الملاحظات ليست صوابا، وبعضها قد يكون مغرضا، وبعضها قد يكون وضع من أناس غير تربويين، أو أنها لا تمثل قيما او اتجاهات، بل تتحدث عن مجرد ألفاظ وكلمات لا تخل بتلك القيم التي تضمنتها الكتب التربوية”.
ولفت السرطاوي إلى أن هذه اللجان انطلقت ليعمل كل منها في مجال تخصصه، لدراسة الملاحظات بشكل متأن وبدقة، وسيكون لها كلمة الفصل بالموضوع، متوخية مصلحة الطلبة والمجتمع.
وأشار إلى أن “التعليم الآن أصبح يعتمد على الكثير من الأنشطة والتفاعل بين المعلم والطلبة، وهذه هي الأمور الأساسية التي نتوخى عبرها الصالح العام وسماع قول الحق في هذا المجال”.
ولفت إلى أن اللجان المنبثقة عن اللجنة الأصلية تعمل بحرية كاملة في هذا الإطار، موضحا أن العملية ينبغي أن “لا تكون مقارنة بين المناهج، لأن عملية المقارنة ليست دقيقة، وليست النموذج الأساسي، ولو كانت الكتب القديمة كذلك فلا داعي لتأليف كتب جديدة”.
وحول القيم الأساسية، أكد السرطاوي أن الوزارة وضعت خطوطا عريضة صيغت من تربويين وأوكلت إلى مؤلفين لترجمتها في الكتب والدروس.
وقال إن الأمر “ليس مقارنة وإنما دراسة شمولية للمناهج، بمعنى أن بعض الأمور قد لا تكون مناسبة للفئة العمرية في صف معين فتم نقلها إلى صف آخر”، مشيرا إلى المناهج “يجب أن تتطور لتتماشى مع متطلبات العصر، فهناك مفاهيم يجب أن تبرز ونربي أبناءنا عليها، مثل احترام الآخر وتقبل الرأي الآخر، وحرية الاعتقاد من دون الإخلال بالثوابت الأساسية التي ننطلق منها”.
إلى ذلك، قال الدكتور سليمان الدقور، عضو اللجنة المشكلة لدراسة المناهج على صفحته على “فيس بوك”: “أعتقد أن الاجتماع الذي جرى أول من أمس للجنة المكلفة بمراجعة المناهج وتدقيقها قد وضعت فيه نفسها أمام استحقاق عظيم ستُسأل فيه أمام الله قبل كل شيء … وللأمانة فقد أبدى أعضاؤها وعيا ومسؤولية إيمانية وفكرية وثقافية ووطنية عالية”.
وأضاف الدقور: “الأمر الآن بيد هذه اللجنة وأقسامها المختصة لقراءة الكتب قراءة علمية تربوية، آخذين بعين الاعتبار كل الملحوظات الواردة … مع إعطائها كامل الثقة وتحميلها كامل المسؤولية في تقييم هذه الكتب وهذه الملحوظات… وأنا على ثقة تامة أن قيمنا وثقافتنا الإسلامية ستبقى ركيزة ومركوزة في مناهجنا”.
يذكر أن تشكيل هذه اللجنة، جاء عقب مطالب من نقابة المعلمين وأولياء أمور بإقالة وزير التربية والتعليم على خلفية التغييرات التي قالوا إنها “استهدفت القيم الدينية والثقافية للمجتمع”، متحديثن عن تقصد إزالة آيات قرآنية وأسماء ذات دلالة دينية”، حيث حفلت مواقع التواصل الاجتماعي بصور مأخوذة من المنهاج الجديد، ومقارنتها بالمنهاج القديم.
ودفع هذا الحراك مجموعة من المعلمين إلى إطلاق “الحملة الوطنية للدفاع عن المناهج المدرسية”، حيث نظمت فعالية أمام المسجد الحسيني وسط البلد عقب صلاة الجمعة الماضية، شارك فيها عدد من الهيئات التدريسية في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب طلبة وأولياء أمور.
وفي مقابل ذلك، زخرت مواقع التواصل الاجتماعي بالمدافعين عن قرار الوزارة بتغيير المناهج، حيث أشاد العديد من المتابعين بهذا التوجه، فيما نظمت مجموعة من المعلمين وأصحاب المدارس ومفكرون وخبراء حركة أطلقوا عليها اسم “نعم لتعديل المناهج”.
وقالوا في بيان أصدروه مؤخرا، إن “التعديلات الجزئية التي طرأت على الكتب المدرسية تعرضت إلى حملة تضليل وتشكيك، وتم ربطها بالحركة العلمانية والصهيونية والاستعمارية على أنها تحاول الهجوم على الدين الإسلامي وإزالته من عقول أبنائنا وبناتنا ومن قلوبهم ومن مناهجهم”.
وأضاف البيان: “تدارسنا عددا من الكتب الجديدة في اللغة العربية والتربية الوطنية والتربية الإسلامية والعلوم، ونعلن للمجتمع الأردني ونهيب به أن لا يخضع لحملة التجهيل والتضليل، وإن هذه التغييرات جاءت في معظمها إيجابية”.الغد